برغم التحذيرات التي وُجهت للمملكة حول التعامل مع قضية الداعية الشيعي نمر النمر، خاصة بعد مطالبات قضائية سابقة بإعدامه، فقد صدر الحكم بإعدام النمر من المحكمة الجزائية بالسعودية، وهو ما يُتوقع أن يؤدي إلى إشعال نيران الغضب في وجه النظام السعودي، كما سيكون دافعًا لزيادة الحراك الشيعي في المنطقة وفق ما جاء في موقع “شؤون خليجية”.
وانتهت فصول المحاكمة الطويلة (14 جلسة محاكمة) للزعيم الشيعي نمر النمر اليوم، بإصدار المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض حكمًا بالقتل تعزيرًا، بعد أن سبق وطالب الادعاء العام بتطبيق حد الحرابة على الشيخ.
لائحة الاتهام:
وتحتوي لائحة الاتهامات التي قدمها الادعاء العام ضد النمر: “اجتماعه بعدد من المطلوبين أمنياً ممن تم الإعلان عنهم بارتكاب جرائم (إرهابية)، وتحريضهم وتوجيههم على الاستمرار في أنشطتهم التخريبية وتحقيق أهدافهم (الإرهابية)، ودعوة الناس من خلال خطب الجمعة والكلمات العامة للدفاع عنهم والتستر عليهم، والاشتراك مع مطلوب أمني في مواجهة مسلحة مع رجال الأمن بتعمد صدم دورية أمنية بسيارته، وإطلاق النار عليهم لمنعهم من القبض عليه”.
كما وجهت للنمر اتهامات بقيادته لأحد تجمعات مثيري الشغب والتخريب بالعوامية- التي تم القبض عليه منها- ومشاركة عدد من أخطر المطلوبين أمنيًا في قائمة الـ 23 المعلن عنهم لتحريض الناس على الخروج في تلك التجمعات وللدفاع عن المطلوبين للجهات الأمنية، إضافةً لإذكاء الفتنة بين أفراد المجتمع من خلال تحريضه على الإخلال بالوحدة الوطنية وعدم الولاء للوطن.
كما اتهمه المدعي العام بالتدخل في شؤون مملكة البحرين عبر التحريض على ارتكاب جرائم “إرهابية ” فيها، وإثارة الشغب وإذكاء الفتنة الطائفية وزعزعة أمنها، ودعوته أبناء بلدة العوامية للمشاركة في ذلك، واشتراكه في تخزين مواد تمس النظام العام والقيم الدينية في الشبكة العنكبوتية، وتأييده لأحداث الشغب والتخريب في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة واستغلالها في إثارة الفتنة الطائفية وإذكائها، وهروبه وتخفيه من رجال الأمن بعد أن علم أنه مطلوب للسلطات المختصة.
حد الحرابة:
وقد طالب المدعي العام المحكمة بعدد من الأحكام ضد المتهم، منها حد الحرابة.
وقد تم القبض على النمر عدة مرات آخرها في بلدة العوامية ذات الأغلبية الشيعية بعد مطاردة في يوليو 2012، وأصيب بطلق ناري من أجهزة الأمن.
سيرة ذاتية:
ونمر باقر النمر (1379هـ، العوامية) عالم دين شيعي سعودي عُرف بخطاباته النارية، خصوصًا هجومه على الأسرة الحاكمة في السعودية ومطالبته بحقوق الشيعة.
ولد نمر باقر النمر في مدينة العوامية في محافظة القطيف شرق السعودية، أنهى دراسته النظامية في بلدته وسافر لطلب العلم على المذهب الشيعي في عام 1400 هـ، إلى مدينة قم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتحق بحوزة علمية بسوريا.
وقد تعرض النمر لمضايقات من قبل رجال الأمن واعتقل لمدد متفاوتة، وكان منزله يخضع للمراقبة الشديدة، حيث يناوب فيها رجال الأمن من مراقبة سكنه على مدار الساعة، والتعرض له عن طريق الاستدعاءات المتكررة وبدون إذن مكتوب، ولكنه لم يكن يتجاوب معها.
