لن تكون قضية مقتل خادمة أسيوية علي يد مخدومتها في أبوظبي قبل عامين أخر الجرائم، في مجتمع قائم علي عبودية المكفول للكفيل مهما كانت مكانته، فقد حددت محكمة استئناف أبوظبي يوم 26 الجاري للحكم علي المواطنة التي قتلت خادمتها خريف عام 2012، بعد أن قضت محكمة أول درجة بسجنها ثلاث سنوات بعد ثبوت تهمة القتل بحقها .
بدأت القصة عندما استغاثت المواطنة بشرطة النجدة وأكدت أن خادمتها انتحرت بعد تناولها كميات كبيرة من سائل الكلور بسبب ظروف صعبة تمر بها, وبمعاينة الجثة تبين أن بها إصابات متعددة, وبالتحقيق مع صاحبة البلاغ اعترفت بأنها اعتادت علي ضرب الخادمة بسبب أخطاء متكررة، واعترفت المتهمة بضرب خادمتها حتى الموت وتم القبض عليها ووجهت النيابة لها تهمة القتل لتقضي محكمة أول درجة بالسجن ثلاث سنوات، واستأنف محاميها الحكم بعد استدعاء أولياء الدم الذين تنازلوا عن حقهم في القصاص من القاتلة، وفي المحكمة أودع المحامي شيكا بمبلغ 200 ألف درهم هي قيمة الدية الشرعية كما يحددها قانون الإمارات .
خلال السنوات القليلة الماضية شهدت محاكم الدولة العديد من القضايا التي اتهم فيها مواطن أو مواطنة بقتل خادمتهم لأسباب تافهة، والغريب أن غالبية هذه القضايا انتهت إما ببراءة المتهم أو التصالح مع أولياء الدم بعد دفع الدية، رغم ثبوت سبق الإصرار والترصد بحق الكثير من المتهمين.
ويبرع محامون مواطنين وعرب في تطويع مواد القانون لصالح المواطنين في قضايا القتل حيث يلوحون لأولياء الدم بالدية الشرعية والتي تبلغ 200 ألف درهم فضلا عن ضغوط أخري تمارسها الشرطة والنيابة علي أهل المجني عليهم لقبول الدية والتنازل عن الحق الشرعي، وعادة ما تنتهي هذه القضايا بأحكام مخففة أو البراءة رغم ثبوت أدلة الاتهام بحق المتهمين.
في صيف عام 2013 حاول مواطن يقيم في منطقة مسافي بالإمارات الشمالية يعمل في شرطة أبو ظبي , الاعتداء علي خادمته من الجنسية الفلبينية, بعد أن راودها عن نفسها علي مدي شهور, واستغل المواطن غياب زوجته عن المنزل وحاول اغتصاب الخادمة الفلبينية التي تبلغ من العمر 21 عاما, ولأنها تتوقع غدر المواطن فقد ألمحت لمخدومتها أكثر من مرة تحرش الزوج بها، ويوم الحادث حاولت المجني عليها الهرب خارج المنزل بعد أن أيقنت بغدر الزوج, إلا أنها فوجئت بأن المتهم أوصد كل أبواب المنزل, فما كان منها إلا الهروب للمطبخ، وعندما حاصرها الزوج بالمطبخ طعنته بسكين وقع تحت يدها.
في التحقيقات اتهم الزوج الخادمة بمحاولة قتله، وأكدت الخادمة أنها حاولت مرارا تفادي هذا الموقف إلا أنه أصر علي الاعتداء عليها, وقالت أنه تحرش بها مرارا وعندما حاولت ترك عملها والعودة لبلدها فوجئت بأنها مدينة لمكتب الخدمات الذي استقدمها بمبلغ يعادل راتب ستة أشهر والغريب أن الشرطة صرفت المتهم دون أن توجه له تهمة وصرفت الخادمة مخافة تدخل سفارة بلدها .
مازالت محكمة رأس الخيمة تتداول قضية متهم بها عدد من الشباب المواطنين بقتل خادمة أسيوية بعد فشلهم في الاعتداء عليها بعد أن قدمتها لهم سيدة استقدمتها من بلدها قبل أسابيع من مقتلها.
وخلال العامين الأخيرين بدأت الشركات الإماراتية المتخصصة والمملوكة عادة لرجال أمن ومسئولين في استقدام العمالة الأجنبية في الاستعانة بخادمات أفريقيات بدلا من الأسيويات اللاتي كن الأفضل عند الأسر الإماراتية خلال العقود الماضية بعدما تدخلت سفارات أندونسيا والفلبين وتايلاند واشترطت راتب كبير نسبيا نظير عمل مواطنيها بهذه المهنة، ما اضطر هذه الشركات للاستعانة بالخادمات الإفريقيات.
تقول «باتريسا» خادمة اثيوبية تعمل لدي أسرة مواطنة في دبي أتقاضي راتبا شهريا قدره 600 درهم، وأعمل 15 ساعة يوميا تبدأ في الخامسة صباحا، وأقوم إلي جانب تنظيف المنزل بأعمال كي الملابس ومجالسة الصغار ومصاحبة مخدومتي أثناء التسوق وغسل السيارات وأعمال أخري كثيرة وتضيف أحصل علي يوم واحد إجازة كل أسبوعين، ولا أحصل علي أي مكافآت إضافية وجواز سفري محجوز لدي الشركة التي تعاقدت معي ولا يحق لي السفر دون إذن من الكفيل, وتقول أن الإمارات التي يراها الناس في وسائل الإعلام لا نراها إلا عندما نخرج مع الأسرة المواطنة في المراكز التجارية.
وتري «سانا» من الصومال, والتي تعمل لدي أسرة مواطنة في رأس الخيمة أن الزوج الذي تزوج للمرة الثالثة من مغربية استأجر لها مسكن في منطقة الظيت بعيدا عن مسكن الزوجة الأولي، ولأنه مدين بشيكات لبنوك وأشخاص لا أحصل علي راتبي منذ ثلاثة أشهر, وما أحصل عليه فقط سلفة 200 درهم شهريا أرسلها لأسرتي في مقديشيو, وأقضى بقية أيام الشهر بلا مصروف.
ومن جهتها فقد أشارت مجلة «بيزنس إنسايدر» الأمريكية الخميس الماضي إلى أن خادمات المنازل يواجهن العبودية في العصر الحديث داخل الإمارات، وتعاني معظمهن من الاعتداء الجنسي ومصادرة جوازات سفرهن، وتقييد تنقلهن ـ استناداً لمعلومات «هيومن رايتس ووتش» بحسب المجلة.
الخليج الجديد