“مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية” هذه العبارة التي يشاهدها المارة أمام مجموعة المباني القائمة خلف مستشفى المقاصد، الذي يعتبر المقر الرئيسي لدار الأيتام، بالإضافة الى عشرات المباني الأخرى في بيروت وعدد من مناطق لبنان. “دار الأيتام” التي تأسست مع نهاية الحرب العالمية الأولى بفعل المآسي الاجتماعية التي ضربت لبنان، حملت في حينه اسم “الميتم الاسلامي” وتوسعت انشطتها فناهزت 45 مركزاً متخصصاً من المتوقع ان تؤدي دوراً فاعلاً في الرعاية الاجتماعية للبنان وفق ما ورد في المرسوم الجمهوري رقم 5573 من العام 1929…لكن الواقع مختلف.
بدأت مأساة طارق مع دار الأيتام مع طلاق أبويه الذين لم يتسن له معرفة أي منهما شخصياً. رُمي بطارق باكراً عن عمر سنتين في دار الأيتام: الوالدة تزوجت والوالد دخل السجن. من دار الحضانة ثم دار الطفولة ومن ثم دارة الأخوة وأخيراً دار السعادة. طارق نقل بندم وامتعاض كيف تم قبوله في الدار في حين أن شقيقته الكبرى تم رفضها لأنها تفوقه بستة اعوام وكان حظها ان تعيش حتى زواجها لدى منزل خالتها. وبرغم الفقر المدقع لجديه، كان طارق يرى أن شقيقته كانت على جانب كبير من الحظ لأنها لم تطأ قدماها ارض “دار الأيتام”. لم يكن على تواصل من عائلته سوى مع جدته “ام توفيق” التي كان يناديها “ماما” والتي كانت تزوره مرة في الأسبوعين لأنها لا تملك اجرة الطريق في حين كان بالامكان ان تزوره مرة أسبوعياً وان تستضيفه في نهاية كل أسبوع ولكن ضيق ذات اليد حال دون ذلك.
دار الأيتام: يوميات من العذاب والشقاء
رحلة العذاب والشقاء بدأت مبكراً لدى طارق في “دار الأيتام”؛ ومن أجل ايضاح وتيرة الحياة اليومية وطبيعتها قدّم طارق عينة يومية عن حياة الطفل في الدار أشار فيها الى “ضرورة فهم دور من يعرفون بـ”المشرفات” والتي يجوز أن نطلق عليهم لقب “حارسات وزبانية تعذيب وليسوا مربيات كما يفترض أن يكونوا. يومنا كان يبدأ عند الساعة الخامسة صباحاً حين تعمد المشرفات على ايقاذ الأولاد جميعاً بالرغم من أن اعمار البعض لا تتجاوز السنوات الأربع على وقع الصراخ والاهانات وصولاً حتى الضرب في حال تخلف أو تأخر أي طفل عن تجهيز ملابسه والخروج من الحمام في فترة لا تتجاوز العشرة دقائق. بعدها يتوجه هؤلاء “الأيتام” الى قاعة الطعام لتناول الفطور الذي عادة لا يتجاوز كمية ضئيلة من الجبنة أواللبنة او كباية الشاي أو الحليب: الطعام بالاكراه ومعنى ذلك أنه لا امكانية اضافة المزيد ولا يجب ترك أي طعام في الصحن! هذا النظام ينطبق على الغداء والعشاء. أما “زوادة” الطفل الذاهب الى مدرسته فلا تتجاوز السندويش الواحد فقط لا غير والذي من المفترض ان يكفيه من الساعة السابعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر”.
