قدم مركز عراقي مختص بحقوق الإنسان توثيقا مصورا لشهادات حول حالات اغتصاب تعرضت لها نساء في منطقة جنوب بغداد على أيدي جنود في الجيش الحكومي وعناصر من ميليشيا “الحشد الشعبي”، التي تشكلت استجابة لفتوى المرجع الشيعي، علي السيستاني.
ويظهر الشريط المصور، الذي وزعه مركز “بغداد لدراسات حقوق الإنسان” امرأة ترتدي النقاب وتسكن في منطقة شمال بابل، وتقدم شرحا لحالات اعتداء يومي يتعرض لها الأهالي في تلك المنطقة من قبل جنود في الجيش العراقي وعناصر من الشرطة، بالإضافة إلى عناصر من ميليشيا “سرايا السلام” التابعة لمقتدى الصدر.
وتؤكد المرأة في الشريط، أن أشرس الحملات جرت في مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، حين داهمت قوة مشتركة قريتهم القريبة من منطقة جرف الصخر، واعتلقوا 18 رجلا من الأعمار المتوسطة والكبيرة، مبينة أن أرملة وامرأة (أم لطفلين) تعرضتا للاغتصاب من قبل ضابط في الجيش برتبة ملازم أول.
وأشارت إلى أن الملازم نفسه سمح لعناصر من القوة المهاجمة بالاعتداء الجنسي على امرأة تم تكميم فمها من قبل جندي تولى توجيه فوهة بندقيته إلى رأسها، فيما كان أربعة من زملائة يتناوبون على الاعتداء عليها جنسيا.
وتتابع المرأة التي توقفت في الشريط عدة مرات عن الكلام بسبب البكاء، بأن قريتهم تخلو الآن من الرجال الذين تم اعتقالهم جميعا، وأن من يتواجد حاليا هم النساء والأطفال فقط، مبينة أن القوة المهاجمة نفسها أخذت طفلا بعمر ست سنوات وعذبته، “ليعترف بالتحاقه بتنظيم يقوم بتجنيد الأطفال”، مضيفة أن أهل الطفل لا يعلمون عنه شيئا منذ اعتقاله، وأن شخصا يعمل في مركز الاعتقال أخبرهم بمعلومات قليلة عنه.
كما أن الشريط وثق شهادة امرأة أخرى، وهي في عقد الثلاثينات من العمر، وبيّنت أن الجيش والميليشيات الشيعية المساندة له تعمل على الانتقام من النساء والأطفال والشيوخ، بسبب فشلهم في دخول منطقة قريبة يسيطر عليها المسلحون بالكامل منذ ثلاثة أشهر.
وأضافت أن أساليب انتقامهم كانت باعتقال جميع الرجال بما فيهم الشيوخ الكبار، وقاموا مؤخرا بقتل طفل أمام أهله، إلى جانب اعتقال النساء واغتصابهن، وهي حوادث تكررت لأكثر من مرة في الأيام الأخيرة، على حد قولها.
وعن سبب ارتدائها النقاب في الشريط المصور، توضح أن الجيش سيقوم بملاحقتها واعتقالها هي وأطفالها في حال تعرف على ملامحها، وأنها حتى بارتدائها النقاب فإنها تخاطر بسبب إمكانية التعرف عليها من نبرة صوتها، ولكنها مضطرة من أجل إيصال صرخة استغاثة إلى الجهات الحقوقية وأي طرف في العالم للتدخل وإنقاذ الأهالي من مجزرة استباحة الكرامة والأعراض.
ومن جهته، أكد مدير المركز الوطني للعدالة في لندن، الدكتور محمد الشيخلي، أن ظاهرة التعذيب والاغتصاب أصبحت منهجا للأجهزة الأمنية والميليشيات والمجاميع المسلحة في العراق، ابتداءا من تأسيس السجون السرية في عام 2006، لافتا إلى أنه تم تثبيت حالات اغتصاب في سجن النساء وأخرى في سجون خاصة بالأطفال الأحداث، فضلا عن حالات اغتصاب تمت في سجن سري باسم “الشرف”، داخل المنطقة الخضراء.
وأضاف الشيخلي في تصريح لموقع “عربي 21″، أن عملية الاغتصاب الوحشية أصبحت ثقافة ممنهجة في تعامل الأجهزة الأمنية مع الموقوفين، وكذلك الحال بالنسبة للميليشيات التي تقوم الحكومة بالتغطية على أفعالها الإجرامية، مشددا على دعم الأجهزة الآمنية للمليشيات الطائفية في ارتكابها جرائم التطهير العراقي والمذهبي بحق مكونات عراقية في مناطق حزام بغداد.
ويرى الشيخلي، أنه وفي ظل التبعية غير المبررة للقضاء العراقي لأجندات السياسيين، وكذلك التهديدات التي تمارسها الميليشيات والمجاميع المسلحة بحق القضاة من اغتيالات وتهديدات، فإن هذه العوامل أثرت في عمل ومصداقية المنظومة القضائية العراقية.
وحول العمل على المستوى الدولي، أوضح الشيخلي أنه مستمر بالتنسيق مع منظمات مختصة من أجل فتح تحقيق دولي لدى المحكمة الجنائية الدولية عن كل الجرائم التي ارتكبت في العراق، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، مشددا على ضرورة محاسبة ومساءلة مرتكبيها أمام المجتمع الدولي، وفقا لما ورد في نظام روما الأساسي لعام 1998.
ونوه إلى أن الجرائم المرتكبة في ظل ولاية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هي جرائم ضد الإنسانية.
وكان تقرير لمنظمة “حمورابي” العراقية المتخصصة بحقوق الإنسان ورصد الانتهاكات، وثقت وجود 31 سجينة تعرضن للاغتصاب والتعذيب بالصعق الكهربائي من قبل المحققين، بالإضافة إلى تناوب الحراس على اغتصابهن أثناء نقلهن من سجن التسفيرات إلى سجن النساء في بغداد.
وقالت مسؤولة في المنظمة ووزيرة سابقة في الحكومة العراقية، باسكال وردا، إنها شاهدت حالات لسجينات تعرضن للصعق الكهربائي والاغتصاب، وسوء المعاملة، وإن سجينات أخبرنها بأنهن أصبحن بضاعة تباع وتشترى داخل السجون، إضافة الى تردي الواقع الصحي داخل السجن، وإصابة الكثير من السجينات بأمراض جلدية مختلفة.