بيروت، دمشق، بغداد، صنعاء، أربعة عواصم شيعية في المنطقة العربية، هكذا أكدت طهران، على لسان البرلماني الإيراني، علي رضا زاكاني، الذي أوضح أن سقوط صنعاء عاصمة اليمن، في يد جماعة أنصار الله (الحوثي) الشيعية، ما هي إلا امتداد للثورة الإيرانية.
من صنعاء إلى المنامة، مطامع إيرانية لا تنتهي، عنف وطائفية، وبلدان تشتعل، وصمت سُني، وغرب يعد العدة لضرب دواعش السنة، فمن يواجه دواعش الشيعة؟
عاصمة تلو الأخري، ومد شيعي باتت حدوده وطن عربي بأكمله، فهل تنجح إيران في إسقاط “المنامة” لتصبح خامس عاصمة شيعية، في المنطقة؟
المراقبون أكدوا أن إيران تؤجج الجماعات الشيعية بالبحرين، على رأسها جمعية الوفاق، لإشعال الداخل البحريني، ومحاولة فرض سيطرة الشيعة هناك. كما حدث في صنعاء، ومن قبلها بغداد، مؤكدين أن المنامة باتت الهدف الأقرب لإيران.
وسقطت صنعاء في يد جماعة أنصار الله “الحوثي” الشيعية، المتهمة بالموالاة لإيران في 21 سبتمبر الماضي، بعد معارك دامية سيطرت خلالها الجماعة على مؤسسات الدولة الحيوية بما فيها المؤسسة العسكرية، ونشرت ميلشياتها المسلحة في شوارع العاصمة اليمنية.
أما في البحرين ما زالت تقود الجماعات الشيعية المعركة مع النظام السني، رغم محاولات مكثفة من قبل النظام للوصول إلى حل سياسي، وهو ما رفضته تلك الجماعات، وأعلنت معارضتها الانتخابات النيابية والبلدية، في خطوة أكد المراقبون أنها شرارة أولى بقيادة إيران لتأجيج الوضع في البحرين للوصول بالدولة إلى هاوية اليمن.
مقاطعة الانتخابات
وأعلنت 4 جمعيات بحرينية معارضة تقودها جمعية الوفاق الشيعية “مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية” المقرر إجراؤها 22 نوفمبر المقبل، معتبرة أنها “بلا جدوى”.
وأصدرت جمعيات “الوفاق ” و”وعد” و”التجمع القومي الديمقراطي” و”الإخاء، بيانا في ختام مؤتمر صحفي عقدته بمقر جمعية الوفاق بمنطقة الزنج غرب العاصمة المنامة، السبت، أكدت فيه أنها “قررت مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية”.
ودعت “أعضاءها وجمهورها وأصدقاءها ومناصريها والجمهور البحريني إلى عدم المشاركة في الانتخابات”، قالت إنها “قد تقود بلادنا إلى مستقبل مجهول تتعمق فيه الأزمة السياسية الدستورية “.
وقالت المعارضة في بيانها إن “الانتخابات التي لا يترتب عليها تداولا للسلطة في إطار الملكية الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة التي بشر بها ميثاق العمل الوطني منذ أكثر من 13 عاما، هي انتخابات بلا جدوى وتكرس الواقع القائم على السلطة المطلقة”.
وأكدت أن هذا القرار جاء بعد قيام قوى المعارضة باستطلاع رأي “العديد من مؤسسات المجتمع المدني وعقد اللقاءات مع العديد من الشخصيات الوطنية ذات الصلة بالشأن السياسي واستطلاع وجهات نظر وآراء القيادات السياسية والحقوقية والنشطاء من معتقلي الرأي والضمير في السجون البحرينية، وذلك من أجل الوصول إلى موقف نهائي من الانتخابات النيابية والبلدية “.
واتهمت النظام الحاكم “بالتهرب من الحوار وإغلاقه منفذ اللقاءات الثنائية”، لافتة إلى أن هذا يأتي في الوقت الذي ” تواجه فيه المنطقة بروز الجماعات التكفيرية وفي مقدمها تنظيم داعش”، والذي “ما فتأ يهدد الدول الخليجية”، بحسب البيان.
واعتبرت أن هذا الأمر كان “يفرض على الجميع الشروع في حوارات ومفاوضات جادة لحل الأزمات المستفحلة والمتراكمة منذ عدة عقود، لتوحد الجهود والجبهة الداخلية حول الأخطار المحدقة “.
وتعتبر هذه الانتخابات هي الأولى منذ الانتفاضة الدامية التي هزت مملكة البحرين في أعقاب ما يسمى بالربيع العربي في عام 2011.