كما في الصباح، كذلك كان طعام الظهيرة والعشاء محدوداً كماً مع نوعية قد لا ترقى الى مستوى الآدمية وكان قَدَر عدد لا بأس به من أطفال دار الأيتام أن يناموا جائعين. ويضحك طارق حين نسأله عن نوع الحلوى، فيشير ” كنا نشاهدها مرة واحدة على الأكثر أسبوعيا وهي دائماً فاكهة رخيصة. وحتى يحين موعد العشاء في السابعة ونصف، عادة ما تمرّ بضعة ساعات يفترض بأنها مخصصة “للتدريس” الذي يبدو أن له مفهوماً مختلفاً في دار الأيتام. خلال هذه الساعات الأربع كان الأطفال يجتمعون في غرفة كبيرة ويجلسون على الأرض لآداء واجباتهم المدرسية تحت أعين مشرفات لا يملكون الكفاءة للتعليم وتحت رحمة العصي التي تنهال على كل من يتأخر أو يتعثر بالحفظ أو يجد صعوبة في الدرس. لا مراعاة خلال كل ذلك لعمر الطفل، او وضعه النفسي خصوصاً إذا ما كان من ذوي الحاجات الخاصة. فالحلّ الوحيد المتوفر لدى المشرفات هو الضرب ومن ثم الضرب وأخيراً …الضرب. وكما يقول ابراهام ماسلو: إذا لم تملك آداةً سوى المطرقة، فستتعاطى مع جميع المشاكل على أنها مسامير”.
بعد العنف المستشري، يأتي الابتزاز والاستغلال والذي يصفه طارق الملاح بأنه” تسول بكل معنى الكلمة. ففي دار السعادة والطفولة كانت دار الايتام ومازالت تدفع الى الشوارع بالأولاد الذي يفترض ان تحميهم وتصونهم كي يتجولوا في كل رمضان ضمن مسيرات “رمضانية” استعراضية تعود بتبرعات مجزية لصالح الدار من دون أن يستفيد الأطفال الذين يجمعون المال من أي سخاء جادت به أيدي الناس عليهم ومن أجلهم”. طارق وأمثاله ممن لا أهل لهم، لم يكن يسمح لهم بمغادرة دار الأيتام الى الخارج خلال العطل الأسبوعية أو الأعياد بل كان قدرهم أن يشاهدوا زملاءهم يخرجوا ويعودوا بمواكبة الأهل ومحملين بالأطايب وما ندر وجوده في الدار، وبطبيعة الحال فالنزهات ليست ضمن قاموس دار الأيتام. ويواصل طارق كلامه واصفاً ما كان يجري خلال الأعياد “حيث يتوجه عدد من الميسورين والشخصيات والوجهاء والمتبرعين لتقديم “عيديات” مالية مباشرة للايتام. ولكن “مسرحية العيديات” التي قتارب مسرحية التسول تنتهي مع مغادرة المتبرعين للدار حيث يهرع المشرفون والاداريون وينتزعوا الأموال من ايدينا”.
“دار السعادة” أو… الإغتصاب الصامت بالتناوب
في دار السعادة، يبلغ فشل السياسة الادارية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية أوجه: في هذا المكان يسمح لاطفال لم يتعدوا 9 أو 10 سنوات أن يدرسوا، ويأكلوا ويلعبوا والأهم أن يناموا في مكان واحد مع أولاد بلغوا 14، 15 وحتى 16 عاماً. النتيجة الأولية لهذا التعايش هو ازدياد في مستوى التعامل الخشن من الرفاق الذين يفوقون الآخرين عمراً وجسماً بطبيعة الحالة ليتراكم مع عنف المشرفات ويخلق بيئة اجتماعية مبنية على القهر.
في عمر التاسعة، وبعد سبع سنوات قضاها تحت الاهانة والضرب والحرمان، كان على الطفل طارق الملاح أن يتعترض الى أحد أعنف أشكال الانتهاكات: الإغتصاب الجنسي. الألم النفسي مازال ظاهراً على قسمات وجه طارق برغم مرور 11 سنة على الاعتداء الجنسي الأول الذي تعرض له في مكان النوم في المكان الذي سميّ “دار السعادة”. ويروي طارق “في تلك الليلة، وبعد نوم الأطفال الآخرين وفي وقت غابت فيه رقابة المشرفات التي من الواجب أن يقمن برقابة متواصلة، استفرد 3 من الأولاد بطارق في سريره الخاص، قاموا بنزع ملابسه عنوة بعد أن كموا فمه مانعينه من الصراخ، واعتدوا عليه مداورة. الثلاثة الذين لا ينسى طارق وجوههم ولا أسماءهم: محمود الخطيب، عصام عبجي وأحمد اللهيب، وجميعهم بين 14 و16 عاماً”.