وفي عام 1424هـ اعتقل بعد إقامة صلاة الجمعة في (ساحة كربلاء)، واستمرارها لعدة أسابيع، وقد طلبوا منه – بالإضافة إلى ترك إقامة صلاة الجمعة والبرامج المختلفة – إزالة بناء المبنى في ساحة كربلاء ليطلق سراحه.
وفي عام 1425 هـ استدعي من قبل السلطات من أجل إلغاء مهرجان “البقيع، حدث مغيب”، وقد طوقوا منزله بسيارات رجال المباحث بمرافقة رجال الأمن، وقد رفض مصاحبتهم مفضلًا أن يأتي بسيارته، وقد قاموا بالضغط عليه لكي يلغيه.
وفي عام 1426هـ استدعي أيضًا من أجل إلغاء مهرجان (البقيع الخطوة الأولى لبنائه)، وقد استمر بقاؤه في المعتقل من الساعة التاسعة والنصف صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، وقد أخذ منهم وعودًا بأن يعطى حقه في المطالبة بالبناء وغيرها من المطالبات.
وفي عام 1427 هـ اعتقل وهو عائداً من البحرين من (مؤتمر القرآن الكريم)، واقتيد من على جسر الملك فهد إلى المعتقل، وذلك بسبب تقارير أمنية، وقد أهين في المعتقل جسديًا ومعنويًا بسبب جملة من المطالبات في إطار حقوق الطائفة الشيعية، منها تدريس المذهب الشيعي في المدارس، وبناء البقيع، والمحاضرات التي يلقيها، وقد استمر اعتقاله قرابة الأسبوع، وبطول الاعتقال خرجت مظاهرة في مدينة العوامية عجلت بخروجه.
وفي عام 1429هـ استدعي إلى محافظة القطيف، حينما لم يتجاوب مع الأمن السعودي، ورحل إلى إمارة الدمام ومنها إلى المعتقل، وأُجبر على أثرها على التوقيع بعدم إلقاء الخطب – وبالذات الجمعة – والدروس، فرفض ذلك، مما أدى لسجنه سجنًا انفراديًا بقرار من وزير الداخلية، أو يتوقف عن إلقاء الخطب حتى مدة مؤقتة لم يحدد مقدارها، فسُجن.
حراك للمطالبة بحقوق شيعية:
وتواصلت الفعاليات الشعبية والحقوقية داخل المملكة وخارجها بوقفاتها وبرامجها التضامنية مع النمر، ودعوة السلطات للإفراج عنه منذ اعتقاله.
كان آخرها أمس عشية محاكمة نمر باقر النمر، والتي نظمتها مجموعة التضامن الإسلامية في المملكة، التي اعتبرت أن تأجيل محاكمة النمر أكثر من مرة أثبت أن القضاء السعودي يواجه موقفًا محرجًا، وشكّك بيان نشرته المجموعة بمجريات المحاكمة، وأكّدت أن السلطات باتت في وضع حرج.
استنكار الأحكام:
القيادي في تيار العمل الإسلامي، عبد الله صالح اعتبر أمس أن أي حكم قد يصدر ضد النمر فسوف يكون حكمًا كيديًا وجائرًا، مشيرًا إلى أن ذلك “لن يكون متناسبًا مع شخصية دينية وطنية وعالمة كالتي يحظى بها النمر”، كما أوضح أن حكمًا من هذا اللون “سوف يثبت مجدّدًا فساد القضاء وعدم عدالته”.
صالح اعتبر أن النمر صاحب مطالب مشروعة، مستذكرًا مواقفه التضامنية مع شعب البحرين، داعيًا إلى تقدير النمر بدل اعتقاله، وأكّد أن إخضاعه للمحاكمة “يستهدف حرْف القضية الوطنية والدينية التي نادى بها، وخداع العالم وتضليله”.
المعارض حمزة الشاخوري من جهته، اعتبر أن النمر “رمز لصوت الحق في زمن الخنوع” على حدّ تعبيره، كما قال: “إن محاولة اغتياله ومن ثم محاكمته فضحت النظام السعودي”.