تأجيج طائفي
وقالت وزيرة الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة البحرينية، سميرة رجب، إن المشاركة في الانتخابات “واجب وطني”، وأدانت خطط المعارضة لمقاطعة الانتخابات.
ونقلت وكالة الأنباء البحرينية عن الوزيرة قولها “يبدو أنهم سيرفعون لافتة المقاطعة في محاولة لفتح الباب أمام التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية”.
وقالت رجب، في تصريحات صحفية، إن المعارضة تستخدم إعلان المقاطعة لأهداف آيديولوجية، ومضت قائلة: المعارضة تبحث عن المحاصصة السياسية الطائفية وجر البحرين لها،مؤكدة أن المجتمع البحريني مجتمع حر ومتعلم ويعيش وفق مبادئ منهجية ضمن ثقافته وعلى رأسها تكافؤ الفرص، ولا يمكن أن يسمح بجر البحرين إلى الصراعات الطائفية.
وتابعت أن البحرينيين بكل فئاتهم دخلوا جلسات حوارات توافقية جادة دعا لها الملك، ودخلوها بنوايا سليمة، وكانوا حاجز الصد أمام المعارضة التي كانت مطالباتها تدور حول المحاصصة الطائفية.
وأكدت أن الانتخابات ستستمر، حتى بعد إعلان المعارضة المقاطعة، وشددت على أن البحرين تتقدم إلى الأمام، والإصلاحات التي تحققت عبر المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة تزيد عن مطالب المعارضة، لكن ما يؤسف له أن المعارضة ظلت تدور حول مطلب واحد وهو المحاصصة الطائفية في الحكم.
ودخلت المعارضة ثلاثة حوارات توافقية وطنية، آخرها الذي قاده ولي العهد البحريني وأفضى إلى وثيقة القواسم المشتركة التي بموجبها تم تعديل الدوائر الانتخابية وإلغاء إحدى المحافظات البحرينية الخمس (المحافظة الوسطى)، إلا أن المعارضة رفضت هذه التغييرات، وتواصل رفضها حتى أعلنت جميعها مقاطعة الانتخابات.
وأصدر عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في 21 سبتمبر الماضي، أمرا ملكيا حدد بموجبه موعد إجراء انتخابات مجلس النواب (البرلمان) في 22 نوفمبر المقبل، على أن يفتح باب الترشيح لعضوية مجلس النواب 15 أكتوبر الجاري.
وتشهد البحرين حركة احتجاجية بدأت في 14 فبراير 2011 تقول السلطات إن جمعية “الوفاق” تقف وراء تأجيجها، بينما تقول الوفاق إنها تطالب بتطبيق نظام ملكية دستورية حقيقية في البلاد وحكومة منتخبة، معتبرة أن سلطات الملك المطلقة تجعل الملكية الدستورية الحالية “صورية”.
وتتهم الحكومة المعارضة الشيعية بالموالاة لإيران وهو أمر تنفيه المعارضة.
مخطط شيعي
ومن جانبه أكد يسري العزباوي الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن إيران تسير بخطي ثابتة وقوية في مخططها الشيعي بالمنطقة، مؤكدا أن سقوط صنعاء في يد الحوثيين كان مخطط شيعي إيراني، نفذته في بغداد وبيروت ودمشق.
وعن البحرين، أكد الخبير السياسي أن الوضع في البحرين لا فرق بينه وبين صنعاء، ولكنه مازال في المراحل الأولى، مؤكدا أن إيران هي من أججت الأزمة في البحرين، وتحاول إشعال الوضع هناك عن طريق دعمها للجمعيات السنية على رأسها جمعية الوفاق.
وتابع الباحث السياسي، أن شوكة الشيعة تقوى بالمنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي، مؤكدا أن نشاطها الصفوي الشيعي لم يعد متخفيا، بل واضحا للجميع وسط صمت سني، وتواطؤ دولي.
وبدوره قال الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن إيران تلعب في المنطقة العربية برمتها، وتدير الصراعات في الدول العربية بما يخدم مخططها الشيعي، فتقف مع الثائرين في البحرين وتدعمهم ضد النظام السني، ومع النظام الشيعي في سوريا ضد ثوار السنة.
وتابع غباشي، أن الصمت السني على المخطط الشيعي جاء بسبب ضعف الدول السنية، وصراعها مع بعضها البعض، في مقدمتها تركيا ومصر والسعودية، مؤكدًا أن هذا الصراع يصب في صالح المخطط الإيراني في المنطقة العربية.
وائل مجدي