في اليوم التالي، وبرغم الدماء الموجودة في السرير، لم تعر المشرفات أي انتباه لحالة طارق الذي كان يتلوى من الألم ويبكي من دون ان يجروء على الإفصاح عن السبب لأن المعتدين قد هددوه وتوعدوه بشر عقاب. في المدرسة كذلك، رفض طارق مجدداً ان يتكلم مع المدرسين حول الألم البادي عليه وكان كلام الطفل المعتدى عليه “رجلي تؤلمني…رجلي تؤلمني”. وقد فُرِض على طارق ان يتحول الى طفل يشبع غرائز الأولاد في الدار ليلة وراء ليلة حيث تناوب المعتدون عليه حتى باتوا يستدعوا رفاق لهم لكي يشاركوا بالاعتداء. هذا المسلسل المفزع استمر لخمس سنوات تناوبت خلالها على طارق أفواج من المعتدين وبات يشاهد ليلاً كيف يجري اغتصاب آخرين من فتيان الدار. كان كل فوج يأتي من نزلاء دار الأيتام ينقل عملياً جميع ما تعلمه من الجيل الآخر بل بلغ الأمر أن شاع تناقل الاسطوانات المدمجة CD تحوي أفلام جنسية يتم مشاهدتها ومن ثم تطبيقها في الدار”.
حين تقدم دار الأيتام رشوى 30 الف دولار مقابل صمت المعتدى عليهم !
فرّ طارق من دار الأيتام، فر من ذلك المكان خوفاً على انسانيته وبحثاً عن كرامة داسها من كان يجب عليه صونها، فرّ من الدار التي حولته يتيماً من كل حقوقه كبشري. اغتنم طارق ابن 14 سنة اول فرصة سانحة له وخطا خارج باب السجن المسمى “دار الأيتام” حراً من دون قيود وكان عليه ان يعيش كمتشرد لفترة 9 اشهر. وينقل طارق لنا “أنه خلال هذه الفترة التي قضاها في العراء وبالتحديد في حرج بيروت وحوله، يعتاش على التسول تارة والسرقة تارة أخرى، لم تبذل ادارة الدار أي جهود كي تبحث عنه او تبلغ المراجع الأمنية او القضائية المختصة او أي من أقربائه. “وبعد اكثر من 9 أشهر من التشرد وصلت الى منزل جدتي في حي السلم”.
في بلد متحضر، قد تهزّ جريمة اغتصاب طفلة المجتمع وتصل لحدّ المطالبة باقالة الوزراء كما حصل في تونس في العام 2013، فما حال ان اصبح الاغتصاب هو مسلسل يومي بحق الاطفال والاولاد وبحق بعضهم البعض خصوصاً في مؤسسة اجتماعية تحمل غطاءً طائفياً كأي مؤسسة في لبنان. طارق الملاح الذي اصبح في عمر 18 سنة عاد الى الدار وطلب المساعدة بشكل مباشر من مديرها العام عامر بواب بعد رحيل المدير السابق محمد بركات، بعد أن ظن “أن المدير الجديد قد يكون أفضل من القديم. خصوصاً أنّ المدير الجديد قال أنه يعلم بقصتي كلها، وبحثوا عن عمل لي من دون أن يقدموا لي اي تأهيل مهني او لغوي خصوصاً انهم احتفظوا بجميع شهاداتي المدرسية لديهم ورفضوا الافراج عنها. عملت لفترة أشهر في إحدى المطاعم الذي تملكه عضوة في مجلس العمدة للدار ولكنهم لم يحاولوا تقديم أي مساعدة نفسية او اجتماعية. في اول ظهور لي على شاشات التلفزة تصاعدت الإغراءات كما تصاعدت الضغوط عليّ؛ فقد وصلت المبلغ الذي ساوموني عليه مقابل صمتي هو 30 ألف دولار هي عبارة عن رشوى، وبالمقابل كانوا يرفعون عبء العمل على كاهلي من دون ان يمنحوني أي حق بالانتساب للضمان الاجتماعي”.
