ساقت النيابة العامة في مرافعة الثلاثاء الماضي جملة من الأدلة بحق الناشط أسامة النجار التي تثير السخرية من بينها نشر عبارات على تويتر تمجد المعتقلين السياسيين في البلاد حد قول النيابة العامة.
وأسامة هو نجل المعتقل السياسي حسين النجار الذي يقضي حكم بالسجن 10 سنوات في سجن الرزين السياسي إلى جانب العشرات جرى الحكم عليهم في 2 يوليو/ تموز العام الماضي، واعتقل أسامة في 17مارس/آذار 2014م، وظل مخفياً في سجن سري ستة أشهر تعرض خلالها للتعذيب.
وتمنع وسائل الإعلام الدولية من حضور جلسة المحاكمة.
وسرد أحمد راشد الضنحاني المحامي العام لنيابة أمن الدولة -بحسب صحيفة البيان 29/10- الأدلة المادية والفنية التي قال أنها تؤكد: “عدة تهم منها الانضمام للتنظيم السري المنحل وإنشاء وإدارة موقع إلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي باسمه بقصد نشر أفكار ومعلومات غير صحيحة والسخرية والإضرار بسمعة وهيبة مؤسسات الدولة إلى جانب التواصل مع منظمات خارجية وتقديم معلومات غير صحيحة بوضع المدانين في قضية التنظيم السري ومعيشتهم في السجون.”
وجاء في الأدلة المادية أن المتهم قام بإجراء مكالمات مع أعضاء لجهات خارجية أجنبية، وانه أحد عناصر المنظمة إلى “تنظيم الإخوان المسلمين الإماراتي” يقصد جمعية الإصلاح ، وعضو سابق في كشافة الشارقة ويشغل عضوا في لجنة دعم أهالي المدانين في “التنظيم السري” أهالي المعتقلين السياسيين، ويقوم بنشر عبارات عبر حسابه الخاص، من شأنها الإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة ومؤسساتها.
وتقصد النيابة العامة أن المعتقل النجار تواصل مع منظمات دولية للتضامن مع والدة المعتقل، ولم تعرف أيضاً السبب أنه عضو في كشافة الشارقة التي قالت أنه استغل ذلك لانضمام الشبان إلى الجمعية الدعوية، وبالتأكيد أنه عضو في أهالي المعتقلين بصفته ابن أحدهم.
أما بشأن الأدلة الفنية في عبارات عبر حسابه على موقع تويتر وتضر بسمعة وهيبة الدولة فقد ذكرت النيابة العامة ثلاث تغريدات الأولى أعاد مشاركتها وتقول: (ستبقون أشرف وأنقى وأكرم من عرفنا وعايشنا، ولن نتخلى عنكم أحرار الإمارات، مهما قيل عنكم يا برنامج قضية وطن، بإذن الله جل جلاله وأرفق بالعبارة صورة لأشخاص) والصورة هي للمعتقلين السياسيين الذي فيهم والده. والتغريدة الثانية قالت النيابة العامة أنه نشر صورة الناشط محمد الزمر(19 عاما) وكتب عليها عبارة: “أصغر المعتقلين عمراً أنه بطل وشاب نشأ في طاعة الله”. والثالثة تقول النيابة العامة أنه نشر صورة لأشخاص آخرين كتب عليها أحرار الإمارات لن ننساكم فأنتم شموع تنير الدروب.
ولا يعرف بعد كيف تشوه سمعة الدولة ويقلق نظام الدولة مثل هذه التغريدات.
وقال الضحناني في أدلته: “احتواء الحاسب الآلي المحمول الذي يعود للمتهم على 7 مقاطع فيديو مصورة تضمنت موضوعات معنونة بالآتي (اضاءات نهضوية (1) مقدمة في فهم مشروع النهضة – اضاءات نهضوية (2) ماذا نريد؟ مرحلة اليقظة – اضاءات نهضوية (3) اجابة عن اسئلة الجمهور – اضاءات نهضوية (4) اجابة عن اسئلة الجمهور – اضاءات نهضوية (5) اجابة عن اسئلة الجمهور – الاتجاه المعاكس قدسية الحاكم العربي).
ومن الغرابة أن يأتي سياق الاتهام في دروس عن النهضة قدمها الدكتور جاسم السلطان قبل أربع سنوات –بدأت في أغسطس/ آب 2010، والتي تفسر كيفية النهضة في الدول اقتصادياً و اجتماعياً، وكيف يمكن خدمة رقي الدولة، وفيما يخص مقطع فيديو ل”قدسية الحاكم العربي- الاتجاه المعاكس” فهي حلقة نشرت قبل أربع سنوات على قناة الجزيرة، وليست معلومات تخص أمن الدولة جرى الاحتراز عليها.
وحجزت الاتحادية العليا قضية الناشط أسامة النجار إلى جلسة 25 نوفمبر المقبل للنطق بالحكم.
