أثار تقرير لجريدة «صنداي تلغراف» البريطانية الأسبوع الماضي جدلاً واسعاً على الانترنت بعد أن أورد معلومات تنشر لأول مرة عن إجراءات تعتزم حكومة ديفيد كاميرون اتخاذها ضد جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن التقرير فتح باب التساؤل عن مصداقية التقرير والصحيفة ليتبين ان الجريدة استندت في معلوماتها على مصدر رئيسي سرعان ما نفى المنسوب إليه، كما نفى صحة الوصف الذي أوردته به الصحيفة.
وتعتبر جريدة «التلغراف»، بعددها اليومي «دايلي تلغراف» والأسبوعي «صنداي تلغراف» واحدة من الصحف المحسوبة على اليمين في بريطانيا، كما إنها مقربة من حزب المحافظين الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وعمدة لندن بوريس جونسون، وهو ما أعطى للتقرير زخماً أكبر وأهمية استثنائية.
وكشف التقرير ان الحكومة البريطانية ستبدأ حملة أمنية قريباً ضد جماعة الإخوان المسلمين، في بريطانيا ستطال شبكة كبيرة من المؤسسات التابعة لإسلاميين، وتضم أكثر من 60 منظمة خيرية ومركز دراسات، إضافة إلى محطات تلفزيونية تعمل من لندن وتروج لأفكار متطرفة داخل بريطانيا وفي العالم العربي.
وجاءت معلومات التقرير مستندة لنتائج التحقيقات التي بدأتها الحكومة البريطانية في مطلع أبريل الماضي للتأكد مما إذا كانت لندن قد تحولت فعلاً إلى مركز للإخوان أم لا، وما إذا كان الإخوان متورطين في أعمال إرهابية، وكذلك إنْ كان ثمة ارتباط بين الإخوان وبين الفكر الجهادي والتكفيري الذي ينتشر بصورة مقلقة بين الشباب المسلمين داخل بريطانيا، إلا ان التحقيق الذي كان من المفترض ان تظهر نتائجه في شهر يوليو الماضي تأخر ولم يتم الانتهاء منه ولا الإعلان عنه حتى الآن.
واستند تقرير «صنداي تلغراف» في جانب كبير من معلوماته لمصدر وصفه بأنه «يعمل في إعداد التقرير النهائي الذي يتضمن نتائج التحقيق الحكومي البريطاني»، وهو الأكاديمي الدكتور لورينزو فيدينو الذي نفى أن تكون له علاقة بكتابة التقرير أو بالتحقيقات التي تجريها الحكومة البريطانية، ناسفاً بذلك المعلومات التي جاءت في الصحيفة، بينما التزمت «صنداي تلغراف» بالسكوت إزاء النفي الذي صدر عن الرجل.
ونقل موقع «ميدل إيست آي» الإخباري البريطاني في لندن النفي على لسان فيدينو، فيما رفضت الصحيفة التعليق على الموضوع للموقع الذي اتصل وطلب إيضاحات بشأن التقرير.
وتعرض التقرير الصحافي ذاته يوم الأحد الماضي بالإضافة إلى تقارير أخرى في أعداد سابقة إلى دولة قطر محاولا ربطها بالإرهاب وتمويله، كما تبين أن الصحافي ذاته الذي نشر التقرير كان قد كتب سبع مرات خلال أقل من أسبوعين تقارير ومقالات من شأنها الإساءة لدولة قطر وربطها بالإرهاب، وهو ما فتح الباب أمام مزيد من التساؤلات.
وبحسب «ميدل ايست آي»، فإن لورينزو على علاقة وثيقة بمركز المسبار الذي نشر كتابين على الأقل له، وهو المركز الذي يتخذ من دولة الإمارات مقرا له، ويرأسه الإعلامي السعودي تركي الدخيل المقرب من ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كما أفاد الموقع البريطاني.
وبالمعلومات التي نشرها موقع «ميدل إيست آي» الإخباري تثور الشكوك حول سلسلة المقالات والتقارير التي نشرتها جريدة «صنداي تلغراف» خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتي استهدفت فيها دولة قطر وجماعة الإخوان، وحاولت ربطهما بتنظيم القاعدة وبالمجموعات التي تمارس العنف في ليبيا.
ولاحقاً، عندما نشرته جريدة «صنداي تلغراف» أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بياناً نفت فيه المعلومات التي أوردتها الصحيفة جملة وتفصيلاً، وقالت إن التحقيقات التي أجرتها الحكومة البريطانية حول نشاطات الجماعة وعلاقتها بـ»الإرهاب» أثبتت ان لا صلة أو علاقة للجماعة بها.
وبحسب بيان الإخوان، فقد «تم إبلاغ المحامين الذين يمثلون الجماعة بأن التحقيق الذي أمر بإجرائه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول أنشطة الجماعة قد أثبت عدم وجود أي صلات للإخوان المسلمين بأي أعمال إرهابية».
وأضاف أن «فريق التقرير لم يقدم حتى الآن أي مزاعم إلى الفريق القانوني لجماعة الإخوان المسلمين تدل على انه يعتبر الجماعة مصدراً للقلق».
وقال بيان الإخوان إن ما نشرته جريدة «صنداي تلغراف» يوم الأحد 19 أكتوبر «ليس سوى محاولة لتشويه سمعة الجماعة وربطها بالتطرف»، مشيرة إلى إنه «قد ثبت أن الكثير مما ورد في تقرير التلغراف غير دقيق ومضلل».
ووصف الإخوان هذه التسريبات بأنها «محاولة لإجبار الجهات المعنية على التراجع عن نتائج التقرير الأصلية وتلطيخ اسم الجماعة وأعضائها المقيمين في المملكة المتحدة».
“القدس العربي”