لا غروَ أن تغضب قيادة الإمارات من تصريحات جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، أمام طلبة جامعة هارفارد في الثاني من أكتوبر الجاري. كان بايدن يجيب على سؤالٍ حول الحرب في سوريا، خلال حديثه في كلية جون كنيدي للإدارة الحكومية، قائلًا: “مشكلتنا الأكبر هي حلفاؤنا”، واستطرد في شرح كيف أن الأتراك والسعوديين والإماراتيين كانوا أيضًا عازمين على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وأنهم يخوضون في الأساس “حربًا بالوكالة بين السنة والشيعة”، وأنهم يوفرون مئات الملايين من الدولارات، وآلاف الأطنان من الأسلحة، لأي شخص يقاتل ضد بشار”. أي أنهم يوفرون المال والسلاح بدون قصد لجبهة النصرة والقاعدة وغيرهم من المتطرفين.
كانت الإمارات غاضبة بما يكفي للإعراب علنًا عن “دهشتها” من تصريحات بايدن، وأصدر وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش بيانًا في 4 أكتوبر، طالب فيه بـ”توضيح رسمي” لتصريح نائب الرئيس الأمريكي، الذي وصفه بأنه سلبي وغير دقيق. وقد كان أن حصلت أبو ظبي على اعتذارٍ، عبر اتصالٍ من بايدن يوم الخامس من أكتوبر بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، معربًا عن أسفه على “أي آثار ترتبت على تصريحاته الأخيرة، التي أسيء فهمها على أنها تعني أن الإمارات دعمت نمو بعض المنظمات الإرهابية في المنطقة”.
وبالمثل حصلت السعودية وتركيا على اعتذار، عبر اتصالين هاتفيين أجراهما بايدن مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل. وبدوره رحب البيت الأبيض؛ على أمل أن يحدّ هذا الاعتراف بالخطأ من الأضرار التي لحقت بالعلاقات التي كانت جزءًا رئيسيًا من محاولات الولايات المتحدة لتبرير عملياتها العسكرية ضد مسلحي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
ومن غير المحتمل أن تتضرر العلاقات الأمريكية-الإماراتية، لكن الدولة الخليجية أنفقت ملايين الدولارات في محاولة لبناء سمعتها باعتبارها صاحبة تفكير مستقبلي، وصديقًا يعتمد عليه للولايات المتحدة، واتهامها من قبل مسؤول كبير بمساعدة الإرهابيين سوف يتسبب في ضرر كبير، لا سيما وأن بايدن لم يتطرق إلى منافستها قطر، التي كانت أبو ظبي حريصة على تصويرها كالخروف الأسود في مجلس التعاون الخليجي.
وربما أيضًا أثارت تصريحات بايدن الكثير من الذعر في أروقة بعض شركات العلاقات العامة الكثيرة في واشنطن، والتي تدفع لها الإمارات بسخاء لتحسين سمعتها، ولضمان أن مثل هذه التقييمات السلبية لا تصل إلى آذان العامة.
ومن بين هذه الشركات التي تعمد عليها دولة الإمارات العربية المتحدة:
* Adam Friedman Associates
تعاقد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية- حكوميّ التمويل- مع هذه الشركة التي مقرها نيويورك في عام 2013؛ لتتولى مهمة تسهيل عقد سلسلة من المحاضرات، وإقامة شراكات مع جامعات أمريكية، وبناء تواجد إعلامي واسع داخل الولايات المتحدة. وفي المقابل تلقت 783.252 دولارًا خلال ستة أشهر حتى 31 مارس، حسبما تُظهَر وثائق قدمت لوزارة العدل.
* Akin Gump Strauss Hauer & Feld
تتعاون هذه الشركة، التي لديها أيضًا مكتب في أبو ظبي، مع السفارة الإماراتية في واشنطن منذ منتصف عام 2007؛ لتقديم المشورة بشأن قضايا تشمل ضوابط التصدير والعقوبات والتجارة وحقوق الإنسان وسياسات الولايات المتحدة الخارجية والدفاعية. ووفقا للوثائق التي قُدِّمت لوزارة العدل، شملت اختصاصتها “تعزيز الاعتراف بالإمارات كشريك أمنيّ مقدَّر”، ومساعدتها في توسيع اتصالاتها مع أبرز أعضاء وموظفي الكونجرس.
