امتدادًا لحملة إسقاط الجنسيات في الكويت، قرّرت الحكومة الكويتية، أمس الاثنين، سحب الجنسية الكويتية من 17 شخصًا، وقالت وكالة الأنباء الكويتية، إنّ “مجلس الوزراء قرر خلال اجتماعه الأسبوعي اليوم الذي عقد في قصر بيان بمدينة حولي برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الخارجية سحب الجنسية الكويتية من 17 شخصًا”.
وأوضحت أنّ القرار جاء “في إطار مراجعة الحالات التي شابتها بعض الثغرات وأوجه الخلل بعد دراسة المستندات والمعلومات المتعلقة بظروف حصول البعض على الجنسية الكويتية ومدى انطباق أحكام القانون عليها”، من دون أن تحدّد تلك الثغرات.
وتنصّ المادة (13) من قانون الجنسية الكويتية رقم 15 لسنة 1959 على أنّه يجوز بمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية، سحب الجنسية في عدد من الحالات، بينها الحصول عليها بطريق “الغش”، أو “إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك”.
وكذلك: “إذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد أو على انتمائه إلى هيئة سياسية أجنبية”. ولا يحدّد مجلس الوزراء الكويتي أيًّا من هذه الأسباب استند إليه في قرار سحب الجنسية، وجاءت تلك القرارات ضمن إجراءات وجهت الحكومة باتخاذها ضد من قالت إنهم أناس يشتبه في محاولتهم “تقويض استقرار” البلاد، وذلك في أعقاب الاحتجاجات التي شهدتها الكويت خلال الشهر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح المعارض البارز، النائب البرلماني السابق مسلم البراك، إثر حبسه احتياطيًّا بتهمة الإساءة للقضاء، قبيل إطلاق سراحه في 7 يوليو/ تموز الماضي.
وكان من بين الذين سحبت جنسياتهم، الإعلامي سعد العجمي رئيس اللجنة الإعلامية بحركة (حشد) المعارضة. وقد برز اسم العجمي -والذي كان مديرًا سابقًا لمكتب قناة العربية- في المظاهرات التي اندلعت أواخر عام 2012 مواكبة لموجات الربيع العربي عندما ترك منصبه كمدير لمكتب قناة العربية بالكويت، منحازًا للمعارضة ومخالفًا توجهات القناة المعروفة بتأييدها لحكومة الكويت.
وقال مراقبون إن تلك الإجراءات تستهدف الكويتيين المتجنسين، الذين انضموا إلى المعارضة. وكانت الحكومة الكويتية، قد قرّرت في 21 يوليو/ تموز الماضي، سحب الجنسية الكويتية من صاحب محطة فضائية موالية للمعارضة، ومن نائب معارض سابق وأسرتيهما، إضافةً إلى إغلاق عدد من فروع الجمعيات الخيرية للإخوان المسلمين والسلفيين. وسحبت الحكومة الكويتية جنسيتها من 10 أشخاص في 10 أغسطس/ آب الماضي، بينهم الداعية نبيل العوضي رئيس رابطة دعاة الكويت.
هذا، وقال العجمي المتحدث الإعلامي باسم حركة العمل الشعبي (حشد) المعارضة والتي يتزعمها المعارض السياسي البارز مسلم البراك، لوكالة رويترز: “ما يعنيني أنه مستقر في وجداني أني كويتي وسأبقى كويتيًا ما حييت.. والجنسية هي مجرد ورقة لا أكثر ولا أقل.. الأمر واضح أنه استهداف لمواقف سياسية”، وأضاف: “لن أغادر الكويت وسأدفن فيها.. وهذا الأمر لا مساومة عليه”.
وعمل العجمي ناطقًا باسم (حشد) منذ تأسيسها، أواخر شهر ابريل/ نيسان من العام 2013، وردًا على سؤال حول باقي الأسماء وما إذا كانوا نشطاء سياسيين؟ قال العجمي: “واضح من الأسماء أنهم غير معنيين بالعمل السياسي.. إنهم مواطنون عاديون”.
وفي أول تغريدة له بعد بعد القرار بسحب الجنسية، قلّل العجمي من أهمية القرار، مبررًا ذلك بأن “الجنسية” لا تنفع أحدًا في “القبر”، على حد تعبيره:
وفي السياق ذاته، قال مسلم البراك في رسالة وجهها للعجمي: “أنت فرد لكنك الأقوى، وهم حكومة لكنهم الأضعف، سعد أنت رمح لا ينكسر وستبقى كويتيًا محبًا للكويت التي دافعت عنها في الإعلام العالمي“.
