يقبع في سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي المئات من المعتقلين السياسيين الذين يحملون العديد من الجنسيات المختلفة، وأغلبهم من الإمارات ودول الربيع العربي، وقال تقرير أعدته منظمة (ريبريف) البريطانية: إن 75 في المائة من السجناء في دولة الإمارات العربية المتحدة شهدوا بعضًا من أشكال التعذيب أو سوء المعاملة عند إلقاء القبض عليهم، بما في ذلك التهديد بالعنف الجسدي.
وفي تقرير نشره مركز الإمارات للدراسات والإعلام (ايماسك)، فإن عدد المعتقلين الذين مازالوا يقبعون في السجون الرسمية والسرية يبلغ في إحصائية دقيقة 204 معتقلين يحملون 13 جنسية، وهي (الإمارات، مصر، ليبيا، اليمن، قطر، تركيا، سوريا، فلسطين، لبنان، الأردن، تونس، جزر القمر، الجزائر)، فيما تفوق حالات الاعتقال منذ 2012 وحتى أكتوبر 2014، 500 حالة اعتقال.
وجاء الناشطون الإماراتيون أولًا بواقع 108 معتقلين، بينهم 79 من النشطاء المطالبين بالإصلاحات السياسية، وشنت السلطات عليهم حملات متعاقبة منذ 2012، وجرى الحكم على 69 في أحكام سياسية فجّة تتعلق بحرية الرأي والتعبير في البلاد، فيما ينتظر عشرة آخرون محاكمتهمن فيما تجري محاكمة واحد فقط منهم وهو الناشط أسامة النجار.
وجميع هؤلاء المعتقلين أكدوا أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيقات، فيما يقبع 23 سلفيًا بتهمة دعم الثورة السورية، واثنان آخران تجري محاكمتهم بدعم جبهة النصرة وأحرار الشام ضمن جنسيات أخرى.
وطالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن 61 معتقلًا إماراتيًا جرى الحكم عليهم في يوليو 2013، بالسجن بين 10 وسبع سنوات في قضية 94 إماراتيًا تم تصنيفهم بالمعتقلين تعسفًا، وسبق أن نشرت الأمم المتحدة تقريرًا أكد أن الجهاز القضائي الإماراتي يتعرض للتدخل من قبل السلطة التنفيذية وجهاز أمن الدول، ودعت الإمارات إلى التحقيق في اتهامات بالتعذيب، لكن في العادة لا تعلق السلطات على هذه التقارير، أو الاعتراف بوجود حالات الاعتقال.
فيما حلّ المعتقلون المصريون ثانيًا بواقع 28 معتقلًا جرى الحكم على 14 منهم في القضية المثيرة للجدل (30-مصريا-إماراتيًا)، وتتضارب المعلومات بشأن ليبيا لتحل ثالثًا بواقع 9 معتقلين، عرفت هوياتهم، فيما لم تعرف هوية آخرين قال ناشطون: إنهم يصلون إلى 30 معتقلًا سياسيًا.
وجاءت اليمن بالترتيب الرابع بواقع 11 معتقلًا عرف منهم معتقلان فقط، فيما حلت قطر ثالثًا بواقع ثلاثة معتقلين جرى الحكم على واحد فقط، فيما يظل اثنان منهما في مكان مجهول. وأغلب هؤلاء المعتقلين تحدثوا عن جرائم تعذيب أقيمت بحقهم أثناء التحقيقات.
ويقبع معتقل تركي واحد في سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي لم تعرف هويته، ولا يعرف مكان اعتقاله، ولم توجه له تهمه منذ اعتقاله في 2 اكتوبر الجاري.
ويقبع ثلاثة سوريين في السجون بينهم داعية، وإعلامي فلسطيني، كما يوجد لبناني وأردني وفلسطينيين اثنين آخرين وخمسة تونسيين جرى الحكم عليه بتهمة دعم جبهة النصر إعلاميًا، فيما يتواجد 3 يحملون الجنسية القمرية، وستة يحملون الجنسية الجزائرية.
وتظاهر نشطاء في مجال حقوق الإنسان أمام السفارة الإماراتية في لندن، احتجاجًا على ما أطلقوا عليه “عمليات التعذيب وحالات الاختفاء والاعتقال القسري” بحق ناشطين، في الإمارات.
واستنكر المشاركون من الجاليات العربية المختلفة تدخل الإمارات العربية بشؤون دول عربية أخرى، وتعذيب معتقلين سياسيين إلى جانب الاعتقال القسري.
وفي سياق متصل، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إلى ندوة حقوقيية ستعرض فيها تقريرها الجديد بشأن توثيق انتهاك حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وسيشارك في الندوة، التي ستعقد يوم 5 نوفمبر المقبل في العاصمة لندن، ممثلون عن منظمات حقوق الإنسان وعدد من الخبراء بمجال العمل الحقوقي في هذه الندوة، بهدف تسليط الضوء على ما يجري في دولة الإمارات العربية المتحدة من انتهاك لحقوق الإنسان، سواء تعلق الأمر باعتقال رموز الإصلاح أو التعذيب أو الاختفاء القسري، الذي طال عددًا من النشطاء العرب وغير العرب ممن اعتقلوا أثناء دخولهم أو عبورهم عبر مطارات الإمارات العربية المتحدة.
كما سيبحث المشاركون في السبل الكفيلة بضمان العدالة للضحايا.
يشار إلى أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره الرئيسي جنيف، قد كشف في تقرير حقوقي في الربع الأول من العام الجاري، عن وجود ما يزيد على مائتين وتسعين، حالة اعتقال تعسفي وعشرات حالات التعذيب في السجون الإماراتية، وذلك خلال الفترة بين عامي 2011م إلى نهاية 2013م الماضي.
وأضاف التقرير أنّ نسبة عريضة من النشطاء الذين تم اعتقالهم على خلفيات سياسية، جرى احتجازهم في أماكن غير معلومة بمعزل تام عن العالم الخارجي ولمدة طويلة، وسُجِّل احتجاز قرابة 60 معتقلًا لمدة سنة كاملة قبل إصدار الأحكام بحقهم، تعرضوا خلالها لإساءة المعاملة واحتجزوا لعدة شهور في أماكن سرية، حرم معظمهم خلالها من اللقاء بأي محام وحتى قبل بدء المحاكمة بأسبوعين، الأمر الذي يرقى إلى ما يمكن اعتباره ممارسةً لسياسة “الاختفاء القسري” المحظورة في القانون الدولي، ومخالفة لقانون الإجراءات الجزائية الإماراتي ذاته.