جاءت تصريحات «منصور حقيقت بور» نائب رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني بخصوص دولة الإمارات أثناء سفره إلى محافظة «أردبيل» (شمال غرب) الأسبوع الماضي صادمة ومستفزة إلى حد بعيد؛ حيث طالب «بور» قادة دولة الإمارات – التى وصفها بالبلد الصغير – بالتعامل بعقلانية فيما يخص مسألة الجزر الإماراتية واصفا الطرح الإماراتي بأنه يتميز بـ”الجهل“ و”فقدان المعرفة“.
وجاء فى تصريحات «بور» قوله: «أن ما يطرحه الإماراتيون هو بسبب الجهل وفقدان المعرفة، لذا نطالبهم أن يرجعوا إلى الوراء ليعرفوا حقيقة بلدهم الذي يعد أصغر من بعض المحافظات الإيرانية، والذي كان في السابق جزءاً من إيران انسلخ عنها بسبب سوء تدبير الملوك الإيرانيين».
هذا وتحتل إيران الجزر الإماراتية الثلاث «طنب الصغرى» و«طنب الكبرى» و«أبو موسى» منذ عام 1971 فى أعقاب جلاء القوات البريطانية عن منطقة الخليج. وتمثل الجزر الثلاث ممر ملاحي هام يمكنه التحكم فى الخليج حيث تقع فى مدخل مضيق هرمز الذى يربط بين قارات العالم القديم ، إضافة إلى ما تمتلكه الجزر الثلاث من ثروات معدنية ونفطية.
ورغم الموقف المتصلب لإيران من قضية الجزر الثلاث التى تصر تصريحات طهران الرسمية أنها إيرانية وستبقى كذلك، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد استقرارا ملحوظا لا يعكس عمق الأزمة السياسية بينهما، كما تتسم تصريحات مسئولي الدولتين بليونة واضحة عند التطرق إلى العلاقات الاقتصادية،فوفقا للإحصاءات الأخيرة لمصلحة الجمارك الإيرانية فإن الإمارات تعد أحد أبرز الشركاء التجاريين لإيران ومن أهم وجهات الصادرات والواردات الإيرانية،الأمر ذاته جاء واضحا فى تصريحات وزير الخارجية الإماراتي الشيخ «عبد الله بن زايد» فى أبريل الماضى خلال كلمته في ختام أعمال الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة بين الإمارات وإيران حيث وصف إيران بـأنها شريك إستراتيجي لبلاده، كما لفت النظر إلى حجم التبادل التجارى الكبير بين البلدين والذى وصل قبل عدة أعوام إلى أكثر من 44 مليار درهم إماراتي سنوياً، قبل أن يتراجع نسبيا فى السنوات الأخيرة ليصل إلى نحو 25 مليار درهم عام 2012.
الاساءة للسعودية
لم تقتصر تصريحات إيران الاستفزازية على الإمارات، بل امتدت لتطال المملكة العربية السعودية، وجاء التصريح هذه المرة على لسان خطيب عيد الأضحى فى العاصمة طهران «موحد على كرماني» الذى اعتبر أن الحج والبيت الحرام أسيران بيد «الوهابيين» على حد وصفه.
وجاء الرد السعودى على لسان الداعية المعروف «خالد الشايع» الذى وصف ما جاء على لسان خطيب طهران بكونه ”كذب وإفك“ لا يخفى على المسلمين الذين حضروا إلى الحرم لأداء المناسك أو حتى شاهدوه عبر وسائل الإعلام، مضيفا فى تصريحاته إلى موقع «سى إن إن العربية» أن المملكة «لا تجبر أحداً من المسلمين على أن يسلك مذهباً فقهياً في تعبده ومناسكه في الحج والعمرة والزيارة،كما أنها جنبت الحرمين الشريفين الخلافات السياسية والحزبية التي لا تكاد تخلو منها دولة،ليتفرغ الحجاج والمعتمرون والزوار للقيام بمناسكهم« وفقا لما جاء فى التصريح.
ووجع «الشايع» كلماته لخطيب طهران مطالبا إياه بالعودة ورشده وأن يجيب الشباب الإيرانى المثقف الذى يتساءل: لماذا يوجد في جميع عواصم دول العالم المسلمة وغير المسلمة مساجد لأهل السنة ما عدا طهران، التي اتسعت لمعابد اليهود والنصارى – على حد وصفه – بينما حرم أهل السنة فيها ولو من مسجد واحد يتعبدون فيه لله رب العالمين، وفقا لما جاء على لسان «الشايع»
وختم «الشايع» تصريحاته بقوله: «كان الأجدر بذلك الخطيب أن يدرك بأن المسلمين لم ولن ينسوا ما فعل أجداده القرامطة عام 317هـ في مكة المكرمة عندما اقتلعوا الحجر الأسود، وقلعوا باب الكعبة، وعرَّوها من كسوتها، وقتلوا الحجاج ورموهم في بئر زمزم.. فلينسَ خطيب طهران تلك الأماني المجرمة، وليكفَّ عن مزاعمه الآثمة، ولقد كان الأجدر بذلك الخطيب أن يستثمر هذه المناسبة الكريمة بحلول العيد للدعوة لحقن الدماء في عالمنا الإسلامي الذي تنزف عدد من بقاعه اليوم أرواحاً ودماءً بسبب دعاة الفتنة أمثاله».
وتأتى هذه التصريحات فى إطار التجاذبات المستمرة بين كل من إيران والمملكة العربية السعودية بسبب مواقفهما المختلفة من قضايا المنطقة، على الرغم من اللقاء الذى وصفه المراقبون بـ”التاريخى“ بين وزيرى خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي، والذى وصفته السلطات الإيرانية بأنه ”فصل جديد“ فى العلاقات بين البلدين، حيث جاء فى تصريحات وزير الخارجية الإيراني«محمد جواد ظريف» لوكالة الأنباء الإيرانية على خلفية اللقاء «نأمل أن يشكل هذا الفصل الجديد فصلا مثمرا في مسار إرساء السلام والأمن الاقليمي والعالمي وصون مصالح جميع الشعوب الاسلامية في العالم».
بينما تجاهلت وسائل الإعلام ومحطات التلفزة السعودية اللقاء بشكل كبير.