دعا يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في لندن، التحالف الدولي، الذي شكلته الولايات المتحدة، لوقف “سرطان” التطرف بكل أنواعه.
وقال العتيبة في مقال نشرته صحيفة “صندي تلغراف” البريطانية، إن التطرف الإسلامي كان مشكلة للشرق الأوسط فقط، ولكنه أصبح الآن مشكلة العالم.
وأضاف للصحيفة “خلال الأسابيع القليلة الماضية تحرك العالم نحو القيام بفعل ضد تهديد التطرف، والذي يعتبر أخطر قوة مزعزعة للاستقرار في العالم منذ الفاشية، فمن ليبيا للشام، ومن العراق لليمن يتغلب المتطرفون الإسلاميون على الإرادة الشعبية، ويهددون أؤلئك الذين التزموا بالاعتدال والتسامح. وقد لا تكون حربا عالمية جديدة ولكنها حربا مشتعلة لآراء متعددة”.
وتابع السفير الإماراتي “في العراق تحولت البنات اليزيديات سبايا حرب لـ (داعش)، وفي سوريا قطعت رؤوس (الكفار) في الشوارع، وفي مصر يقوم الجهاديون الهائجون بقتل الشرطة، وفي ليبيا دفع المتطرفون البلاد نحو الفوضى، وفي نيجيريا اختطفت جماعة بوكو حرام 200 طالبة، وفي بريطانيا يجند طلاب الجامعات من خلال الإنترنت للمشاركة في الجهاد”.
ووصف السفير التطرف الإسلامي الذي كان مشكلة للشرق الأوسط فقط، بأنه تحول اليوم لسرطان عابر للقارات؛ ينتشر في دول الصحراء الأفريقية “فيما يمثل المقاتلون المتشددون العائدون تهديدا أمنيا لكل بلد من أميركا إلى آسيا”، وفق ما ورد في الصحيفة.
وأشار لاهتمام الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة الدول الغربية بمواجهة التطرف، “لكن لا دولة تتأثر به أكثر من الإمارات العربية المتحدة والدول المعتدلة الأخرى في المنطقة، التي رفضت الفكر الإسلامي الرجعي، وتبنت رؤية مختلفة ومنفتحة”.
وشدد السفير على أنه “حان القوت الآن للتحرك، ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عملية، وبذل جهود لمواجهة تهديد ستكون له تداعيات تستمر لعقود، إن ظل دون مواجهة”.
وفي توضيح لطبيعة التحرك الذي يدعو إليه السفير قال: “أي تحرك يجب أن يبدأ أولا بتقييم واضح للعدو، وقد يكون (داعش) هو التهديد السائد والواضح في الوقت الحالي، لكنه ليس العدو الوحيد، فعلى المجتمع الدولي أن يواجه الإسلاميين المتطرفين من كل الألوان: جبهة النصرة في سوريا، وانصار الشريعة في ليبيا وتونس، وأنصار بيت المقدس في مصر، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
ويضيف العتيبة “أما الأمر الثاني، فيجب أن تكون هناك خطة واضحة للتدخل المباشر، ويجب أن تشمل تقوية الجماعات المحلية المعنية بقتال المتطرفين، وهذا يعني توفير التدريب والتسليح والمساعدات اللوجيستية ومعدات الاتصال. وتوفير الدعم الجوي لها والاستطلاع وتوفير القوات الخاصة. وهو الدور الذي لعبته الإمارات العربية المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب وقوات حفظ السلام في أفغانستان وكوسوفو والصومال”، بحسب الصحيفة.
أما الأمر الثالث فيرى السفير “أن على التحالف مواجهة ليس المقاتلين فحسب، ولكن شبكات الدعم أيضا، فأي حملة ناجحة لهزيمة المتطرفين الإسلاميين يجب أن تواجه على المدى البعيد الشبكات الدولية والمنظمات التي تفرخ وتدعم الكراهية والعنف باسم الدين. وما يقف وراء شبكات الدعم والمنظمات هذه هي شبكة أيديولوجية ومالية واتصالات معقدة، وتشمل دولا ومنظمات خيرية وشركات وأفرادا، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والمراكز الدينية والحسابات البنكية والواجهات المزيفة”.
ويدعو السفير “لخنق كل هذه الشبكات من خلال برنامج من التعاون الأمني الجيد وقوانين صارمة وعقوبات قاسية”.
ويعتقد العتيبة أن “الأمر الرابع هو إن تعلمنا شيئا من التحولات الأخيرة في المنطقة، فهو أن الأيديولوجية التبشيرية لا تعتبر بديلا عن خلق الفرص، فالشبان بحاجة للأمل والعمل، لكن ما يزيد من حالات التشدد الاقتصاد الراكد والمعدلات العالية من البطالة والفقر، فالتطرف يعيش على نقاط الضعف هذه”.
ويلفت السفير إلى أن “التشدد الإسلامي هو تهديد وجودي لكل واحد منا ممن يؤمن بالطبيعة الحقيقية للإسلام كدين سلام. وعلينا أن نفعل كل ما بوسعنا لدعم أصوات الرحمة والاحترام، كي تتفوق على صوت الكراهية والتطرف”، بحسب ما أوردت الصحيفة.
ويؤكد الدبلوماسي أن “الإمارات العربية المتحدة قامت ببناء نموذج للتسامح والاعتدال في المنطقة. وخلال الجيل السابق عاش البلد تحولا كبيرا دون عنف أو راديكالية، مما جعلها حصنا آمنا في منطقة صعبة، وهي طريقة حياتنا وقيمنا التي سنقاتل من أجلها”.
وختم بالإشارة لما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري “لن تتم هزيمة المتطرفين إلا بعد أن تقوم الدول المسؤولة وشعوبها بالاتحاد ومعارضتهم”، مؤكدا تبنيه للموقف الأميركي “نوافق على ما قاله، ونحن مستعدون للانضمام إلى حملة دولية منسقة. ولكن وحتى تكون ذات تأثير، فيجب أن يكون القتال ليس فقط ضد (داعش)، ويجب ألا تشن في ميدان المعركة، ولكن ضد أيديولوجية ومالية المتطرفين كلها وشريان حياتهم”.