وأوضح البراك قائلًا: ” إنهم يريدون أن يخلقوا سوابق لا علاقة لها بالقانون حتى يصفوا الكويت من معارضيهم … ولكن هيهات“.
وينظر الكثير إلى القرار الأخير للحكومة الكويتية على أنه جزء من “تكميم” أفواه المعارضة بطريقة ممنهجة، وعودة إلى هشتاق (#سحب_الجناسي)؛ حيث إن القرار ليس الأول من نوعه.
وقد لقيَ القرار استياءً واسعًا بين أوساط المغردين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، رافضين أن يكون حق المواطنة ورقة ابتزاز تستخدمها الحكومة ضد خصومها السياسيين.
وكانت الحكومة الكويتية هدّدت في 15 يوليو / تموز الماضي بسحب الجنسية من أشخاص يشتبه بمحاولتهم “تقويض استقرار” البلاد. ويعد هذا التحذير، جزءًا من سياسة “القبضة الحديدية” التي اعتمدها مجلس الوزراء، في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت في نفس الشهر, بسبب اعتقال سياسي معارض بارز النائب السابق مسلم البراك، إثر حبسه احتياطيا بتهمة الإساءة للقضاء، قبيل إطلاق سراحه في 7 يوليو / تموز الماضي.
وأمرت الحكومة، أيضًا، وزارة الرفاه الاجتماعي بالنظر في أنشطة الجمعيات غير الحكومية للتأكد من أنّها لا تنغمس في النشاط السياسي. واقترح محلّلون، بأن هذا التدبير يهدف إلى التضييق على الجمعيات الإسلامية. حيث “يتمّ توجيه هذا إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك بعض مَن شاركوا في المظاهرات الأخيرة في المعارضة”، وفقًا لما قاله المحلّل السياسي الكويتي شملان العيسى.
وتعتبر الكويت من أكثر الدول الخليجية التي تتمتع بحرية التعبير، إلّا أنها شهدت في الآونة الأخيرة موجة من الاعتقالات وسحب الجنسيات عن عدد من الشخصيات المحسوبة على المعارضة، في مقدمتهم عبد الله برغش نائب سابق، وأحمد الشمري مالك قناة (اليوم الفضائية وصحيفة عالم اليوم) وأسرتيهما، إضافة إلى إغلاق عدد من فروع الجمعيات الخيرية للإخوان المسلمين والسلفيين.
ويعد الداعية نبيل العوضي رئيس رابطة دعاة الكويت من أبرز الشخصيات التي سحبت منها الجنسية، ويتهم معارضون كويتيون، أن الحكومة تقوم بانتقاء معارضيها في قرارات ما يعرف بالكويت بـ”سحب الجناسي”، “ولا يتم اتخاذ تلك القرارات بناءً على بعد قانوني”.
وكان الناشط الحقوقي، نواف الهندال، عبر عن مخاوفه من أن هذا القرار جزء من خطة طويلة الأمد اتخذتها الحكومة الكويتية من أجل فرض قيود أكبر على الحريات في البلاد.
وقال لموقع “بي بي سي” في وقت سابق: إن “من الصحيح أن الكويتيين حصلوا في الماضي على حقوق أكثر مقارنة ببلدان خليجية أخرى، لكن الحكومة الكويتية ظلت خلال السنوات الأخيرة تتخذ إجراءات أكثر صرامة ضد المعارضة وحرية التعبير”.
ومضى الناشط الحقوقي قائلًا إنه في أعقاب احتجاجات عام 2012، تزايد عدد المعتقلين بشكل كبير بين ناشطي موقع تويتر الذين يرسلون تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرت مسيئة لأمير الكويت، فيما يعتقد أنه علامة على عدم تسامح السلطات الكويتية أكثر فأكثر مع أي نقاش سياسي حساس..
وكانت منظمة (هيومن رايتس ووتش) المعنية بحقوق الإنسان انتقدت السلطات الكويتية لتجريد المواطنين جنسيتهم ضمن حملة أوسع نطاقًا ضد الناس الساعين للإصلاح، حسب تعبيرها، وطالبت الحكومة الكويتية أن تقوم فورًا بإعادة جنسية هؤلاء وأن تضع حدًّا لهذه الممارسة.
سحر القحطاني – التقرير