في 28 تشرين الأول/أكتوبر، علّقت محكمة بحرينية أنشطة “جمعية الوفاق”، جماعة المعارضة الشيعية الرئيسية في الجزيرة، لمدة ثلاثة أشهر. ويأتي القرار قبل أسابيع فقط من موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر لها في 22 تشرين الثاني/نوفمبر – على الرغم من أن “جمعية الوفاق” ليست – بالمعنى الدقيق للكلمة – حزب سياسي. وكانت “الجمعية” قد أعلنت بالفعل عن مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على عدم إحراز تقدم في مباحثات الإصلاح السياسي التي تجريها مع الحكومة التي يتزعمها السنة، وعلى ترسيم الدوائر الانتخابية من جانب واحد.
وكان المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي في الائتلاف العالمي لمكافحة «الدولة الإسلامية في العراق والشام»/«داعش»، (التي تعرف أيضاً باسم تنظيم «الدولة الإسلامية»)، الجنرال جون ألين، موجوداً بالصدفة على ما يبدو في الجزيرة في 28 تشرين الأول/أكتوبر، للاجتماع مع وزير الخارجية البحريني وقائد “قوة دفاع البحرين”، التي تساهم بطائرات F-16S التي تشن ضربات ضد الجماعة الجهادية في سوريا. ورافق الجنرال ألين، نائب الأدميرال جون ميلر قائد الأسطول الخامس الأمريكي الذي مقره في البحرين – وهي القوة التي تضم حاملة طائرات يتم منها شن ضربات ضد «داعش»، فضلاً عن السفن التي تطلق صواريخ كروز على أهداف تنظيم «الدولة الإسلامية».
ومنذ الحملة التي شنتها الحكومة ضد المتظاهرين في عام 2011 والاستقالة الجماعية اللاحقة من قبل البرلمانيين من “جماعة الوفاق”، حاولت واشنطن تعزيز المصالحة السياسية في الجزيرة. إلا أن الجهود الأمريكية تعثرت من قبل المتشددين في العائلة الحاكمة السنية، الذين يعتقدون أن الأغلبية الشيعية تتعاطف مع إيران ويترددون في الموافقة على منح تنازلات مرضية لهم. وكان قرار المحكمة الصادر في الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر يتعلق بدعوى رفعتها الحكومة هذا الصيف، بعد أن أغضب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل توم مالينوفسكي، الملك حمد بسبب لقائه مع أعضاء “جمعية الوفاق” قبل اجتماعه مع المسؤولين الحكوميين خلال زيارة قام بها إلى البحرين في تموز/يوليو المنصرم. وقد طُرد مالينوفسكي من الجزيرة، مما أسفر عن وقوع أزمة دبلوماسية. وعلى الرغم من تحقيق مصالحة من نوع ما عندما التقى مالينوفسكي مع وزير الخارجية البحريني في نيويورك في الشهر الماضي، إلا أن زيارته إلى الجزيرة التي كان قد خطط لها في الأسبوع الماضي، لم تخرج إلى حيز التنفيذ بتاتاً.
وحالياً، يبدو أن قائد “قوة دفاع البحرين” الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة ومتشددين آخرين في العائلة المالكة قد تغلبوا على واشنطن، ليس من خلال تهميش “جماعة الوفاق” فحسب، بل أفراد الأسرة الحاكمة أيضاً الذين يدعمون الإصلاح، مثل ولي العهد الأمير سلمان، النجل الأكبر للعاهل البحريني الذي درس في الولايات المتحدة. ومن بواعث القلق أيضاً أن البحرين تشير على ما يبدو إلى أنها تريد الإبتعاد بعض الشئ عن تحالفها الوثيق السابق مع واشنطن. وقبل أسبوعين، على سبيل المثال، التقى الملك حمد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي الروسي، وفي الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، بدأ الطيران الوطني في البحرين يوفر رحلات جوية جديدة إلى موسكو.
ومن جانبها، وصفت “جمعية الوفاق” قرار الثامن والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر “غير منطقي وغير مسؤول”، وتعهدت بـ “مواصلة النضال من أجل التحول الديمقراطي والعدالة.” ويقال أن الجماعة تأمل الآن في حدوث تدخل دبلوماسي من قبل أصحاب المصلحة الدوليين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا – القوة الاستعمارية السابقة – من أجل منع اتخاذ المزيد من الإجراءات الحكومية. وعلى الرغم من الحظر [الذي فُرض على أنشطتها]، تستمر “الجمعية” في التخطيط لإجراء انتخابات للقيادة الداخلية في أوائل كانون الأول/ديسمبر، من بينها منصب الأمين العام الذي هو المسؤول الأعلى في “جمعية الوفاق” – والذي يشغله حالياً الشيخ علي سلمان، المحتقر من قبل المتشددين في العائلة المالكة.
وعلى الرغم من أن واشنطن تولي حالياً أولوية قصوى للحملة ضد «داعش»، إلا أنه يتوجب أن يسعفها الوقت أيضاً لكي تذكّر الحكومة البحرينية بأن استبعاد “الوفاق” من العملية السياسية يواجه مخاطر دعم الجماعات الشيعية الأخرى الأكثر تشدداً. وقد خلصت هذه الجماعات بالفعل إلى نتيجة مفادها أن التقدم السياسي داخل النظام الحالي أمر مستحيل، وأخذت تدعم الاحتجاجات العنيفة داخل الجزيرة منذ بعض الوقت. إن جارة البحرين وحليفتها، المملكة العربية السعودية، تحتاجان إلى فهم الرسالة نفسها المتعلقة بالطائفة الشيعية الخاصة بكل منهما. وأخيراً، قد يحتاج المسؤولون الأمريكيون أن يشرحوا بأن أي محاولة من جانب البحرين لسحب التزامها العام للتحالف المضاد لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» سينعكس سلباً على مكانتها الدبلوماسية.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.