يشكل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد، والذي يجرم نشر “أخبار غير صحيحة” على شبكة الإنترنت، تهديدًا جديًّا لحرية التعبير عن الرأي في قطر، وفقًا لما أكدته منظمة العفو الدولية في بيان صدر عنها يوم الخميس.
وقال بيان المنظمة إنه، ووفقًا لأحكام القانون الجديد، سيكون باستطاعة السلطات حظر المواقع الإلكترونية التي ترى فيها تهديدًا “لسلامة” البلاد، وكذلك معاقبة كل من ينشر أو يتبادل محتويات رقمية “تقوض” من “القيم الاجتماعية” في قطر أو “النظام العام فيها”.
وأضاف البيان أن ما يزيد من خطورة هذا القانون هو أنه لا يقدم حتى تعريفات محددة لهذه المصطلحات والتهم.
وتعليقًا على موضوع البيان، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة: “يعد قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد بمثابة انتكاسة لحرية التعبير عن الرأي في قطر”.
وأضاف: “يتضمن القانون الجديد أحكامًا فضفاضة ومبهمة الصياغة تناقض المعايير الدولية بشكل صارخ؛ إذ تنصّ فعليًّا على منح الحكومة صلاحيات واسعة لمعاقبة كل من يقوم بنشر أو تبادل محتوى رقمي يعتبره المسؤولون ضارًّا بقيم قطر الاجتماعية أو مصالحها الوطنية”.
واعتبر بومدوحة أيضًا أن ثمة خطرًا حقيقيًّا بأن يقوض القانون الجديد من التعبير السلمي والمشروع عن الرأي، وذلك من خلال تيسير القمع التعسفي للمعارضة السلمية.
وعلى الرغم من تناول القانون مسائل من قبيل سرقة المعلومات وتزويرها وحقوق الملكية، وغير ذلك من الأفعال التي تعتبر جرائم في عرف القانون الدولي، إلّا أنه يشترط أيضًا على مزودي خدمات الاتصالات القيام بحجب المواقع الإلكترونية، أو تزويد السلطات بأدلة أو سجلات بناءً على طلبها، وهو ما قد يرفع من مستوى التضييق على حرية التعبير عن الرأي في قطر، والتي تخضع من قبل إلى رقابة صارمة، وفقًا لبيان العفو الدولية، حيث غالبًا ما تمارس الصحافة المحلية الرقابة الذاتية على عملها.
وكمثال عن مدى إحكام السلطات قبضتها على حرية التعبير عن الرأي، أورد بيان المنظمة الدولية قصة الشاعر القطري المعروف محمد راشد العجمي، والذي يقضي اليوم حكمًا بالسجن لمدة 15 سنة، لقيامه بنظم وإلقاء قصيدة اعتبرت أنها تتضمن انتقادات للأسرة الحاكمة.
وقالت العفو الدولية: “يذكر أن القصيدة المذكورة لم تحرض على الكراهية أو الطائفية أو العنف. وتعتبر منظمة العفو الدولية الشاعر العجمي أحد سجناء الرأي، ولطالما دعت مرارًا وتكرارًا إلى إخلاء سبيله فورًا ودون شرط أو قيد”.
وعن قضية العجمي، قال بومدوحة: “تعد قضيته مثالًا بارزًا على افتراء السلطات القطرية في الماضي على القواعد المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي كيفما تشاء”.
وأضاف: “على الرغم من محاولات قطر الرامية إلى رسم صورة تظهر فيها كبلد تقدمي يلتزم باحترام معايير حقوق الإنسان الدولية، فما نراه هو أن السلطات تقوم بالتضييق على الحريات بدلًا من أن تتخذ خطوات تكفل حماية حرية التعبير عن الرأي”.
وذكر بيان المنظمة الدولية أيضًا بأنه، وفي السنوات الأخيرة، سعت الحكومة القطرية إلى تشديد قبضتها على حرية التعبير عن الرأي من خلال طرح مسودة قانون جديد يعنى بالإعلام.
وقال البيان: “إذا تم إقرار المسودة، فمن شأن القانون الجديد حينها أن يشترط استصدار موافقة مسبقة من الجهة المختصة التي تحددها الحكومة على جميع المطبوعات والمنشورات.
حيث منحت هذه الجهة صلاحية شطب المحتوى أو منع الطباعة”. وأضاف: “كما يخضع الحق في حرية التعبير في قطر لقيود تنص عليها اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2004 والمتعلقة بقمع الإرهاب، وهي الاتفاقية التي اعتمدتها بلدان المجلس في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012″.