ويبلغ النجار من العمر 25 عاما، ويعمل مهندس و قبل اعتقاله بأيام قد علق على خطاب سلطان بن محمد القاسمي أمير الشارقة الذي قال ”يجب على عائلات المعتقلين أن تتوقف عن تشجيع أبناءها على كراهية بلادهم”، فرد النجار على الأمير بالقول” يا صاحب الجلالة نحن لا نكره بلادنا لكننا لن ننسى الظلم الذي تعرضنا له”، وكان الشاب قد غرد بعدد من التغريديات التي تبين سخطه من قرار سجن والده- حسبما ذكرت ذلك صحيفة ليموند الفرنسية متهمة جهاز أمن الدولة بتعذيبه.
ويحاكم الناشط أسامة النجار وفق قانون الجرائم الالكترونية سيء الصيت الذي صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني2012.
ويثير قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات قلق وانتقادات المعنيين بالدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، خاصة أنه يجرّم ما يعتبره كثيرون مجرد تعليقات ساخرة أو تبادل للمعلومات أو نكت بريئة.
واستخدم حتى الآن استخدم لحد الآن من أجل تضييق الخناق على الإماراتيين الذين يتحدون طريقة معاملة النشطاء السياسيين في البلاد.
وقالت المحامية البريطانية الدولية المتخصصة في قضايا الإنترنت إميلي تيلور في تصريح صحافي سابق إن الإمارات تجرم تبادل المعلومات عبر الانترنت حول استغلال الأطفال أو ما يتعلق بالإرهاب وهو توجه معتمد في مختلف أنحاء العالم بحسبها، لكنها أردفت قائلة “إذا كان اعتماد مسألة الأمن من منظور أمن النظام بدل أمن الأفراد فإن القوانين قد تستخدم من قبل الدولة ضد معارضة سلمية وشرعية”.
وحكم بالسجن سنتين ودفع غرامة مالية وصلت إلى 136 ألف دولار على الناشط وليد الشحي لأنه شكك في حسابه على موقع تويتر في محاكمة 94 شخصا بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، الذين يعتقد أن دعوتهم للإصلاح الديموقراطي كانت سبب اعتقالهم.
وحكم على الأميركي شيزان قاسم بالسجن سنة وغرامة 2700 دولار أميركي والترحيل من البلاد يناير الماضي بتهمة نشر فيديو “مدرسة السطوة للفنون القتالية” الساخر على موقع يوتيوب. ثم جرى مؤخراً، و وصف نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد الحكم بـ”الغلطة”!.
وقد سبق للاتحاد الأوروبي أن انتقد ما وصفه بـ”التحرش” و”تقييد حرية التعبير” فضلا عن “الحبس غير الشرعي” لنشطاء إماراتيين يطالبون بالديموقراطية.
كما قضت محكمة أمن الدولة ،ديسمبر الماضي، بالسجن ثلاث سنوات على الناشط الإماراتي محمد الزمر (19 عاماً) وغرامة نصف مليون درهم بتهمه إنشاء مدونة الكترونية وإهانة رئيس الدولة وولي العهد. رغم إنكاره للتهمة. بموجب ذات القانون.
وفي نفس القضية حكمت بالسجن غيابياً على الناشط عبدالرحمن باجبير بالسجن خمس سنوات بتهمه إدارة مدونتين على موقع تويتر بقصد الإضرار بالمحكمة العليا.
وقال المحامي الدولي المتخصص في الدفاع عن حرية التعبير والشفافية مايكل كارانيكولاس في تصريحات سابقة إن أكثر ما يثير القلق في القانون الإماراتي هو أنه يسمح بسجن أي شخص يدعو إلى تغيير طريقة تسيير البلاد، مشيرا إلى أن هذا البند لا يجرم المعارضة الشرعية فحسب بل يجرمها بطريقة قاسية، على حد تعبيره.
وأضاف كارانيكولاس، الذي يشغل أيضا منصب المسؤول القانوني في مركز القانون والديموقراطية، ومقره في كندا، أن القانون مليء بعدة مشاكل تشمل منع كل ما قد يعتبر مهينا للدولة أو مسؤوليها، ومنع الكشف عن مواد دون تصريح، أو نشر أي مواد تعتبرها السلطة غير أخلاقية.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد قالت إن قانون جرائم الإنترنت في الإمارات يؤدي إلى إغلاق المنفذ الوحيد الباقي في الإمارات للتعبير عن الرأي “بحرية”، مضيفة أن القرار يهدد حرية النشطاء السلميين والمواطنين الإماراتيين على حد سواء.
وأوضحت المنظمة على موقعها الإلكتروني أن الأثر الأساسي للقانون هو التقييد الشديد لحقوق حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع.
وانتقد تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان لعام 2012 وضع حرية الانترنت في الإمارات وتحدث عن ممارسات تعتمدها السلطات مثل مراقبة مواقع التواصل والدردشة وتجريم اعتماد الانترنت لـ”انتهاك المعايير السياسية والاجتماعية والدينية المتعارف عليها في المجتمع”.
ايماسك