تقرير سري صادر عن مجلس الملالي الأعلى للأمن القومي في إيران حول آخر التطورات في سوريا يؤكد على أن سوريا هي الخط الأحمر بالنسبة لعلي خامنئي، وأنه في السنوات الثلاث الماضية كان قد وجه جميع الموارد لإنقاذ بشار الأسد، وأمر باتخاذ جميع الخطوات الضرورية لحفظ واستكمال بناء محور العراق وسوريا ولبنان واليمن من أجل تطويق بقية الدول العربية.
المجلس الوطني للمقاومة، وبعد زيارة قام بها علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى سوريا في 30 سبتمبر 2014، ولقاءاته مع الرئيس بشار الأسد ومسؤولين آخرين في الحكومة السورية، أعد تقريرًا لقادة نظام الملالي عن التطورات في سوريا.
وفيما يلي بعض نقاط هذا التقرير:
1- يكتب التقرير أن استراتيجية النظام الإيراني ما زالت تراهن على نظام بشار الأسد وحفظه بأي ثمن كان. وأكد الخامنئي قائلًا: “يلعب كل من محور العراق وسوريا ولبنان واليمن دورًا حاسما بالنسبة لجمهورية إيران الإسلامية، فلا يجب التراجع عنه، ويجب اتخاذ أي عمل ضروري في هذا الاتجاه”. وأضاف: “نحن سوف نتمكن من محاصرة سائر الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية والأردن، عن طريق هذه الحلقة. كما سوف نتمكن من ممارسة الضغوط على دول أخرى كمصر”.
2- يؤكد التقرير على أنه، وقبل عدة أشهر، كان قد تغير ميزان القوى لصالح الأسد، وأصبح أعداؤه ضعافًا. إلا أن تطورات الأوضاع في العراق، وخاصة تنحية المالكي عن السلطة والأمور الداخلية في هذا البلد، قد أدت إلى خلق مشاكل بالنسبة للنظام “الإيراني” في سوريا، سواءً بسبب خلق المشاكل في نقل القوى والعتاد عن طريق أراضي العراق أو في اضطرار النظام إلى إعادة جزء من الميليشيات الإرهابية، كعصائب الحق وألوية أبي الفضل العباس وذي الفقار، من سوريا إلى العراق.
3- لكن التطور الأهم كان الغارات الجوية للائتلاف الدولي، حيث إنها قد قلبت الوضع بعد ذلك. وأكد التقرير على أن هناك مخاوف بأنه إذا أجهض الأمريكان على داعش، ثم عززوا الجيش السوري الحر، فقد يتغير سير الأحداث ضد الأسد. ووفقًا للتقرير: “بحث شمخاني مع بشار الأسد ومسؤولين آخرين في حكومة سوريا خلال هذه الزيارة بالتفصيل كيفية تعامل الأسد مع الغارات الجوية بحيث يستغلها لصالحه”.
4- وبناء على هذا التقرير، بعد انطلاق الغارات الجوية ضد داعش في سوريا، كانت معنويات بشار الأسد وقادته منخفضة جدًا، وكانت زيارة شمخاني ضرورية جدًا لرفع معنوياته. وإضافة إلى ذلك، كان النظام الإيراني يريد أن يرسل رسالة عن طريق هذه الزيارة إلى أمريكا والأعداء الآخرين لسوريا بأنه يواصل دعمه التام للأسد.
5- ويؤكد المجلس الأعلى لأمن النظام على أنه يجب أن يحصل على معلومات في ما يتعلق بغارات قوات الائتلاف ضد سوريا بأي شكل من الأشكال؛ لأن هذه المعلومات تعتبر “حيوية لأمن جمهورية إيران الإسلامية”. ويفيد التقرير بأن المعلومات التي تقدمها الحكومة الأمريكية إلى الحكومة السورية بشأن الغارات تصل إلى النظام الإيراني مباشرةً.
