بسبب انسداد أفق المعلومات، يبقى تساؤل البعض حول حجب المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتجسس على متصفحي الانترنت وأنشطة مستخدمي الهواتف النقالة وأسبقية أحدهما في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ أشبه بسؤال الدجاجة والبيضة الشهير!
إن بدأت بأحدهما وصلت للآخر كنتيجة وسبب، وفي عام 2009 دون اعتبار تحديد الأسبقية مع «الأزمة المالية العالمية» التي ضربت «الإمارات» و«دبي» بشكل خاص وتضاربات تصريحات مسؤولي الاقتصاد في الدولة حول تأثرها بالأزمة، وتزامنا مع فضيحة «دبي» فضيحة أخرى موازية في «أبوظبي»، حينها نشر موقع «اليوتيوب» فضيحة مقاطع تعذيب قام بها الشيخ «عيسى بن زايد» بمساعدة رجال شرطة.
«ضاحي خلفان» قائد شرطة دبي السابق أطلق حملة عنيفة ضد موقع «يوتيوب»، وقال «يحتوي مواد إباحية وأخرى شاذة عن المجتمع العربي وتثير الفتن الطائفية».
وفي مايو/أيار 2014 قالت صحيفة «البيان» الحكومية الصادرة في دبي: «تفاجأ مستخدمو موقع يوتيوب في الإمارات من أن آلية البحث باستخدام الخيارات الزمنية».
الصحيفة ذاتها لم تتمكن من التواصل مع أي مسؤول من شركات الاتصالات في الدولة أو شركة «يوتيوب».
الخطوة لم تعد للأذهان شئ لأن الأذهان ما برحت يتعاقب عليها إعلان الإمارات عن حظر المواقع والبرامج الشهيرة، مستهدفة النشطاء ومستخدمي المواقع العاديين، مثل موقع «تويتر» الذي يحاولون تجنيد «هاشتاجاته» الآن، وبرنامج «الفيبر» و«الواتس آب»، وبرنامج المحادثة الشهير «سكايب».
ورغم أن من يعلن الحظر هيئة الاتصالات إلا أن حضور البعد الأمني واضح في إعلان الحجب كرسالة تهديد وإنذار للاوعي والوعي، فالنظام الإماراتي يلاحق النشطاء الكترونيا ويسعي لتكميم الأفواه واقعيا وحتى في العالم الافتراضي عبر «قانون الإرهاب» الذي صدر حديثا وقبله عبر مرسوم بقانون الجرائم الالكترونية بدعوى أن الدولة تعدادها يربو على 8 مليون نصفهم هنود، والنصف الباقي يتوزع بين الباكستان والعرب وأهل البلاد، ولا اعتبار لأي وجهة نظر أخرى داخل الدولة، التي يشكو مواطنوها من تزايد عمليات قمع الحريات والتضييق عليهم.
وكان آخر المواقع حجبا في الإمارات موقعنا «الخليج الجديد»، والعديد من المواقع، من بينها موقع الإمارات للدراسات وجريدة السبيل، وموقع وطن إضافة إلى موقع «أسرار عربية»، وموقع «القاهرة بورتال» وأخيرا موقع «الجمهور».
وتترافق الخطوات المتصاعدة ضد الحريات مع حديث متزايد عن توترات داخلية تشهدها الإمارات جراء عدم وجود توزيع عادل للثروة بين إمارات الدولة، وتزايد معدلات الفقر في الإمارات الشمالية الفقيرة من النفط والغاز مع حديث داخلي متزايد عن هدر مليارات الدولارات في مغامرات خارجية.
الدولة التي تتمترس خلف عضويتها في لجنة حقوق الإنسان بـ«الأمم المتحدة» وتستضيف على أرضها القيادة المركزية للقوات الأمريكية بالمنطقة إضافة لقواعد عسكرية من فرنسا وأمريكا وغيرهما، وتقود حربا بالوكالة ضد انتمائها الإسلامي والعربي؛ تظن خطأ أن انتقاد النشطاء للقمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية ضد الحريات لا يعنيها.
متذرعة بأن حربها إنما هي على «الإرهاب» وليس على الحقوق والحريات، وبالطبع، «الإرهاب» كلمة سحرية ويمكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما فتح كل الأبواب بسببها.
حتى آراء الناس تصبح بلا قيمة، وكانت «جريدة الخليج» أعدت استطلاعا للرأي رصدت فيه نتائج الاستبيان الذي تناول عينة عشوائية متنوعة الجنس والمهن والسن ومن المواطنين والوافدين أن 59.5% منهم لا يؤيدون حجب بعض المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت لينحازوا بذلك إلى حقهم في ممارسة الرقابة الذاتية على أنفسهم.