ووفق طارق ملاح، فالذي “استفزني الى أقصى درجة وجعلني أكثر اصراراً على فضح ما يحصل في داخل الدار هو التشويه النفسي والإغتصابات التي لا تزال تحصل مع عدد كبير من الأطفال هناك بحسب ما نقلته لي إحدى المشرفات التي قابلتها، ونقلت ذلك على شاشات التلفزيون. ادارة “دار الأيتام” جن جنونها بطبيعة الحال وقاموا بضغوط هائلة على صاحبة العمل التي بدورها أكرهتني على تقديم استقالتي وقد قدمت دعوى قضائية ضدها مؤخراً”.
وتابع طارق “بعد ان فضحت كل هذه الممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية وللاقانونية على التلفزيون اكثر من مرة، اتصل بي مدير الدار الجديد الدكتور خالد قباني وطلب مقابلتي مدعياً أنه لم يعلم انني اردت مقابلته مرات عدة من قبل دون جدوى. وكان طلبهم أن اصمت ولكني لم أذعن لهم خصوصاً انهم اكتفوا بالبيانات الفارغة من المحتوى العملي لأن قضيتي باتت أكبر من شخصي فقد اكتشفت ان هناك العديدين الذين تعرضوا لمثل ما تعرضت له تحت أعين وسمع الادارة وهم مستعدون اليوم للكلام. واكثر من ذلك عندما قمت بالاعتصام امام مبنى دار الأيتام ودخلت الى الدار فوجئت وانا أستعد للخروج أن هناك أكثر من 30 شخصاً بانتظاري في الخارج يهددوني ويتوعدون بقتلي وبينهم احد من اعتدوا علي (عصام عبجي) وكان عليّ الخروج بفان لدار الأيتام حفاظاً على حياتي”.
ختم طارق حديثه برسالة وجهها الى رئيس الحكومة الذي قال له “أنّ ملفي بات في عهدته وهنا أناشده أن يأخذ ملفي بدرجة عالية من الجدية ويعتبرني أحد أولاده وهو من المفترض أن ينظر الى جميع اللبنانيين باعتبارهم أولاده. دار الأيتام باتت تخرّج مجرمين ومغتصبين وعبارة عن مكان يتناقل فيه الأولاد من جيل الى جيل اساليب اقتراف أشنع الممارسات الجنسية. وأخيراً، لا يجب أن يقف المسؤولون والوزراء على الحياد لأنّ من يقف وراء الدار هم من النافذين سياسياً واجتماعياً…فهل هذا يبرر اغتصاب الأطفال بشكل منهجي في مؤسساتهم!؟”
ماذا يقول القانون عن حالة طارق والضحايا الآخرين؟
القانون اللبناني لا يعتبر متقدماً مقارنة بالقوانين المرعية الإجراء في العالم حالياً من حيث تعامله مع حالات الاعتداء على الأطفال. وقد أثير هذا الأمر منذ فترة أيضاً حين هزت فضيحة اخرى الرأي العام اللبناني حين تجرد أحد المدرسين وهو رجل دين من آدميته واعتدى على الأطفال طوال سنوات. وكان هناك دراسة نشرها “المجلس الأعلى للطفولة” في لبنان، قد بينت أنّ 16. 1% من الأطفال بين 8 و11 عاماً قد تعرضوا للتحرش الجنسي او الاغتصاب، مع الاشارة بطبيعة الحال أنّ هؤلاء يمثلوا من قرروا الافصاح عن الحادثة اي قمة جبل الجليد حيث ما كان خافياً أعظم بكثير.