وفي مقابل جهودها تلقت الشركة 903.139 دولارًا خلال عامٍ، حتى 30 يونيو 2014؛ أي قرابة 75 ألف دولار شهريًا. وتظهر السجلات اتصالات مكثفة مع المسؤولين في وزارة التجارة، ومجلسي الأمن القومي والشيوخ؛ لمناقشة العلاقات الثنائية والتجارة بين أمريكا والإمارات، فضلًا عن مخاوف أكثر تحديدًا مثل المساعدات العسكرية إلى مصر، واقتراح وزارة الأمن القومي الأمريكية بإنشاء مكتب للتخليص الجمركي المسبق في الإمارات.
كما عملت الشركة لصالح هيئة دبي للطيران المدني وحكومة دبي في عام 2010، وتلقت ما يزيد على 270 ألف دولار مقابل تقديم المشورة والتواصل مع المسؤولين الأمريكيين بخصوص تحقيق مكافحة احتكار النقل الجوي.
* Brunswick Group
وقع جهاز أبو ظبي للاستثمار، وهو صندوق سياسي حكومي، عقدًا مع مجموعة برونزيك (التي لديها مكاتب في دبي وأبو ظبي) منذ عام 2009، وحصلت المجموعة على 187.439 دولارًا خلال ستة أشهر، حتى 31 يناير؛ مقابل أعمال تضمنت مقابلة صحفيين بالنيابة عن الحكومة الإماراتية. وفي عام 2010، وقعت المجموعة عقدًا مع دائرة المالية لإمارة أبو ظبي، لرصد التغطية الإعلامية وتقديم المشورة بشأن استراتيجيات الاتصالات والصورة العامة، بقيمة 300 ألف دولار شهريًا. ورغم انتهاء العقد في نوفمبر هذا العام، تلقت برونزيك خمسة ملايين دولار من دبي، خلال الستة أشهر.
* DLA Piper
تعاقدت سفارة الإمارات في واشنطن مع شركة المحاماة الدولية دي إل ايه بايبر في ديسمبر 2008؛ لتقديم خدمات من بينها التواصل مع وسائل الإعلام والمسؤولين في الكونجرس الأمريكي والسلطة التنفيذية. ووفقًا للملفات المقدمة لوزارة العدل، تلقت الشركة من السفارة 111.250 ألف دولار خلال 6 أشهر حتى 30 سبتمبر.
وسبق أن عملت الشركة لإنجاز مهام مماثلة لصالح المجلس التنفيذي لإمارة دبي، ما بين مارس ونوفمبر 2008؛ حيث مثّلت بورصة دبي عامي 2007-2008 في استثماراتها مع بورصة ناسداك، وقدمت دعمًا قانونيًا لحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم وأخيه حمدان في الفترة ما بين 2006 و2008، بشأن دعوى قضائية أمريكية (تتهمهما وآخرين باستخدام أطفال في سباقات الهجن).
ووقعت الإمارات عقودًا حكومية، منذ وقت مبكر من عام 1998 بقيمة 500 ألف دولار سنويًا، مع شركة الضغط الأمريكية Verner Liipfert Bernhard McPherson and Hand، التي اندمجت مع دي ال ايه في عام 2002. كما تعاقدت المنامة أيضًا مع دي ال ايه بايبر في مايو 2014 لرفع مستوى دعم البحرين، التي رصدت الوثائق استخدامها الواسع لشركات العلاقات العامة.
* Glover Park Group
حصلت المجموعة على 30 ألف دولار بموجب تعاقد مع جهاز أبو ظبي للاستثمار منذ ديسمبر 2010؛ مقابل الرصد وتقديم المشورة بشأن قضايا السياسات الأمريكية، ومساعدة الجهاز في بناء علاقات مع صناع السياسة و”قادة الفكر” في واشنطن. وتُظهِر أحدث الوثائق المقدمة لوزارة العدل أنها تلقت 214.276 دولارًا من الجهاز خلال ستة أشهر حتى 31 يوليو.
