أثارت تصريحات وزير التخطيط والاقتصاد د. محمد الجاسر، بأن المواطن السعودي ينعم بمستوى عالٍ من الرفاهية، مقارنة باقتصاديات دول العالم الأخرى، موجة غضب واستياء عارم بين أوساط المغرّدين السعوديين.
وذكر الجاسر على إحدى الفضائيات السعودية أن الدولة لن تفرض ضرائب على المواطن السعودي لكون مدخول البترول يغني عن عدم فرض ضرائب على المواطن السعودي. وقال: “رأت الدولة ألا تفرض ضرائب على المواطنين؛ لأن مداخيل البترول لا تزال كافية، وهو ملك الوطن وبالتالي يُستخدم في الاستثمار”.
وأجاب الوزير عن التساؤل: ماذا قدّم الاقتصاد السعودي للمواطن؟ قائلًا: “في بداية التخطيط الاقتصادي في المملكة، كان معدل عمر المواطن السعودي ٥٣ سنة، الآن قفز إلى ٧٥ سنة فكيف يتم هذا؟ يتم بالعناية الصحية والغذاء الصحي المتوفر، والأمن والأمان، وهما أهم الأمور، فهما نعمتان مجحودتان في الأوطان”.
وتحت هشتاق #المواطن_يعيش_بمستوى_عال_من_الرفاهية، والذي تجاوز عدد التغريدات فيه الـ 30 ألف تغريدة خلال ساعات، وتصدر المرتبة الأولى على مستوى المملكة، اعتبر البعض أن التصريح استفزازي وأن الوزير يتجاهل تمامًا معاناة المواطنين، ووصفوه بـ “الخارج عن الواقع”؛ ولفت آخرون أن مثل هذه التصريحات دلالة على أنه لا بوادر للإصلاح في البلاد.
وكان الناشط والخبير الاقتصادي عصام الزامل قد ذكر في تدوينة له بوقت سابق، تحت عنوان: (هل ازداد السعوديون فقرًا): أن الحقيقة التي لا تخطئها العين أن تكاليف الحياة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية. والحقيقة الأخرى أن مستويات الرواتب والدخول لم ترتفع بشكل ملحوظ يوازي الارتفاع الذي شهدته أسعار السلع والخدمات والعقار خلال الثلاثة عقود الماضية.
ولا يختلف اثنان أن المواطن الذي يعمل موظفًا حكوميًا في بداية الثمانينيات لن يجد صعوبة في توفير تكاليف الزواج وامتلاك منزل وسيارة، بل قد يتمكن من ادخار جزء من دخله للاستثمار في سوق الأسهم أو العقار.
كما تطرق إلى تراجع السعودية إلى 39 مركزًا في ترتيب أكبر ناتج محلي للفرد في العالم، حيث ذكر أن السعودية عام 1980 كانت تحتل المرتبة الرابعة كأكبر ناتج محلي حقيقي للفرد في العالم، وفي عام 1990 انخفض ترتيبنا للمرتبة الثامنة والعشرين، ثم شهد ترتيبنا مزيدًا من الانخفاض في عام 2000 ليصل للمرتبة الثالثة والخمسين، وأخيرًا وصل الترتيب في عام 2010 إلى ثلاثة وأربعين.
خلال ثلاثين سنة، أكثر من 39 دولة تجاوزتنا في سباق التنمية الاقتصادية، غالبية هذه الدول ليس لديها دخل نفطي أو مورد طبيعي يضمن لها رؤوس الأموال التي تبني من خلالها البنية التحتية وتحسن التعليم وتدعم الإنتاج والتصنيع، ورغم هذا استطاعت تلك الدول أن ترفع من دخلها سنة بعد سنة.
وطالب الزامل بتسريع عجلة النمو الاقتصادي الحقيقي، مؤكدًا أنها الحل الوحيد للخروج من تلك الدوامة، وليس النمو الاقتصادي القائم على زيادة الدعم الحكومي غير المستدام أو الإنفاق الحكومي المرتبط بزيادة عوائد النفط.
فعندما يشتكي الناس عبر تويتر وعبر وسائل الإعلام من انخفاض الرواتب وأنها لا تكفي الحاجة، فشكواهم حقيقية ومبررة ولكن ما يعانون منه هو عرض من أعراض المرض الاقتصادي الذي نعانيه، والشكوى التي يجب أن تتجه لها البوصلة هي أن (النمو الاقتصادي لا يكفي الحاجة)، النمو الاقتصادي الحقيقي هو الذي سيرفع مستوى الدخل ويحسن المستوى المعيشي للمواطنين، وهو الذي سيضمن لنا وللأجيال القادمة -بإذن الله- حياة كريمة ورفاهية غير مرهونة بمؤشر أسعار النفط أو تآكل إنتاجه بسبب الاستهلاك المحلي.
سحر القحطاني – التقرير