قال خبراء سياسيون جزائريون أن الإمارات تسعي لإفشال المبادرة الجزائرية للحوار بين الليبيين، وتفضل منهج الحرب ودعم قوات اللواء المنشق «حفتر» بالتعاون مع مصر للقضاء علي الإسلاميين في ليبيا وإجهاض الثورة الليبية كما فعلت في مصر واليمن وتحاول في تونس.
وقال رئيس مركز «الرائد للدراسات» في الجزائر، «سليمان شنين» أن زيارة «محمد بن زايد آل نهيان» نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبو ظبي إلى الجزائر كانت تستهدف أساسا التأثير على المبادرة الجزائرية في الحوار المزمع عقده في الجزائر بين الأشقاء الليبيين، وخاصة بعد الدعم الأمريكي والغربي والدولي للمبادرة الجزائرية.
وذكر «شنين» في تصريحات نشرتها صحيفة «الرائد» الجزائرية، أنه قد يكون للإمارات الدور الرئيس في إفشال المبادرة الجزائرية في ليبيا بسبب ما تعتبرها أنها دعوة للإسلاميين المتشددين، وأشار إلى أنه ولهذا حرصت وسائط كثيرة بما فيها وفد الامارات على إقناع الجزائر بإبعاد الإسلاميين الذين لا ترضي عنهم الإمارات، وخاصة الإخوان المسلمين وجناح بلحاج المسيطر على أكثر من نصف طرابلس.
وكشف «شنين» النقاب عن أن الطرح الإماراتي مبدئيا مرفوض جزائريا، وقال: «الجزائر ترى أن الحل يجب ألا يستثني أحدا إلا من أقصى نفسه، ولهذا كانت الجهود الجزائرية تعمل على الحرص على أن يأتي الجميع إلى طاولة الحوار، رغم وجود تصريحات من أطراف محسوبة على المجموعة الإقليمية التي تضم الامارات ومصر بأن الدعوات لم تصل، ورغم أن هؤلاء تلقوا ضمانات من طرف الامين العام للأمم المتحدة أثناء زيارته الاخيرة إلى طرابلس، هذه الزيارة التي أمّنت من طرف القوى التي ترفض الإمارات أن تدعى للجزائر».
وأضاف: «لست ممن يتحدث عن الأحجام السياسية، واعتبر أن أبو ظبي يمكن أن تعيد حساباتها في المعادلة الدولية، وبدل أن تقوم بنفس الفلسفة وهي محاولة الانتقام من الإخوان المسلمين بعد مسرحية المحاكمة، التي أجريت لبعض الإسلاميين في الإمارات، والتي اتهموا فيها بمحاولة الانقلاب على الإمارة والشيوخ، وهي تعرف جيدا أن العناصر التي حوكمت براء من كل الاتهامات، ألا أنها منذ تلك اللحظة أعلنت حربا لا هوادة فيها على كل من له صلة بالإخوان المسلمين، بما فيها موضوع المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة «حماس».
وأشار «شنين» إلى أن الرئيس الجزائري يقدر للإمارات مواقفها سواء السابقة أو الحالية، لكنه قال: «حكمة الرئيس الجزائري ترفض طرحهم في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الأمة العربية، ولا أعتقد أنه يعطي التعليمات بالتجاوب، رغم أنهم شركاء في بعض الخطط، بل هم من داعمي “تحول الدولة المدنية” على حد تعبير عمار سعداني».
وقال أن الموضوع الليبي يدخل ضمن المصالح الاستراتيجية والأمن القومي المباشر، الذي ترفض الجزائر أن تمارس عليها أي ضغوط فيه، فبالأمس القريب رفضت ضغوط الناتو واليوم أكيد أنها سوف لن تتجاوب مع طلبات الصديق الإماراتي، على حد تعبيره.
وقد أبدى وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمضان العمامرة، تفاؤلا بشأن تقدم المبادرة الجزائرية لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا، معتبرا أن المناخ المحيط بهذا الملف تغير منذ أن أعلنت الجزائر عن نيتها القيام بوساطة بين مختلف فرقاء الأزمة.
كما دعا عضو الأمانة العامة لاتحاد العلماء المسلمين الدكتور «علي محمد الصلابي» كل الفرقاء الليبيين وكل الأطراف المعنية بالشأن الليبي إلى العمل من أجل وقف إراقة الدماء والاجتماع على كلمة سواء تمكن من تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية والحوار.
وأعرب «الصلابي» عن أمله في أن تكون المبادرة الجزائرية، التي تسعى للتقريب بين الفرقاء الليبيين وجمعهم مدخلا مناسبا للحوار المؤدي إلى الاستقرار في ليبيا، وقال: «ليس هنالك بديل عن الحوار في ليبيا من أجل وقف نزيف الدم وضمان إنهاء المرحلة الانتقالية وصولا لتأسيس دولة العدل والقانون والتداول السلمي على السلطة.
وأعتقد أن المبادرة الجزائرية التي تسعى للملمة الفرقاء الليبيين تمثل مدخلا مناسبا لجمع الليبيين، لا سيما وأنها تؤكد المرة تلو المرة أنها لن تستثني أحدا، وإن كنت أعتقد أن إرادة الليبيين هي الأساس في أي مصالحة مطلوبة».
ودعا «الصلابي» أصدقاء الشعب الليبي إلى عدم التدخل المباشر في الصراع الدائر بين الفرقاء الليبيين إلى جانب هذا الفريق أو ذاك، وقال: «أدعو كل المحبين لليبيا والحادبين على المصلحة الوطنية فيها والراغبين في مساعدتها على تحقيق الانتقال الديمقراطي السلمي، أن لا يتدخلوا في الصراع الداخلي إلى جانب هذا الطرف أو ذاك، وأن يكونوا محايدين ودافعين باتجاه التوافق الذي يعلي المصلحة الوطنية العليا لليبيا ويسهم في تحقيق أمنها واستقرارها».
المصدر | الخليج الجديد