كتبت صحيفة (المصريون) هذا التقرير عن الأسرار الكامنة وراء التخلي عن برنامج “يسري فودة” وكذلك العديد من الإعلاميين والمذيعين المؤيدين لثورة 25 يناير:
تعرضت شبكة قنوات “أون تى في” وعدد من الفضائيات والصحف الخاصة لسلسلة من الأزمات خلال الفترة الأخيرة، تتعلق بأسباب مادية في المقام الأول، فضلاً عن أسباب أخرى تتعلق بالأجواء السياسية التي تعيشها البلاد، والتضييق على الأصوات المعارضة للسلطة الحالية.
وأبرز هؤلاء الذين سيفتقد الجمهور إطلالتهم، الإعلامي يسري فودة، مقدم برنامج “آخر كلام”، الذي طالما واجه انتقادات عديدة في الفترة الأخيرة لتبينه خطابًا مناهضًا للدولة والحكومة، بعد أن أعلن انتهاء علاقته بقناة “أون تي “في، نهاية الأسبوع.
ولم يحدد فودة أسباب ذلك، لكنه قال إن “انتهاء عقدي لهذا العام فرصة كنت أنتظرها؛ لالتقاط الأنفاس، بعد أصعب السنوات وأجملها في مشوارنا الصحفي في أجواء عامة ضاغطة.. وسأكتب المزيد قريبًا”.
وكشفت مصادر مطلعة عن السبب الحقيقي لعدم تمديد عقد فودة مع فضائية “أون تى في”، إذ قالت إن ذلك جاء بناءً على رغبة القناة، حيث ستشهد الأيام المقبلة استبدال برنامجه اليومي “آخر كلام”، المذاع من السبت للخميس من الثامنة لـ الحادية عشرة مساء، على فضائية “أون تى في” ببرنامج “السادة المحترمون” للإعلامي يوسف الحسيني، المذاع حاليًا على فضائية “أون تى فى لايف”.
وسيقدم الحسينى ساعة واحدة فقط سياسة دون التركيز على القضايا الحساسة، مع تقديم ومناقشة قضايا فنية مع أحد الضيوف فى بقية البرنامج.
لم يكن فودة أول الإعلاميين المحسوبين على ثورة 25يناير الذي يعلن توقفه عن الظهور على الشاشة، إذ كانت البداية الفعلية مع الماراثون الرئاسي للرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أشهر قليلة، عندما بدأت “تحرشات” غير معلنة بين الحكومة ووسائل الإعلام، فكانت التصفية بقامات إعلامية كبيرة بدت فى 30يونيو مؤيدة لعزل الرئيس محمد مرسي.
البداية كانت مع إقصاء فضائية “أون تى في” للإعلامية ريم ماجد من شاشتها، ثم إيقاف برنامج “البرنامج” الإعلامي الساخر باسم يوسف عن قناة “إم بي سي مصر”، وتقليص ساعات البث للعديد من البرامج السياسية، ثم الإيقاف القسري لعشرات العاملين بالفضائيات المصرية.
ولم تكتف “أون تى في”، بإبعاد فودة فقط، بل قررت فضائية “أون لايف” إيقاف كل برامجها الحوارية والسياسية، والاكتفاء بإذاعة النشرات التى لا يتعدى وقتها من 5دقائق لـ 25 دقيقة، ومواجيز الأخبار التى لا يتعدى وقتها من 3 دقائق لـ 5دقائق.
وتقرر إيقاف برنامج “مباشر من العاصمة”، المذاع عبر 24 ساعة، والاكتفاء بإذاعة 7 ساعات فقط، تبدأ من 12 ظهرًا حتى السابعة مساء، وقررت إدارة القناة تسريح كل المعدين والمذيعين ومهندسى صوت ومسئولى “ccu”، والمصورين العاملين بقناة “أون لايف”، ومن بين من سيتم إيقافهم من قراء النشرات: ياسر عبد الستار، ريم وجدي، جومانة مراد، أشرف محمد، والوجوه الشابة القادمة من “أونا أكاديمي”.
الأمر لم يقتصر فقط على شبكة “أون تى في”، بل طال عددًا من القنوات المؤيدة للنظام الحالي، على رأسها صدى البلد والمحور وفضائية الحياة التى سرحت بالفعل أكثر من 25% من قوة عملها شاملة معدين ومذيعين وقراء نشرات ومهندسى صوت وكهرباء وإضاءة.
الإعلامى شريف عامر، مقدم برنامج “يحدث فى مصر”، على قناة “إم بى سى مصر”، لم يسلم هو الآخر من مقصلة السلطة. إذ أنه وبحسب مصادر مقربة من “إم بى سى مصر” سيتم تقليص عدد ساعات الحديث فى السياسة إلى ساعة واحدة فى برنامجه.
وفى ضوء الحملة التى تقودها جهات سيادية ضد الإعلاميين المناصرين لتبعات بيان 3يوليو، يظهر فى الأفق، تحجيم الإعلامية منى الشاذلي، وتغيير مسارها الإعلامى الحوارى والسياسي، إلى مناقشة وعرض قضايا مجتمعية وفنية فقط.
وتركت الإعلامية ريم ماجد، تقديم برامج التوك شو، واتجهت لتدريب الإعلاميين الصاعدين فى أكاديمية “أونا”.
ولم تسلم الصحف القومية والخاصة من عملية تجريد وتسريح عامليها، وعلى رأسهم المختصون بالشأن السياسي، منها على سبيل المثال لا الحصر، تسريح الأهرام لـ 30 صحفيًا تحت التدريب، بعد أن قضوا أكثر من عام داخل المؤسسة.
محررو جريدة الأخبار هم أيضًا تناولتهم مقصات التصفية، منذ قدوم الإعلامى ياسر رزق، رئيس تحرير الجريدة الحالي، من صحيفة المصرى اليوم، فقد سرّح جميع المتدربين تحت بند الضائقة المالية.
صحف خاصة أخرى قامت بتسريح صحفييها، من بينها “اليوم السابع” الذى فصل أكثر من 150 صحفيًا، بعضهم اعتصم داخل النقابة، لكن لم يسانده أحد، وآخرون رفعوا قضايا حاليًا بحق المؤسسة بعد عملهم داخلها لأكثر من عام ونصف.
فيما قامت صحيفة “الشروق” بتسريح الشيفت المبيت من بوابتها الإلكترونية، والاكتفاء بتحديث أخبار الموقع 12 ساعة فقط بدلا من 24 ساعة.
وطبقًا للمصادر، تعود أسباب تحجيم الدولة لدور الإعلام فى مصر، فى الفترة المقبلة، لأوامر صدرت من جهات عليا وسيادية بالدولة، بعدم الحديث والخوض فى القضايا السياسية التى تتعلق بالأمن القومى للبلاد، أو التحريض فى المستقبل من قريب أو من بعيد على الجماعات الإسلامية والأحزاب والحركات التى تدور فى فلكها، والتركيز فقط على إنجازات الحكومة، وعدم تسليط الضوء على قضايا القتل والإرهاب والتفجيرات، وخاصة سيناء، فى خطوة تحمل مضامين كثيرة، ربما من بينها التمهيد لمصالحة مجتمعية شاملة.