وبالعودة الى القانون، نجد أن أبرز ما ترتكز عليه الدعاوى القانونية هي المادة 505 – عقوبات التي تتناول جريمة اغتصاب الأكفال باعتبارها عملاً يعاقب عليه حيث جاء فيها «من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة» والتي تتراوح عملياً ما بين 3 الى 15 سنة مع توضيح أن “لا تنقص العقوبة عن 5 سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره” ولكن المستغرب أنها تتدنى الى شهرين “إن أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة” في حين أن القانون لا زال يعتبر من هم دون الثامنة عشرة باعتبارهم أولاداً. وهنا تبرز اشكالية من يعتبر ولداً حيث نصت المادة الأولى من الإتفاقية الدولية الخاصة بالطفل للعام 1989، على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة مع العلم أنّه في القانون اللبناني لم يرد تعريف واضح للطفل، سوى ما ذكره في قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر في مادته الأولى أن الحدث هو الشخص الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره.
ولكن الوضع في دار الأيتام يشمل عمليات اغتصاب وتسهيلها الى جانب أعمال أخرى يعقاب عليها القانون. وبالرغم من افتقار القانون اللبناني الى نصوص صريحة تتناول وضع الطفولة ضمن اطار قانوني واضح يمكن تبيان جملة من المخالفات التي ارتكبتها دار الأيتام الاسلامية وفق شهادة طارق ملاح وهي التالية:
الضرب والإيذاء: تعاقب المادة 559 – عقوبات كل من قام “بأفعال الضرب والإيذاء بحق حدث دون الخامسة عشرة من عمره. كما عاقبت المادة 554 من قانون العقوبات بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالتوقيف التكديري وبالغرامة” التي تبدو مضحكة اذ لا السنة سجنية ومئة ألف ليرة!
الحرمان من الحرية: ويأتي الخطف على رأسها ولا تخرج افعال دار الأيتام عن هذا السياق حيث ورد في المادة 495 والتي تنص على عقوبة الحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة المالية مع احتمال ان تصل العقوبة الى الاشغال الشاقة المؤقتة ان لم يتم القاصر 12 سنة.
إغتصاب الأطفال او تسهيله: وهذا ما ارتكبته ادارة دار الايتام بطريقة مباشرة او غير مباشرة وأسلفنا بذكر المادة 505 ويضاف اليها المادة 506 والذي ورد فيها أنّه “يُقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو كان مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته”.
دفع الطفل الى التسول: وقد قامت الدار باستعمال الأطفال الموجودين في عهدتها لجمع الأموال ومن ثم سلبتهم اياها وهذا ما تعاقب عليه المادة 617 – عقوبات “بالحبس من شهر الى ستة أشهر وبالغرامة” سواء لأهله أو “للمكلفين إعالته وتربيته، إذا لم يقوموا بأوده على الرغم من اقتدارهم وتركوه متشرداً” ودفعوه الى التسول جراً لمنفعة شخصية.
تسهيل الفجور للأطفال: وهذا يعني مباشرة المشرفات في دار الأيتام حيث توضح المادة 523 عقوبات أنّ من حض “على الفجور أو الفساد أو على تسهيلهما له أو مساعدته على إتيانهما. وعقوبته الحبس من شهر الى سنة وبالغرامة”.
إذاً تبقى النصوص القانونية الموجودة قاصرة عن حماية الطفولة وبالتالي يصطدم التطبيق بعقبات عدة ما يستدعي ضرورة ان تتحرك الجهات المعنية من مجتمع مدني وحكومي وأطراف دولية لنفض عبء الصمت و”التابو” الاجتماعي الذي يستند على صمت حكومي رسمي ما يعتبر تسهيلاً لهذه الجرائم من خلال غض الطرف عنها. هل يجرؤ المجلس الأعلى للطفولة على اتخاذ موقف؟ هل يمكن لوزارة الشؤون الاجتماعية ان تفعل أي شيء لوقف الاغتصاب في دار الأيتام؟ وهل الحكومة ستتصرف باعتبارها معنية مباشرة بتطبيق القانون أم أن الغطاء الطائفي والمذهبي يستر عورات المؤسسات وفضائحها ولو على حساب أجيال بأكملها؟
غسان عبد القادر
(سكون)