كما قدمت “جلوفر” استشارات لشركة دبي لصناعات الطيران تتعلق بلجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، واستحواذ شركة دبي على “لاند مارك أفياشن”، مقابل 250 ألف دولار خلال ستة أشهر في عام 2007. المثير للاهتمام أن مصر، الحليف الوثيق للإمارات، وقعت في أكتوبر 2013، اتفاقًا للاستشارات بقيمة 3 ملايين دولار سنويًا (250 ألف دولار شهريا) مع “جلوفر”، طلبت بموجبة تقديم مشورة بشأن الاتصالات والعلاقات الحكومية.
* Harbour Group
تعتبر مجموعة هاربور أكبر متعاقد مع السفارة الإماراتية في واشنطن، منذ عام 2009، بعقدٍ بدأ برسوم شهرية تُحسَب بالساعة، ووصلت قيمته إلى 5 ملايين دولار سنويًا. وتنص المهمة على “تنفيذ برنامج دبلوماسية عامة بالنيابة عن الإمارات”، وهذا يشمل بذل جهود للتأثير على سياسة الولايات المتحدة والوصول إلى صناع القرار والإعلام، كما تعمل المجموعة على موقع السفارة الإلكتروني وصفحتيها على تويتر وفيسبوك. وخلال ستة أشهر، حتى 14 مارس، دفعت الإمارات 2.58 مليون دولار مقابل خدمات تضمنت الرصد اليومي لوسائل الإعلام الأمريكية، وتحديد مواعيد اجتماعات لموظفي السفارة مع رجال أعمال وإعلام وأكاديميين ومجموعات السياسة العامة. واعتادت هاربور العمل مع جهاز الشؤون التنفيذية لإمارة أبو ظبي، لكن منذ عام 2009 يبدو أنها بدأت التعامل فقط مع السفارة.
* Hill + Knowlton Strategies
عملت هيل آند نولتون لصالح العديد من الشركات الحكومية خلال السنوات الأخيرة. ومنذ ديسمبر 2009 وحتى مارس 2010، استأجرتها شركة مصدر (وهي مملوكة بالكامل لشركة مبادلة للتنمية المملوكة لحكومة أبو ظبي)؛ لتقديم استشارات علاقات عامة للشركة وتعزيز دورها. ومنذ أغسطس إلى ديسمبر 2009، عملت لصالح “تو فور 54″، المملوكة بالكامل للمنطقة الإعلامية في أبوظبي. ومنذ 2006 حتى نهاية 2007 قدمت خدمات علاقات عامة إلى نادي دبي للصحافة “لتحسين فهم دبي على الصعيد العالمي” (من خلال through Hill + Knowlton UK). وفي عام 2006 عملت لفترة وجيزة لصالح انشكيب للخدمات الملاحية، المملوكة بالكامل لشركة “استثمار” التابعة لإمارة دبي.
وعلى الصعيد الفردي، عملت هيل آند نولتون في واشنطن لصالح زوجة محمد بن راشد آل مكتوم، الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين، منذ عام 2009، وحصلت مؤخرًا على 25 ألف دولار شهريًا، بالإضافة إلى مصاريف مساعدة الأميرة في العلاقات الإعلامية المتعلقة بعملها الإنساني والخيري والتطوعي.
* Karv Communications
كانت كارف، التي تتخذ من نيوروك مقرًا لها، تعمل لصالح إمارة رأس الخيمة منذ عام 2013؛ لتقديم المشورة المتعلقة بالشؤون العامة لحكومة الشيخ سعود بن صقر القاسمي، والوصول إلى المستثمرين المحتملين، والإشراف على تطوير موقع www.rakinfo.ae، حيث تحاول رأس الخيمة تعزيز مكانتها الدولية. وفي الفترة ما بين مارس 2013 ونهاية أبريل 2014، تلقت كارف 599.740 ألف دولار مقابل عملها، أي متوسط 46 ألف دولار شهريًا.
* Kemp Goldberg Partners
انخرطت كيمب جولدبرج، ومقرها بورتلاند، في سبتمبر للقيام ببعض الأعمال لصالح السفارة الإماراتية في واشنطن من خلال مجموعة هاربور المذكورة آنفًا. وسوف تتلقى الشركة 180 ألف دولار مقابل تقديم خدمات تتضمن التفكير الإستراتيجي، وتصميم وتطوير موقع إلكتروني، والقيام بحملة لصالح السفارة.
المصدر : جالف ستاتس نيوز
ترجمة: علاء البشبيشي
شؤون خليجية