سياسة الكماشة، هكذا أطلق المحللون على التحرك الإيراني في المنطقة العربية، فمع التمدد الحوثي في اليمن باتجاه الحدود السعودية، تحاول الجماعة الشيعية إحكام السيطرة على المنطقة من أجل إثارة البلبلة في الداخل السعودي.
ويجمع إيران بالسعودية عداوة كبيرة، إذ تعد الأخيرة أكبر الدول السنية التي تعارض التمدد الشيعي في المنطقة، وتتصدى للمخطط الصفوي الإيراني، واستطاعت المملكة السعودية حتى الآن وأد التقدم الشيعي في البحرين، وبحسب الخبراء أصبحت المملكة هدفا رئيسا للشيعة بعد اليمن، الأمر الذي يفسر محاولات جماعة أنصار الحوثي السيطرة على المدن اليمنية على الحدود السعودية.
وكشفت صحيفة الشارع اليمنية أن مسلحي جماعة أنصار الله الحوثيين انسحبوا من منفذ الطوال الحدودي مع السعودية الواقع في محافظة حجة شمال اليمن بعد تهديدات سعودية بغلق المنفذ إذا سيطرت الجماعة عليه.
وذكرت الصحيفة أن السلطات السعودية أبلغت السلطات اليمنية، بأنها ستغلق المنفذ الذي يعد أهم منفذ حدودي مع السعودية، إذا سيطر الحوثيون عليه، ما أدى إلى قيامهم بسحب مسلحيهم من المنفذ بعد السيطرة عليه لعدة أيام.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في منفذ الطوال، أن إغلاق المنفذ يعنى إيقاف حركة المرور البري بين اليمن والسعودية، بما في ذلك حركة نقل البضائع والمسافرين، مما يشل الحركة في الجانب اليمنى ويعرضها لخسائر كبيرة.
الحوثيون والسعودية
وكان قد سيطر مسلحون حوثيون على منفذ الطوال الحدودي في محافظة حجة على الحدود الشمالية لليمن مع السعودية.
وأكد مصدر يمني، في تصريحات صحفية، سيطرة مسلحي جماعة الحوثيين على منفذ الطوال الحدودي مع المملكة العربية السعودية ومنطقة الوَقَاع في مديرية حرَض بمحافظة حجة على الحدود الشمالية لليمن مع المملكة.
وبحسب المصدر، كان المسلحون الحوثيون طالبوا مدير الجمارك في المنفذ ومدير فرع البنك المركزي اليمني في دائرة الجمارك يوم الخميس الماضي، بعدم توريد العائدات المالية مركزيا إلى العاصمة صنعاء، وإبقائها في الجمرك حتى إشعار آخر.
وتعهد للمدير العام لحرس الحدود السعودي اللواء عواد البلوي بالتصدي “لكل من يفكر في العبث بأمن الوطن”، مؤكدا أن الحدود الجنوبية للممكلة سواء البرية أو البحرية آمنة.
يذكر أن محافظة حجة تقع فى شمال غرب اليمن، وهى مجاورة لمحافظة صعدة معقل جماعة أنصار الله الحوثيين، ولهذا فإن نفوذ الجماعة كبير هناك، ولها حدود برية وبحرية مع السعودية
من جهتها، جددت السعودية دعوتها لليمنيين بجميع أطيافهم إلى الحرص على عدم المساس بالشرعية وعدم خدمة مصالح من لا يريد خيراً لليمن وشعبه.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام ، عبد العزيز بن محيي الدين خوجة ، في بيانه عقب جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم الاثنين، في قصر السلام بجدة أن مجلس الوزراء “عبر عن الأسف للأحداث الأمنية في الجمهورية اليمنية”.
وبين أن المجلس “جدد الدعوة للأشقاء في اليمن بجميع أطيافهم السياسية والمذهبية إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الضيقة والحرص على عدم المساس بالشرعية وعدم خدمة مصالح من لا يريد خيراً لليمن الشقيق وشعبه”.
توسع مستمر
وتواصل جماعة “أنصار الله”، تقدمها في مناطق جنوب اليمن، بعد استيلائها على العاصمة صنعاء، وقبلها محافظة “عمران”، شمالي البلاد، ثم ميناء الحُديدة، المطل على البحر الأحمر، وبذلك أصبح بإمكان الحركة الحصول على إمدادات بالسلاح عن طريق البحر.
ويسعى الحوثيون إلى السيطرة أيضًا على تعز، وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد العاصمة صنعاء.
وبدأت ميليشيات الحوثيين هجمات أيضًا على مدينة البيضاء الواقعة تحت سيطرة تنظيم “أنصار الشريعة”، التابع لتنظيم القاعدة، في حين تقوم طائرات أمريكية بلا طيار بشن غارات مستمرة على المدينة.
وتستمر الاشتباكات بين مقاتلي تنظيم “أنصار الشريعة”، والحوثيين منذ الليلة الماضية في المدينة. وأعلن التنظيم أن الحوثيين مستهدفين في جميع المناطق، وأنه سيشنّ هجمات عليهم في العاصمة صنعاء.
ومنذ 21 سبتمبر الماضي، تسيطر جماعة الحوثي الشيعية بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية في صنعاء، ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية إيران، بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية، جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران.
ورغم توقيع الحوثيين اتفاق “السلم والشراكة” مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وتوقيعها على الملحق الأمني الخاص بالاتفاق، والذي يقضي في أهم بنوده بسحب مسلحيها من صنعاء، يواصل الحوثيون تحركاتهم الميدانية ويدخل مسلحي الجماعة عددا من المحافظات والمدن اليمنية خلاف العاصمة صنعاء.
مخطط شيعي
وبدوره، قال الدكتور يسري محمد الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تمدد أنصار الحوثي باليمن في المنطقة القريبة من السعودية، مخطط مقصود رسمته إيران للجماعة الشيعية، مؤكدا أن هناك هدفا شيعيا لإحداث توترات في الداخل السعودي.
وتابع الخبير السياسي، أن التدخل السعودي في البحرين ومنع سيطرة الشيعة عليها، بالإضافة إلى وزن المملكة السعودية في الخليج العربي، واعتبارها أكثر الدول التي تحارب المخطط الصفوي الإيراني، جعل منها هدفا تحاول إيران الوصول إليه.
وأكد يسري أن إيران بمساعدة الجماعة الحوثية تحاول لعب سياسة “الكماشة” على المملكة السعودية، وذلك من خلال إحاطة المملكة بميليشيات شيعية بداية من سوريا والعراق حتى اليمن، ثم إثارة شيعة السعودية ضد الحكم، ﻹحداث البلبلة والتدخل في الشأن السعودي، مؤكدا أن هذا المخطط الشيعي الصفوي ماض في طريقه دون أي محاولات ﻹيقافه.
وائل مجدي