بث المحامي السعودي إسحاق بن علي بن صالح راجح الجيزاني، بيانًا موثقًا بالفيديو، تحت عنوان “صرخة العدالة”، يكشف فيه أن آل سعود غير جادين في إرساء العدل أو مكافحة الفساد، مؤكدًا أن نظامهم يقوم على ذلك لأنه يفتقر للمساواة بين أبناء الشعب، معلنًا اضطراره إلى مغادرة المملكة نظرًا للتضييقات التي يتعرض لها في عمله والتهديدات المباشرة وغير المباشرة.
وقال في بيانه: إن ما سأقوم به من بث حلقات بعد هذا البيان من كشف للظلم الذي شاهدته واقعًا في بلدنا على الأفراد وعلى الشريعة الإسلامية هو أمر مكفول لي شرعًا ونظامًا وفق الكتاب والسنة والنظام الاساسي للحكم والانظمة الاجرائية المعمول بها في البلاد، مشيرًا إلى أن الحكومة لم ولن تسمح له أو لغيره بكشف هذا الفساد لأنه سياسة متبعة لضمان استمرارية النظام الفاسد، على غرار النهج الذي اتبعه النظام المِصري في إفساد موظفي الدولة وتعيين المفسدين في مواقع حساسة، لينجح في إعادة نفسه وترتيب صفوفه.
وأشار “الجيزاني” إلى أن أبناء آل سعود يولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهب، فيتمتعون بمخصصات مالية بلا عمل، وألقابٍ بلا علم أو أثر، ألقابٌ- ما أنزل الله بها من سلطان- تحصنهم من حكم القانون و تميزهم عن باقي ابناء الشعب، هذا جزءٌ من ظلمهم وعنصريتهم وتفرقتهم التي شجعوا عليها منذ توليهم مقاليد الحكم فأججوا الطائفية وأحيوا النعرات القبلية والمناطقية.
ولفت إلى أن وزير العدل يجمع بين السلطتين التنفيذية والقضائية في آن واحد، في مخالفة صريحة للنظام الاساسي للحكم والمبادئ المستقرة، مشيرًا إلى أنه لا يريد أن يلقي نفس مصير من سبقوه من المحامين والحقوقيين المعتقلين كالمحامي الشيخ سليمان الرشودي، والمحامي محمد البجادي والدكتور سعود الهاشمي، والحقوقي وليد أبوالخير، والدكتور محمد القحطاني، والدكتور عبدالله الحامد وغيرهم كثر، أو كمصير المحامين الأحرار الثلاثة الدكتور عبدالرحمن الصبيحي والشيخ عبدالرحمن الرميح وبندر النقيثان، الذين نكل بهم مؤخرًا لانتقاد يسير وجه لوزير العدل.
وأوضح أن مأخذهم على وزير العدل كان بطء تنفيذ المشاريع التي يعلن عنها، وعدم وفائه بالوعود الكثيرة التي أطلقها في وسائل الإعلام المختلفة وتنكيله بخيرة القضاة.
وقال “الجيزاني”: إن فساد العدالة وآل سعود يعد إخلالًا متعمدًا بميزان العدالة، ويحصل دونما إنكار من المفتي أو هيئة كبار العلماء أو بقية المشايخ الذين فصّلوا أحكام الدين الحنيف بما يُؤمرون، فلم يؤدوا الأمانة أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر ونصحَا و إنكارًا لهذا الباطلُ والظلم، فسكتوا و الساكت عن الحق شيطان أخرس والساكت عن الظلم مشارك فيه.
وأشار إلى أن علماء البلاط أساءوا استخدام الدين وأجرموا في حقه أيما إجرام بتشويه أحكامه وأولوياته، وفصلوا دينًا يرضي ملوكهم، فجعلوا مجاهدة الكفار أولى، والصحيح أن أولى الجهاد وأعظمه مجاهدة السلطان الجائر بكلمة الحق والعدل.
