ذكرت صحيفة “العربي الجديد” بأن ما يمكن تسميته عصر اللواء المتقاعد من الجيش الليبي، خليفة حفتر، بدأ يتجه نحو الأفول، نتيجة لتقييم سلبي للمرحلة التي لمع فيها منذ انطلاق العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم “الكرامة” في 16 مايو/أيار الماضي ضد المجموعات الاسلامية، التي تتراوح بين جماعة الإخوان المسلمين الليبية، وصولاً إلى جماعة “أنصار الشريعة” القريبة من فكر تنظيم “القاعدة”.
ولا ينكر ألد أعداء اللواء المتقاعد، من الإسلاميين وغير الاسلاميين، أن حفتر حقق حاضنة شعبية في مدن عدة بالشرق والغرب الليبيين، مكّنته في الأسابيع الأولى، من الحصول على تأييد شعبي تمظهر في شكل تظاهرات مؤيدة له، تطالبه بالقضاء على “المتطرفين”، وتمكين قوات الجيش والشرطة من إحكام سيطرتها على الوضع الأمني في ليبيا. وحصلت الصحيفة، على معلومات تفيد بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، شكل في التاسع من يونيو/حزيران الماضي، لجنة من الاستخبارات الحربية لها صفة “سيادية”، أي تفرض قراراتها على مؤسسات الدولة، لتقييم أداء حفتر عسكرياً في مدينتي بنغازي ودرنة الشرقيتين، بعد أقل من شهر من انطلاق حملته العسكرية، وقبيل الانتخابات البرلمانية التي جرت في 25 يونيو/حزيران الماضي، والتي أتت بمجلس النواب الليبي الحالي المنعقد بمدينة طبرق، شرقي ليبيا.
وجاء تقرير اللجنة الاستخبارية المصرية، بحسب المصادر، مخيباً لآمال اللواء حفتر، إذ خلصت إلى أن القوات المقاتلة مع حفتر براً وجواً، لم تحقق أياً من أهدافها الرامية إلى دخول بنغازي. وطالب التقرير بالتركيز على تحقيق مكاسب سياسية من خلال دعم المرشحين لمجلس النواب الليبي، الداعمين للرؤية المصرية الهادفة إلى القضاء على تيار الإسلام السياسي المعتدل والمتشدد في آن معاً، وذلك للتخفيف من الخسائر الميدانية العسكرية التي مُنيت بها قوات حفتر، خصوصاً في طرابلس وبنغازي.
كذلك اقترح التقرير الأمني المصري دعم قوات حفتر لوجستياً بشكل محدود زمنياً، وعسكرياً، حتى لا تتكشف أدلة مادية تثبت تورط دول إقليمية في تقديم هذا الدعم العسكري لمقاتلي حفتر، وانتهى التقرير إلى “سحب حفتر”، إما بطريقة ناعمة، أو حتى خشنة، وتقديم بديل جديد له يقود المعارك في شرقي ليبيا.
وقدم التقرير المصري مقترحاً بإعادة تعويم رئيس المكتب السياسي لما يعرف بـ”إقليم برقة”، إبراهيم الجضران، في واجهة المشهد السياسي والأمني في ليبيا، وذلك في اجتماع كان من المقرر عقده بالعاصمة المصرية القاهرة، يضم تسعين ممثلًا من مناطق شرق وغرب وجنوب ليبيا، موزعين بالتساوي، وجميعهم من المؤيدين لعملية “الكرامة”. إلا أن سمعة الجضران السيئة محلياً تعيق الخطة، علماً أنه يقال إن الرجل حصّل أموالاً بعد اتفاق عقده مع حكومة عبد الله الثني، لفتح المرافئ والحقول النفطية التي أغلقتها ميليشيات تابعة له.
وأشار المصدر إلى أن المصريين سألوا أطرافاً ليبية عن إمكانية قيادة اللواء المتقاعد سليمان محمود العبيدي لعملية الكرامة بدل حفتر، كونه من الممكن أن يجمع قبيلة “العبيدات” التي ينتمي إليها حول عملية “الكرامة”، باعتبارها من كبريات القبائل القاطنة بالشرق الليبي، وضمها إلى حلف القبائل المنضوي تحت قيادة حفتر، كقبائل “العرفة” و”العواقير” التي يقاتل جزء كبير من أبنائها في بنغازي مجلس شورى الثوار. فضلاً عن كل ذلك، يتحدث كثيرون عن فقدان حفتر قاعدته الشعبية في مدينة بنغازي، بدليل التظاهرات التي تخرج كل يوم جمعة للتعبير عن رفضها للقصف الجوي والمدفعي على عدة أحياء ببنغازي طالت مدنيين، وساهمت في تعطيل الحياة العامة، والدراسة بمختلف المدارس والجامعات.
وثمة مؤشرات أخرى على احتمال سحب حفتر من المشهد السياسي والعسكري الليبي بطريقة “ناعمة”، فصفحات التواصل الاجتماعي على “الفيسبوك”، المحسوبة على أنصار “عملية الكرامة”، بدأت تستهجن قيادة حفتر باعتباره ينتمي إلى قبيلة “الفرجان” من غرب ليبيا لعملية عسكرية بمناطق نفوذ قبائل الشرق الليبي. كما أن عضو مجلس النواب الليبي في طبرق، زياد دغيم، أشار في أكثر من تصريح صحافي وتدوينة على صفحته الشخصية في “الفيسبوك”، إلى ضرورة انسحاب حفتر عسكرياً، ورضوخه لأوامر رئيس الأركان المكلف من قبل مجلس النواب في طبرق، اللواء عبد الرازق الناظوري.