“ثمن التخلي عن اليمن” .. هكذا علقت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية على التطورات التي شهدتها الساحة اليمنية في الأيام الأخيرة نتيجة سيطرة الحوثيين على المواقع والإدارات الحكومية الحساسة.
وقالت الصحيفة إنه في عام 2011، ابتهج اليمنيون بإسقاط نظام علي عبد الله صالح الديكتاتوري الذي استمر لثلاثة وثلاثين عاما في ثالث ثورة ناجحة من ثورات الربيع العربي بعد أن أطيح بنظامي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة تكمن في أن الثورة لم تتبعها مصالحة، وهو نفس الحال في كل من تونس ومصر أيضا.
وتساءلت الصحيفة عن الأسباب التي دفعت اليمن إلى هذه المرحلة، مجيبة بالقول إنه بعد الإطاحة بعلي عبد الله صالح أقرت الحكومة الانتقالية بأن الفترات الماضية شهدت سوء معاملة للحوثيين وتقدمت باعتذار رسمي عن الحروب الستة التي شنها صالح ضدهم بين عامي 2004 و2006، إلا أنها لم تهتم بمظالمهم، مما دفعهم إلى الاستمرار في طريق التمرد.
وأضافت أن المجتمع الدولي أيضا كان عليه أن يدعم اليمن لضمان نجاح انتقاله نحو الاستقرار والتنمية، إلا أنه بدلا من ذلك سحب دعمه لليمن بشكل كبير في الوقت الذي يهوي فيه هذا البلد إلى مزيد من الفقر والفوضى والعنف.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ركزت جهودها على مكافحة الإرهاب بمواصلة هجماتها بطائرات بدون طيار التي تستهدف معاقل تنظيم القاعدة.
أما السعودية، وفق الصحيفة، فقد حولت اهتمامها إلى مناطق أخرى بالإقليم، متجاهلة الفوضى المحتملة على حدودها الجنوبية.
ولفتت إلى أن ما يجري حاليا في اليمن يعطي إيران، داعمة الحوثيين، اليد العليا، لتتبوأ بذلك مكانة تفوق السعودية، مما يعني أن الغرب سيكون عليه أن يوجه إيرانا أقوى خلال الجولة القادمة من المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وشدد المقاتلون الحوثيون الشيعة في اليمن قبضتهم على العاصمة صنعاء أمس الاثنين بعد السيطرة على أجزاء كثيرة من المدينة في هجوم خاطف وتوقيع اتفاق خلال الليل لتقاسم السلطة توج انتفاضة مستمرة منذ نحو عشر سنوات.
ويشكل الشيعة الزيدية 30 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة وحكموا مملكة هناك لمدة الف عام، ويشكو الشيعة من تعرضهم للتهميش منذ الاطاحة بآخر ملوكهم في صنعاء في ثورة عام 1962.
وحارب الحوثيون الذين سموا على اسم مؤسسهم من اجل المزيد من الحقوق للشيعة في اليمن.
وينظر إلى الحوثيين على انهم حلفاء لإيران القوة الشيعية الرئيسية في المنطقة والعدو الابدي للمملكة العربية السعودية ولدول اخرى في الخليج تقودها أسر حاكمة سنية.
ووقع وفد يمثل الحوثيين اتفاقا لتقاسم السلطة مع اطراف اخرى في وقت متأخر يوم الأحد بعد سيطرة الحوثيين على انحاء كثيرة من العاصمة خلال بضع ساعات دون مقاومة تذكر من القوات الحكومية التي أحجمت على ما يبدو عن القتال. وذكرت مصادر طبية ان 200 شخص لاقوا حتفهم.
وتجنبت النخبة السياسية في اليمن الحوثيين لفترة طويلة، وشكا الحوثيون من عدم إشراكهم في اتفاق لنقل السلطة تم بوساطة خليجية بعد الاحتجاجات التي أرغمت الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي في عام 2012 لصالح نائبه السابق عبد ربه منصور هادي.