6- قبل ثلاثة أعوام، وبعد أن تعززت مكانة الجيش الحر في سوريا وأصبح المعارضون أقوياء، دخل قادة ومستشارون عسكريون من قوات الحرس الإيراني إلى سوريا، وتولوا فعلًا “مهمة التخطيط والقيادة العملياتية”. وبحسب ما جاء في التقرير، فإن “مشكلة سوريا لم تكن لتحل بالحرب بالطريقة التقليدية فقط. بل استخدمت قوات الحرس الإيراني جميع تجاربها في الحرب التقليدية وحرب الشوارع والحرب غير المتجانسة وجربت الخطط الاستخبارية والأمنية لإنقاذ سوريا، ولولا هذا لما كان الجيش السوري قادرًا على المواجهة، ولكان بشار الأسد قد سقط في الأشهر الأولى”.
7- تدخلت القوات العملياتية والقادة الميدانيون لقوات الحرس الثوري بشكل مباشر في بعض ميادين القتال، حين كان الأمر أكثر تعقيدًا. وخلال العامين الماضيين، تم نقل العديد من الضباط والقادة السابقين في قوات الحرس وقوة القدس، ممن كانوا قد احيلوا إلى التقاعد أو كانوا يعملون في قطاعات حكومية أخرى، إلى سوريا. بينما جمعت الطائرات من دون طيار لقوات الحرس أيضًا معلومات كثيرة عن المعارضة السورية، وهو ما جعل قوات الأسد أكثر نجاحًا في قمعها.
8- ووفقًا للتقرير ذاته، تم تنسيق كافة الإجراءات المتخذة في سوريا من قبل الخامنئي ومكتبه الذي يأمر مباشرة عناصر قوة القدس وقادتها. وبينما سلم الخامنئي سوريا لقاسم سليماني، وهو قائد قوة القدس، خصص أيضًا اللواء همداني، والذي يعرف الجميع مكانته ومنزلته، لمراقبة شؤون سوريا على مدار الساعة. وغالبٍا ما يدخل سليماني ذاته إلى سوريا، بحيث أصبحت تتردد على ألسنة الضباط السوريين عبارة: “حينما يتواجد الحاج قاسم سليماني في سوريا، نحن ننام ملء جفنينا”.
قائد الثورة الاسلامية يعزي اللواء سليماني بوفاة والدته
9- وأفاد التقرير أيضًا بأن خامنئي خصص لسوريا ميزانية ومصاريف عسكرية وسياسية تعادل ميزانية بلد كامل. ولذلك، فقد أعلن التقرير أيضًا عن أنه “لولا بصيرة القيادة لكان قد انتهى كل شيء، ولكنا نواجه كارثة في العراق ولبنان أيضًا يمتد نطاقها إلى طهران”.
10- في الكثير من المناطق العسكرية وبين نقاط التفتيش على الطرق وبين المدن السورية، هناك طرق خاصة لمرور القوات العسكرية وقوات الحرس الإيراني وعناصر النظام الإيراني المتواجدين في سوريا، بحيث إنهم يعبرون منها من خلال إظهار “بطاقة الهوية الإيرانية”. وجدير بالذكر أن القوات العسكرية ورجال الأمن السوريين يكنّون احترامًى كبيرًى لأفراد الحرس الإيرانيين، ويتعاملون معهم وكأنهم قادتهم.
11- وفضلًا عن تواجد قوات الحرس وقادتها في سوريا وتدريب قوات الأسد، تنقل قوات الحرس العديد من العناصر التابعة لنظام الأسد، والذين ينتمي جلهم إلى الطائفة العلوية، إلى طهران في مجموعات، حيث يتم تدريبهم بشكل مكثف (في فترة تتراوح بين أسبوع و7 أسابيع)، ومن ثم يتم إعادتهم إلى سوريا لتنظيمهم في صفوف المجموعات القتالية، أسوة بميليشيات البسيج، من أجل محاربة الجيش السوري الحر. ومن اللافت للنظر أيضًا أن القوات السورية يتم تدريبها في قاعدة عسكرية تدعى بـ”الإمام علي”.
12- انضمام تركيا إلى التحالف الدولي، والذي تم المصادقة عليه من قبل البرلمان التركي، واحتمال دخول القوات البرية التركية إلى سوريا، يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل بشار الأسد. ولذلك على النظام الإيراني أن يستخدم كل إمكانياته وطاقاته ليحيل دون تدخل تركي أكثر نشاطًا.
(التقرير)