الشاخوري أكد أن النمر استطاع من داخل السجون أن يحاصر النظام ويدينه أمام العالم، كما أكّد أن كل المجريات تشير إلى حيرة النظام أمام مواقف النمر وكلماته الثابتة.
مسيرات تضامنية:
ميدانيًا دعت جمعية العمل الإسلامي (أمل) للمشاركة الحاشدة في المسيرة الموحدة التي تحمل عنوان “كلنا الشيخ النمر” تضامنا مع النمر، والتي ستنطلق في منطقة سترة بالبحرين.
الجمعية وصفت النمر بعملاق الصمود والثبات، وقامة التضحية والفداء، وقالت: “إن الادعاء العام يطالب بتنفيذ حكم الحرابة متوهمًا أنه سينال مراده”، وحذّرت الجمعية من أن صدور الحكم بإعدام النمر أو السجن سيؤدي لإشعال نيران الغضب في وجه النظام السعودي، كما سيكون دافعًا لزيادة الحراك المطلبي في المنطقة.
كما عقدت منظمات حقوقية سعودية ودولية مؤتمرًا صحفيًا في جنيف، الشهر الماضي على هامش انعقاد اجتماع مجلس حقوق الإنسان، وأصدرت بيانًا يدين محاكمة النمر ويُطالب بالإفراج عنه.
تهديدات إيرانية:
وكان رئيس هيئة الأركان العامة في القوات المسلحة الإيرانية، اللواء حسن فيروز آبادي، قد هدد السعودية بدفع الثمن باهظًا إذا أقدمت على إعدام رجل الدين الشيعي من بلدة العوامية في القطيف نمر النمر.
مضيفًا: “يبدو بعيدًا للغاية بالنسبة لبلد كالسعودية التي تحظى بحكام ذوي نظرة بعيدة، أن تصدر حكما بإعدام العالم الشيعي البارز، النمر، وهذا أمر يثير قلقنا كثيرًا، وليس مقبولًا من حكام هذا البلد المسلم الشقيق إراقة دم عالم دين شيعي بارز”.
وأكد فيروز آبادي أن هذه الدماء ستفور في قلوب عشرات ملايين الشيعة وبين مسلمي العالم، وسيكون ثمنها باهظًا للغاية للسعودية، معربًا عن أمله بأن تعيد المحكمة النظر بشكل جذري في هذا الحكم غير العادل والمثير للفرقة.
اتهامات متبادلة:
وكانت السلطات السعودية قد اتهمت إيران بدعم جماعات شيعية متطرفة مناهضة للرياض، كما تتهم البحرين أيضًا طهران بدعم الاحتجاجات الشعبية المناهضة، وتنفي إيران من جانبها هذه الاتهامات وتعتبرها تهدف لهروب الأنظمة من استحقاقات الشعوب المتطلعة للتغيير.
يأتي هذا في الوقت الذي تتوتر فيه العلاقات بين المملكة وايران، رغم المقابلات الرسمية التي أوزعت بصفحة جديدة في علاقات البلدين، إلا انهم بدؤوا حربًا إعلامية كلامية يتبادلان فيها الاتهامات الأيام القليلة السابقة، بخصوص سوريا.
مطالبات من العراق:
كما طالب أيضًا المرجعية الشيعية علي السيستاني بالنجف، الرئيس العراقي فؤاد معصوم، التدخل لدى السلطات السعودية لمنع إعدام نمر النمر، المتهم باستهداف قوى الأمن والنظام في المملكة.
وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية، فإن الرسالة كانت تحمل في طياتها تهديدًا كبيرًا للسعودية دون مزيد من التفاصيل، مشيرة إلى أن الرئيس فؤاد معصوم أبلغ السيستاني بأنه سيتواصل مع السعودية بهذا الشأن.
ومنعت السلطات عائلة آل نمر من الالتقاء به قبل المحاكمة الأخيرة، فيما أفاد اتصال رسمي بنقله من المشفى إلى السجن. وانقطعت أخباره منذ أن تم نقله من مشفى قوى الأمن إلى سجن الحائر بالرياض.
