احتجاجات متواصلة تتضخم يوما بعد آخر في مدن شرق المملكة العربية السعودية منذ أسبوع تقريبا بعد إصدار حكم بالإعدام ضد الزعيم الشيعي الشيخ نمر النمر.
احتجاجات متواصلة
في شوارع بلدة العوامية مسقط رأس النمر بمحافظة القطيف شرق السعودية تجمع محتجون مرددين شعارات تطالب بإطلاق سراحه وتدعو المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف حكم الإعدام الذي يعتبر باطلا وجاء على خلفية انتقامية من المعارضين لنظام آل سعود.
وأُدين النمر بالعديد من التهم، بما في ذلك عصيان الملك، والدعوة لانهيار الدولة، وتم الحكم عليه بالقتل تعزيرًا، وهذا ما يعني إعدامه ليرتفع عدد من تم إعدامهم خلال العام الجاري إلى 59 شخصًا .
معظم المتظاهرين خرجوا ملثمين يستغشون ثيابهم خوفا من ملاحقة السلطات لهم ، ونددوا بـ “الحكم الجائر الذي صدر من القضاء السعودي”، واصفين نظام حكم آل سعود بأنه نظام ديكتاتوري، مؤكدين عدم تخليهم عن “النضال ضد الظلم” والدعوة إلى وضع حد للقيود الدينية” وبالطبع فقد رصدت قوات الأمن هذه التجمعات.
وكانت هناك احتجاجات متفرقة في المنطقة الشرقية الشيعية لسنوات عديدة، لكنها ازدادت بشكل كبير مع بداية انتفاضات الربيع العربي عام 2011، وكانت تلك الاحتجاجات غالبًا ما تتحول إلى صدامات عنيفة مع قوات الأمن.
وكان “النمر” زعيما رئيسيا في تلك الاحتجاجات، وكان معروفا بخطاباته التي تدعو لإسقاط النظام الملكي لآل سعود، وبمساواة الشيعة بالسنة في المملكة، واعتُقل في يونيو 2012 بعد أن تم إطلاق النار عليه وجرحه بواسطة رجال الشرطة.
انتفاضة ضد الديكتاتورية
ويقول الناشط السعودي حمزة الحسن: ” إن السعودية تشهد انتفاضة بدأت للتو وسوف يعجل إعدام النمر بسقوط الديكتاتورية ورحيلها عن البلاد”، مضيفا أنه منطقيا فإنه لا ينبغي لدولة أن تقوم بتصرف ضد مصالحها، فالجميع يعلم أن عملية إعدام النمر ستؤثر بشكل مباشر على مصالح النظام السعودي. فضلا عن أن الوضع الإقليمي أيضا لا يسير في اتجاه مصالح الرياض، والتطورات المستجدة في الدول المحيطة بالسعودية لا تؤدي إلا إلى تقويض المصالح العليا للدولة.
ويتوقع مراقبون أنه سيتم تنفيذ إعدام النمر، مستندين في ذلك إلى أن النظام السعودي لا يُعمل عقله في مثل هذه القضايا وإنما يتصرف وفق إيدولوجية قادته الذين يخاطبون من خلالها عاطفة الجماعات السلفية وشيوخها.
غير أنه إذا نُفذ الحكم فسوف تستمر الاحتجاجات في المنطقة الشرقية بالسعودية، وسوف تتصاعد بسرعة مما سيتسبب في وقوع حالات قتل واعتقال تزيد من زعزعة الاستقرار شرقي المملكة التي يقطنها كثير من الشيعة.
ويضيف حمزة الحسن: ” إنه في الواقع فإن الظام السعودي يبدو أنه يتملق “الوهابيين المتطرفين” لأنهم الفئة التي تدعمه والتي ساهمت في تأسيس ملكه رغم أن نسبتهم بين الشعب السعودي تتراوح بين 20 إلى 25٪ “. حسب قوله.
ويؤكد الناشط السعودي أن إعدام النمر سينتهي بأزمة أمنية خطيرة جدا في شرق المملكة العربية السعودية واشتعال انتفاضة حقيقية. وهناك أسباب أخرى ستساعد في إشعال الانتفاضة ومنها أن السعودية ليست دولة متجانسة، حيث تتكون من عدة أقاليم مختلفة في تركيبتها السكانية والمذهبية، كما أن هناك الآلاف من السجناء السياسيين في سجون النظام السعودي.
فشل نظام آل سعود
وهناك أسباب عديدة أخرى تعمل على تأجيج الغضب لدى السعوديين، منها فشل النظام في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل وتوزيع السلع الأساسية.
والأسوأ من ذلك، هو فشله في السياسة الخارجية، فقد بات العالم ينظر إلى السعودية بأنها أكبر مصدر “للإرهابيين”. فضلا عن فشلها في إدارة ملفات سوريا والعراق. ويبدو أن الرياض تنظر إلى حكم إعدام النمر بأنه رسالة تقول: إنه لا يزال قويا، ولكن لا أحد ينخدع بتلك القرارات بعدما أصبح النظام في الرياض في موقفه الأكثر ضعفا منذ نشأته، ويظهر القلق والخوف على قراراته وأفعاله.
المصدر : موقع راديو إيران باللغة الفرنسية
ترجمة وعرض: محمد بدوي