منذ انتصار «الربيع العربي» في تونس ثم مصر وانتقاله لليمن قرب دول الخليج وليبيا وسوريا، وهناك آلة إقليمية دولية مشتركة تسعي لوضع الخطط علي نار هادئة ووفق دبلوماسية ناعمة للقضاء علي هذا الربيع العربي خشية أن يصل الخليج ويهدد زعماء وملوك.
أما مركز هذه المخططات الذي كشفت عنه تقارير غربية وتحركات إماراتية، فهو العاصمة الإماراتية «أبوظبي» التي كانت تحتضن قادة جهاز أمن الدولة المصري الهاربين من مصر بعد ثورة «25 يناير» والراغبين في الانتقام من الثوار «الإسلاميين الذين قادوا هذه الثورة في كل دول «الربيع العربي» أو كان لهم الدور الحسام في نجاحها».
وبعد نجاح «الثورة المضادة» في مصر برعاية إماراتية وسعودية، وانتقال نفس المخطط إلي ليبيا، ثم اليمن بات واضحا أن «أبوظبي» تتزعم ضرب التيار الإسلامي في دول «الربيع العربي» وباقي الدول وأظهرت الدلائل المختلفة هذا ومنها:
1- تعيين نجل المخلوع «علي صالح» سفيرا لليمن في «أبوظبي» لم يكون بناء على رغبة السفير نفسه ولكنه بناء على طلب بعض دول الخليج الذي رشحت «أحمد على» أن يكون غطاء للعمل وقام «هادي» بتلبية الطلب الخليجي، وتعيين «أحمد علي» سفيرا في «أبوظبي» معناه تحييد دور السفارة اليمنية في الإمارات وتجنيدها لصالح القوى المضادة للثورة اليمنية.
2- «أبوظبي» بها مركز مقاومة الثورة والتغيير ومنها يأتي المال والدعم، ويوجد بها -بحسب تقارير يمنية- شخصيات استخباراتية عربية وغربية ويمنية خاصة بقمع ثورة اليمن وتضم خبراء في صناعة الأزمات والدعاية المضادة والإعلام، والمال يحول من «أبوظبي» بشكل يومي وبأسماء رجال أعمال أفراد وشركات ومغتربين وبعلم الأمن القومي والبنك المركزي.
3- مسؤولون في حزب الإصلاح اليمني والقوي الثورية الإسلامية قالت أنها علمت من مصادر في الرئاسة اليمنية إن الإمارات طلبت من الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي» إقصاء حزب الإصلاح من الوزارات السيادية ومنها الداخلية والمالية والتخطيط، وإقالة العشرات من الضباط والقيادات العسكرية بدعوي أن هذا لصالح المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، وهو ما تم تنفيذ بعضه.
4- زيارة عضو المكتب السياسي لحركة «الحوثيين» «علي البخيتي» -الذي يضع علي مكتبه علم إيران وصورة علماء الشيعة الايرانيين- إلى دولة الإمارات في يوليو/تموز الماضي ولقاءاته مع مسؤولين إماراتيين جاءت بتنسيق تام مع الإيرانيين بدعوي تنسيق الجهود وإنجاح الثورة المضادة في اليمن وإزاحة الثوار وخصوصا الإسلاميين بأيدي يمنية «الحوثيين» الذين مثلوا دور «تمرد» المصرية في الثورة المضادة.
5- الإمارات والسعودية نزعا الكثير من النفوذ من ثوار اليمن مبكرا عبر المبادرة الخليجية التي نصت على توزيع السلطة مناصفة بين حزب الرئيس السابق «علي صالح» والحالي «هادي» وبين قوى المعارضة الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك ومنها الإصلاح «الإخوان» ومكونات الشباب وأنصار الثورة، وهذه المناصفة كانت أول بوادر الظلم وأول مراحل الإزاحة، لأن الثورة اندلعت على نظام علي صالح وحزبه والمبادرة أبقت الحزب شريك فاعل، وأصبحت حصة القوى الثورية بمختلف تشكيلاتها اقل من 5% من مفاصل السلطة وأجهزتها.