ويرى أنه لا جدية ولا جدوى ولا نية حقيقية في مكافحة هذا الفساد ما لم يكن هناك إصلاح جذري لرأس السلطةِ والنظام، يتمثل هذا الإصلاح في ملكية دستورية تُقلص فيها صلاحيات الملك المطلقة بمجلس نواب منتخب- بالكامل- يمثل الشعب، تُفصل فيها السُلطات الثلاث القضائية والتنظيمية والتنفيذية عن بعضها البعض، وسن القوانين التي تعزز الشفافية اللازمة لتحصين تلك السلطات من أوبئة الفساد، وإسنادها بحرية الرأي في الصحافة كسلطة رابعة تساهم في فضح تلك الأوبئة ومحاربتها، والسماح بتشكيل النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين، وتهذيب المحاكم بهيئة محلفين، وبتسجيل جلساتها لضبط تجاوزات القضاة على المتقاضين، والحد من مزاجيتهم التي تنعكس سلبًا على العدالة.
وطالب “الجيزاني” باسقاط الألقاب عن الأمراء ومن ألحق بهم، ووقف مخصصاتهم المالية التي هي من قبيل أكل أموال الناس بالباطل دونما وجه حق، وتحويل قصورهم إلى مدارسٍ ومشافٍ ومقار لوزارات الدولة وإداراتها بدلًا من المباني المستأجرة، وليكن لهم ما للمواطنين من المنح السكنية التي تعطى لهم دونما وجه حق أو مستحق.
يشار إلى أنه ظهرت في الآونة الأخيرة عدد من القضايا المُتهم فيها قضاة وكتاب عدل، تتعلق غالبيتها بـ”تزوير صكوك أراضٍ”، بلغ حجم بعضها ملايين الأمتار المربعة، إضافة إلى “تلقي رشاوى”، وهو ما يؤكد وجود فساد داخل نظام القضاء السعودي.
واستحوذت مناطق غرب المملكة، خصوصًا محافظة جدة على غالبية هذه القضايا، التي لا يزال بعضها منظورًا في مرافق عدلية.
يذكر أن 11 موظفًا في محكمة المدينة المنورة ومسؤولين ومحاميًا شهيرًا يواجهون تهمًا تشمل التزوير والرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي، وقامت هيئة الرقابة والتحقيق بإحالة قاضي محكمة المدينة المنورة الشهير بـ”قاضي الجني” للمحاكمة، بعد أن وجهت له عدة تهم بينها الاستيلاء على 600 مليون ريال، وشمل الاتهام 36 متهمًا آخرين.
فضلًا عن تهم الفساد الموجهة لبعض القضاة السعوديين، فيواجه القضاء السعودي اتهامات بموالاته للسلطات السعودية وإصداره أحكامًا قضائية من شأنها أن تحمي ملك آل سعود، حيث أصدر القضاء السعودي أواخر العام الماضي، حكمًا بالسجن أربع سنوات وبالجلد 300 جلدة بحق الناشط عمر السعيد بسبب مطالبته بملكية دستورية في السعودية، وذلك مع العلم بأن السعيد هو رابع عضو في جمعية “الحقوق المدنية والسياسية” في السعودية يسجن هذا العام.
وكانت منظمة العفو الدولية قد نددت بـ”الارتفاع المقلق” في الإعدامات في المملكة، حيث ترتفع أعداد الذين نفذ بهم حكم الإعدام في المملكة منذ بداية السنة إلى 33، بينهم عدد من الأجانب، وفق تعداد أجرته وكالة فرانس برس.
يذكر أنّ النظام القضائي في المملكة تدعي السعودية أنه قائم على أساس الشريعة وهو نظام غير مقنن ولا يعتمد على السوابق. والقضاة لديهم صلاحيات واسعة في إصدار الأحكام وفرض العقوبات وفقًا لتفسيراتهم الشخصية للنصوص الإسلامية.