لا مكان، على ما يبدو، للملحدين في المجتمع السعودي. هذا على الأقل ما يتضح من القانون الذي تم نشره قبل نصف عام في المملكة والذي ينص، بشكل غير مباشر، على أن من يُنكر وجود الذات الإلهية فهو يُعتبر إرهابيًا. يحاول، نتيجة ذلك، الملحدون السعوديون تفادي الوقوع فيما يسمونها عملية “اصطياد الساحرات” التي تشنها السلطات السعودية ضدهم. إن تم كشف أمرهم فلا شك بأنهم سيخسرون أعمالهم وعائلاتهم وسيسجنون وسيُعذبون وحتى أن يُشنقوا.
الإلحاد بالنسبة للكثير من السعوديين هو أمر أشد خطورة من الإيمان بدين آخر. يدعي رجال دين سُنة في السعودية أن الإلحاد يؤدي إلى حياة ماجنة وفاسقة، وتؤدي إلى الجشع والتعلق بالحياة المادية وإلى تصرفات غير أخلاقية وبنهاية الأمر – إلى جهنم. تصف وسائل الإعلام السعودية الملحدين على أنهم يشكلون تهديدًا وجوديًا وخطيرًا على المجتمع.
أجرى مُلحد في الـ 20 من العمر، والذي طلب عدم كشف شخصيته، مقابلة مع موقع Your Middle East وأتاح لنا إلقاء نظرة نادرة على حياة الملحدين في دولته. هو خريج جامعة سعودية معروفة. سابقًا كان متدينًا وكان يشارك بدروس القرآن ولا يستمع للموسيقى. ولكنه تغيّر في السنوات الأخيرة من وجوده في المدرسة:
“وجدت أن هناك توجيهات وقوانين دينية لا معنى لها أبدًا لهذا بدأت بطرح أسئلة عن تفاصيل صغيرة، مثل لماذا تُعتبر الموسيقى شيئًا مُحرمًا ولماذا على النساء إخفاء وجوههن. بدأت أقرأ عن الطريقة التي تم فيها جمع التشريعات الإسلامية… وبعد حين بدأت أؤمن أن الدين هو بدعة ابتدعها الإنسان لمواجهة الواقع وفرض النظام”.
نستعين بالفيس بوك وتويتر
عندما سُئل إن كانت أفكاره قد جعلته يصبح معزولاً أجاب الشاب بثقة: “من خلال تجربتي، كان ذلك سهلاً للغاية: مجموعة أصدقاء من المدرسة كنت مُقربًا منهم تركوا الدين الإسلامي معي”. موقعا فيس بوك وتويتر، حسب كلامه، ساعداه على إيجاد الأشخاص المهتمين هم أيضًا بالأفكار العلمانية. قال إن هناك الكثيرين أمثاله في السعودية وإنهم يعقدون لقاءات في مدن مختلفة:
“تفاجأت عندما التقيت أشخاصًا بالغين في الأربعينات والخمسينات من العمر يخفون حقيقة أنهم ملحدون منذ عقود. قالوا إنه مؤخرًا فقط، مع الجيل الشاب، جيل العشرينات، وجدوا المزيد من الأشخاص الذين يفكرون مثلهم وأمكنهم أن يجدوا مجموعة اجتماعيّة يمكنهم من خلالها التحدث ومناقشة أفكارهم”.
يتظاهر ذلك الشاب الملحد، حين يكون وسط عائلته، بإيمانه بالإسلام. هذا محبط، حسب كلامه، لأنه في كل يوم جمعة يتظاهر أنه ذاهب ليصلي في المسجد ولكنه في الواقع يبقى جالسًا في سيارته، خارج أحد المقاهي، مُنتظرًا انتهاء وقت الصلاة. وتحدث ملحد آخر للموقع ذاته قائلاً إنه محظوظ لأن عائلته تُقيم في منطقة أُخرى من السعودية.
لا شك أن حقيقة كون السعودية دولة، دينية تُطبق نهجًا صارمًا من مناهج الإسلام، هو أمر مخيف للملحدين وهم متشائمون بخصوص المستقبل. قال أحدهم: “أشعر إنني وُلدت في المكان الخطأ”. إلا أنه قد تحدث تغييرات في المجتمع السعودي نتيجة عوامل مختلفة مثل ارتفاع نسبة البطالة، الانفجار السكاني وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي. لذا، قد تصبح الدولة مكانًا فيه حرية أكثر وفيه تسامح وتقبل أكثر لوجهات النظر المختلفة”.
تم نشر المقالة لأول مرة في موقع ميدل نيوز