ويظهر من تطورات الإحداث وسياق السيطرة علي صنعاء أن سياسة القضاء على التيار الإسلامي والثورة أوكلت المهمة لجماعة «الحوثي» التي استحوذت على دعم كامل من المؤسسة العسكرية والرئاسة اليمنية «الداخلية والدفاع أمروا قواتهم بعدم التصدي للحوثيين بعد دخولهم العاصمة وسيطرتهم علي أغلب مواقعها».
وأن أعداء الأمس «الخليجيين والإيرانيين» و«الأمريكان والإيرانيين» أصبحوا أصدقاء اليوم، و«الحوثي» هو أداتهم جميعا.. فهو كان يصنف عدو للخليج لارتباطه بإيران ولكنه عدو تاريخي للتيار الإسلامي السني أيضا مذهبيا، كما أنه لعبة أمريكية مفضلة لضرب الإسلاميين في اليمن.
ومثلما نصر إسلاميو مصر وليبيا باقي القوي الثورية اليسارية والليبرالية وأيدوا حقوقهم السياسية ثم انقلبت هذه القوي ضد الإسلاميين وتحالفت مع قوي إقليمية والجيش لضرب الإسلاميين، حدث الشيء نفسه في اليمن حيث لعب الحوثيين دور «حركة تمرد مصر»، فمع أن «الحوثيين» حصلوا علي مناصرة التيار الإسلامي في اليمن والقوى المتحالفة معه إيمانا منهم بمظلوميته على يد الرئيس السابق «علي صالح»، فقد تحالفوا مع علي صالح وحزبه «المؤتمر الشعبي» في المؤامرة الأخيرة التي غزو فيها صنعاء!.
وقد كشفت المواقف دور السعودية وإيران أيضا في التحالف مع «الحوثيين للتخلص من «الإخوان» والثوار الإسلاميين في اليمن .. فبالنسبة لإيران ، كشف موقع «شيعة أونلاين» القريب من الحكومة الإيرانية، الأهداف الايرانية عندما تحدث عن «انتصار الثورة الشيعية بقيادة «الحوثي» في اليمن»، وقال: «إن حرب الحوثيين الحقيقية بدأت الآن، بمعارك صنعاء مع التيارات الإسلامية المعارضة لثورة الحوثيين في اليمن».
أما السعودية فقد تحدث عن دورها مبكرا الكاتب البريطاني «ديفيد هيرست» في صحيفة «الجارديان» البريطانية نوفمبر/تشرين الثاني 2013 الماضي عندما أكد: «إن السعودية تدعم «الحوثيين في اليمن، لضرب الإسلام السياسي في المنطقة، بما في ذلك حزب الإصلاح الإسلامي الذي تجد فيه السعودية خطراً كبيراً وجامحا».
وقال إن «الحوثيين» يتلقون دعما ماليا وعسكريا من السعودية، وحول سر استمرار الدعم السعودي لـ«الحوثيين» رغم أنهم كانوا محسوبين على إيران، قال مصدر سعودي إن «المملكة لا ترى في «الحوثيين» أو الشيعة أو حتى إيران خطرا عليها، بقدر ما إنها تعتبر بأن الخطر هو الإخوان المسلمون في مصر والتجمع اليمني للإصلاح في اليمن».
بل أن صحيفة «المونيتور» الأمريكية عندما تحدثت عن سعي السعودية للبحث عن تحالفات يمنية لإخضاع «الحوثيين» قال أن السعودية فضلت الاعتراف بـ«الحوثيين» كقوة محلية لا تقلق حدودها مقابل إضعاف «الإخوان» فخسرت الاثنين وأصبحت غير قادرة علي احتواء «الحوثيين» بعدما احتلوا العاصمة اليمنية وتمدد نفوذها السياسي بالاتفاق الذي تم توقيعه علي أنقاض المبادرة الخليجية ليتراجع الدور السعودي أكثر في اليمن، بحسب الصحيفة.
محمد خالد
المصدر | الخليج الجديد