يشن الإعلام المصري حملة للهجوم على الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر منذ أن أعلن غلق مكتبه في مصر لمراقبة الانتخابات، اعتراضا على حالة القمع التي تشهدها البلاد وإقراره باستحالة تنظيم انتخابات نزيهة في مصر في ظل هذه الأجواء من الكبت الحريات وملاحقة المعارضين.
وبين عشية وضحاها، أصبح كارتر –في نظر الإعلام المصري- إخوانيا وداعما للإرهاب ومتآمرا على مصر، ما جعل الكثيرون يتساءلون عن سبب سماح النظام المصري له بالتواجد والعمل في البلاد طوال السنوات السابقة دون اعتراض، ولماذا لم نسمع كل هذه الاتهامات إلا عندما قرر مغادرة مصر بمحض إرادته.
وكان مركز كارتر قد أعلن الخميس أنه أغلق أبوابه في مصر ولن يرسل بعثة لمراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة نتيجة التضييق على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من قبل السلطة الحاكمة.
وقال المركز في بيان له إن إغلاق مكتبه في مصر بعد ثلاث سنوات من العمل بالقاهرة جاء بعد توقعه ألا تقدم الانتخابات المقبلة في مصر تحولا ديمقراطيا حقيقيا في ظل البيئة الحالية التي لا تساعد على إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية وعلى المشاركة المدنية الفعلية، داعيا السلطات المصرية إلى إنهاء قمع المعارضين والصحفيين بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدوها.
كارتر المشبوه
وامتلأت وسائل الإعلام المصرية طوال اليومين الماضيين بعشرات التصريحات والمداخلات المهاجمة لمركز كارتر والمشككة في دوره وتوجهه السياسي، من سياسيين وحقوقيين ونشطاء مؤيدين للنظام الحاكم.
ورأوا أن إغلاق مركز كارتر هو موقف مشبوه، وراءه أهداف سياسية للضغط على الحكومة وإحراجها أمام العالم.
وقال نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إن إغلاق مركز كارتر يهدف إلى الضغط على الحكومة للإفراج عن نشطاء محبوسين على ذمة قضايا جنائية.
واعتبر “جبرائيل” أن موقف المركز يعد تدخلاً سافراً في الشئون المصرية والقضاء، مضيفاً أن توقيته قبيل الانتخابات البرلمانية يؤكد أن هناك ممارسة ممنهجة للمنظمات الأمريكية بدأتها “هيومان رايتس ووتش” لإحراج مصر خاصة فيما يتعلق بقانون التظاهر.
فيما اتهم الباحث في الشئون السياسية “عمرو عمار” –وهو ضابط سابق بالقوات المسلحة- “كارتر” بالتآمر على مصر ودعم التيارات الدينية المتطرفة، مضيفا – خلال اتصال هاتفي بقناة المحور السبت – أن مركزه أصدر تقريراً عقب انتخابات الرئاسة عام 2012 والتي فاز فيها الرئيس مرسى يؤكد نزاهة الانتخابات في حين أن المحاكم المصرية تنظر تزويرها الآن.
بينما نقلت صحيفة اليوم السابع عن مصادر داخل الإخوان المسلمين قولها إن الجماعة قررت مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة بعد اجتماع عقده التنظيم الدولي للإخوان مع كارتر.
وأشارت المصادر إلى أن كارتر على تواصل مع الإخوان منذ الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2012 والتي فاز فيها الرئيس محمد مرسي وأن اتصالاتهما تواصلت بعد انقلاب 3 يوليو عدة مرات.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية إنها تستغرب هذا القرار الذي جاء في ضوء ادعاءات تتعلق بالتضييق على أنشطة المجتمع المدني والأحزاب السياسية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.
وأضافت الوزارة في بيان لها مساء الخميس الماضي – إن ادعاءات كارتر تتناقض مع ما صدر من المركز من قبل حيث وجه الشكر إلى السلطات المصرية في خطاب رسمي بتاريخ 31 أغسطس الماضي على تعاونها معه على مدار السنوات الثلاث الماضية التي راقب خلالها خمسة استحقاقات دستورية منذ ثورة يناير 2011.
وأوضحت الوزارة أن السبب الحقيقي لإغلاق المركز هو رغبته في إعادة توجيه موارد المركز لمراقبة عمليات انتخابية في دول أخرى، مشيرة إلى أن ما صدر عن المركز من مغالطات وتناقضات فجة مع الواقع يثير الشكوك حول حقيقة توجهاته وأهدافه”.
أضحوكة العالم
من جانبه قال رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار غباشي إن قرار مركز كارتر سيؤثر سلباً على السلطة الحالية في مصر التي تسعى لمزيد من الاعتراف الدولي بشرعيتها.
وأضاف غباشي في تصريحات لقناة “الجزيرة مباشر مصر” أن مركز “كارتر” من المنظمات المهمة محليا ودولياً متوقعا أن يؤدي انسحابه من مراقبة الانتخابات البرلمانية إلى انسحاب نزيد من المنظمات الدولية من مصر على غرار “كارتر”.
وأشار خالد الشريف، المتحدث باسم المجلس الثوري المصري، إلى إن إغلاق مركز كارتر في مصر دليل قاطع على الانهيار الحاد للحريات في مصر، مؤكدا أن الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر ستكون غير مجدية في ظل القمع الذي تمارسه السلطات ضد معارضيها.
وتابع “الشريف”: – في تصريحات صحفية- أن مصر الآن أصبحت أضحوكة العالم وتراجعت مكانتها الدولية بصورة كبيرة في ظل حكم العسكر الذي جلب العار للبلاد وشعبها بعد أن كانت نموذجاً ملهما لثورات الربيع العربي”.