غير عابئة من الانترنت إلا بالاستحواذ على 60%، من إجمالي 18 مليار دولار تمثل التجارة الإلكترونية بالعالم العربي، بل والاستفادة من نمو يسجله هذا القطاع يبلغ مقداره بين 15%، و20% سنويا.
الإمارات تراقب متصفحي الانترنت
في 23 أغسطس/آب 2014، قال تقرير حديث لمنظمة «سيتيزنْ لاب»: «أن الإمارات من بين الدول التي تراقب متصفحي الانترنت، ووفقا للتقرير فان الإمارات تتعامل مع شركة «équipe hacking» المتخصصة باختراق الشبكات كما أنها تقوم بتوريد أجهزة خاصة للاختراق إلى داخل الإمارات.
ويأتي التقرير مكملا لتقارير سابقة أصدرتها العديد من منظمات حقوق الإنسان حول العالم، تحدثت فيه عما أسمته المراقبة والتجسس التي تقوم بها حكومة أبوظبي على الحسابات الشخصية.
كما أن التقرير يؤكد مجددا على ما تقوم به أبوظبي من عمليات مراقبة للمواطنين والمقيمين، وهو ما يفسر حالات سحب الجنسية التي قامت بها الإمارات مؤخرا من العديد من مواطنيها بالإضافة إلى عمليات طرد المقيمين، حيث تؤكد مصادر مطلعة أن أغلب تلك الحالات التي تعرضت للاضطهاد، سواء بسحب الجنسية أو بالإبعاد إنما تم التجسس على حساباتها الشخصية.
مبينة انه ليس لدى الإمارات قضايا ضد هؤلاء سوى أنهم تحدثوا بخلاف الموقف الإماراتي الرسمي، سواء في مصر أو في غزة أو اليمن أو ليبيا.
ولا شك أن أسرع شركات الإنترنت نموا هي شركات التجسس على بيانات المستخدمين وبيعها وفقا «لوول ستريت جورنال» التي عنونت «منجم ذهب الإنترنت الجديد: أسرارك»، ولهذا خاصمت الإمارات كندا في 2010 وشنت الصحف الإماراتية هجوما على الحكومة الكندية وأصدرت الحكومة الإماراتية قرارات للتضييق على المواطنين الكنديين في الإمارات أو الزائرين لها، والسبب كان عدم ضغط كندا على شركة «ريسيرش إن موشن» المالكة لهاتف «بلاك بيري»- عدد مستخدمي هواتف بلاك بيري في الإمارات حينها حوالي نصف مليون مستخدم- وعدم إخضاع خدمات الجهاز للمراقبة والتجسس الأمني دون مراعاة الخصوصية!.
وتحدثت السلطات الأمنية في ذلك الوقت عن «الفزاعة» مراقبة الأنشطة الإجرامية أو حتى الإرهابية التي يمكن أن ترتكب من قبل أحد المشتركين.
وترددت أنباء حينها عن اعتقال أشخاص في الإمارات كانوا على وشك تنظيم مظاهرة من خلال «بلاك بيري»!.
لسنا بصدد الدفاع عن شركة «بلاك بيري» التي رضخت لمطالب دول أخرى دون أي ضجة ومنها الولايات المتحدة، التي قالت إنها «شعرت بخيبة الأمل تجاه قرار الإمارات العربية المتحدة حجب خدمات رئيسية لهواتف بلاك بيري النقالة»!.
وقننت الإمارات الرقابة على الانترنت في نوفمبر/ تشرين الأول 2012، بما أطلق عليه قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والنتيجة كانت 2000 معتقل ومحتجز في سجون الإمارات فوق وتحت الأرض جلهم من الإسلاميين أو الإصلاحيين، جريمتهم تغريدة على «فيس بوك» أو «تويتر» أو موقع يعبر عن جمعية صودرت وصودر رجالها وأموالها.
وعلى غرار شركة «بلاك بيري» -التي قبضت الثمن بعودة لأحضان الأجهزة المختصة تأتي شركة «فايبر» التي أشيع أن المكالمات من خلالها جيدة ولا تراقب من قبل الحكومات المحلية لأن سيرفر البرنامج في «إسرائيل» وهي أيضا حظرت في الإمارات قبل نحو شهرين، واستخفافا بعقول الناس قالت هيئة تنظيم الاتصالات في بيان «أن الخدمة لم تكن مصرح بها لكي يتم إيقافها»!.
المصدر | الخليج الجديد