وكان من المفترض أن تجري الجلسة الأخيرة في 15 سبتمبر 2014م، والتي سينطق فيها الحكم عليه، إلا أن القضاء السعودي أجل الجلسة للمرة الثانية دون أن يتم إحضار الشيخ للمحكمة.
تمسك بموقفه برغم المحاكمة:
وكانت المحكمة الجزائية في الرياض قد قررت خلال جلستها الحادية عشرة والأخيرة، في الأول من سبتمبر إقفال باب المرافعات في قضية النمر، بعدما تمسك النمر بما جاء في الخطب التي تم عرضها عليه من قبل المحكمة في مقاطع تسجيلية له تمهيدا للحكم عليه، وقال النمر: “كل ما جاء في خطبي صحيح وأتمسك به وإن هذا معتقدي ورأيي”، كما تمسك بمطالبته بولاية الفقيه: “نعم أنا أطالب بولاية الفقيه وما ذكر في الخطبة بهذا الشأن صحيح”، وأكد النمر تمسكه بانتقاداته للنظام السعودي وحكام آل سعود، وأن ما حوته كل خطبه من انتقادات للنظام السعودي صحيح.
وقال محامي النمر في جلسة المحكمة بعد سؤال القاضي له حول مدى إصراره على ما جاء في الخطب: “إن كل الكلمات التي عرضت هي رأي ووجهة نظر لموكله النمر وهذا رأيه”، ونفى دعوة النمر للعنف: “موكلي لم يدعُ لاستخدام العنف، بل إن محاضراته كانت سببًا أساسيًا في عدم زيادة العنف بالمنطقة”.
يذكر أن القاضي الذي حكم على النمر هو القاضي عمر الحصين، الذي أصدر في وقت قريب أحكامًا بالإعدام على 3 متظاهرين، وهم الطفل علي النمر، علي سعيد آل ربح، ومحمد فيصل الشيوخ.
وأشار محمد النمر شقيق نمر النمر في حسابه على “تويتر” إلى أن “المحكمة منعت المحامي الجبران من التصريح لوسائل الإعلام، وذلك بعد تصريحاته لسبق وCNN، وتساءل المحامي عن الصحافة الموجودة في الجلسة”.
وقد تعمّدت الصحف الرسمية السعودية الشهر الماضي، نشر خبر وهو “حكم قديم” لأحد الشبان الناشطين في منطقة العوامية (القطيف)، بما يوحي بأن الحكم جديد، وأن المقصود هو الشيخ نمر النمر لجس نبض ردود الفعال فيما يبدو، وقد أدّى ذلك إلى إرباك بعض الصحف والمواقع الإعلامية، التي تداولت خبر الحكم على الشيخ النمر بناء على الخبر المنشور.
ومن جانبها نفت عائلة الشيخ نمر النمر في السعودية الخبر وقتها، وقالت: “قد تكون تسريبات للتطمين ونحن لا نقبل سوى البراءة”.
ومن المتوقع أن تشهد البحرين والقطيف بالمملكة السعودية اليوم، ومناطق عدة العديد من المظاهرات الرافضة للحكم، كما تنشر الدعوات على تويتر وفيس بوك تحت هاشتاق # أطلقوا _ النمر _ فورًا.
على الجانب الآخر تم تدشين هاشتاق اليوم، فور النطق بالحكم مرحبًا بحكم الإعدام تحت عنوان #القتل_تعزيراً_لنمر_النمر، والذى رحب بالحكم واعتبره عادلًا، بل هناك من طالب بتنفيذ حد الحرابة، والذي كان قد طالب به الادعاء العام.
فمن جهته قال الملحم: “إنما جزاء الذِين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف”.
وقال صالح مسلم: هذا ما يستحقه.
وقال ضيف الله الخزمري: “أنا أؤكد على #القتل_تعزيراً_لنمر_النمر، وأقول بلا ضجيج.. هو أخطأ ويستحق العقوبة مثله مثل أي مواطن يُثير فتنة في البلاد”.يم “الدولة الإسلامية” لا لشيء إلا أنه يتعلق بالإسلام، أما التنظيمات الإرهابية التي لا علاقة لها بالإسلام فلا يتحرك ضدها.