قدم عدد من السفراء الإسرائيليين السابقين لدى مصر، توصيات إلى حاييم كوريين، الذي خلف يعقوب أميتاي، سفيرا لدى القاهرة، بعد أن قدم أوراق اعتماده أمس، للرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأجرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية مقابلات مع عدد من سفراء إسرائيل السابقين تحدثوا خلالها عن فترات عملهم في القاهرة.
وقال يتسحاق ليفانون، الذي عمل سفيرًا لإسرائيل بين عامي 2009 و2011: “لقد كانت المرة الأولى والأخيرة التي أسير فيها كسفير بشوارع القاهرة بسيارة يرفرف عليها علم إسرائيل، وفي اليوم الذي قدمت فيه أوراق الاعتماد أرسلت وزارة الخارجية المصرية سيارة ليموزين للسفراء، وقتها مررت بشوارع القاهرة وترافقتا دراجات الشرطة البخارية وتحت تأمين شديد وصلنا لقصر الرئاسة، وهناك يتم الترحيب بنا، ويقدمون لك كوبًا من الشاي أو القهوة، وعندما يأتي دورك تقترب من الرئيس المصري، وتصافحه، وتقول له عبارات مجاملة، وينتهي الأمر”.
وأضاف: “لقد خرجت عن قواعد هذا الطقس وأعربت للرئيس الأسبق حسني مبارك عن رغبتي في تطوير العلاقات مع مصر وأملي في التعاون الثنائي بين الجانبين، وبعد مصافحتي له، ذهبت إلى باحة القصر، واستمعت إلى الفرقة الموسيقية الرئاسية وهي تغني النشيد الوطني الإسرائيلي، كانت هذه اللحظة مليئة بالأحاسيس والعواطف”.
ولا تزال السفارة الإسرائيلية في القاهرة تفتقد إلى مقرّ رسمي، منذ أن تمّ إخلاؤها في أعقاب سيطرة المحتجّين على المقرّ السابق قبل ثلاث سنوات في سبتمبر عام 2011، وهي تعمل حتى الآن من مكان مقر إقامة السفير بالمعادي، فيما تسعى الخارجية الإسرائيلية إلى العثور على مقر دائم للسفارة.
واسترجع ليفانون شريط الذكريات ليتحدث وعن واقعة اقتحام السفارة الإسرائيلية من قبل المتظاهرين المصريين في سبتمبر 2011، قائلاً: “لقد كان هناك خطر حقيقي على حياتنا، في أعقاب الهجوم تم إخلاء مبنى السفارة وإغلاقه، ومن وقتها والسفير يعمل من منزله، الأمر الذي يجعل العمل الدبلوماسي صعبًا”.
وأضاف: “أحياًنا يتم توجيه العداء ضدي وضد شخصي، ذات مرة كتبوا عني في وسائل الإعلام المصرية وقالوا إنني طردت من أحد المطاعم، وهذا أمر غير صحيح، الإعلام هناك يحب الإثارة، وبينه وبين الواقع مسافة كبيرة”، لافتًا إلى أن “الحياة الاجتماعية في مصر بالنسبة للإسرائيليين ليست كما لو كنت تعيش في أوروبا، إلا أنني كنت أذهب للمطاعم والتقي بأشخاص، من الصعب القول إن الجميع يكرهوننا هناك”.
ورأى السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر، أن “العداء المصري لحركة حماس لايشير إلى شيء فيما يتعلق بعلاقتها مع إسرائيل، في أعين المصريون، حماس خانت القاهرة، لهذا يصفون حساباتهم مع الحركة الفلسطينية، العلاقات مع إسرائيل ليس لها صلة بحماس، السلام مركب من منظومة علاقات كاملة، تتضمن زيارات وعلاقات تجارية وثقافية، وليس لدينا هذا الأمر مع المصريين”.
وعن نصائحه للسفير الجديد حاييم كورين، قال ليفانون “عليه أن يكون صبورًا، الأمور هناك تستغرق وقتها كي تنضج”.
أما تسيبي مازائيل، الذي عمل سفيرًا لإسرائيل بمصر بين عامي 1966 و2000، إن “العمل في القاهرة من أكثر التحديات التي تقف أمام أي دبلوماسي إسرائيلي، صحيح أن هناك جوًا عدائيًا في الشارع ضد إسرائيل، إلا أن المصريين يعلمون أن هناك 34 عاما من السلام معنا، ويدركون أهمية الحفاظ على هذا السلام، حتى إذا كان هناك عناصر متطرفة تعارضه، المصريون يعلمون جيدًا كيف أدت الحرب مع إسرائيل بهم للخراب وأضرت باقتصادهم وهم لا يريدون العودة إلى هذا الوضع”.
وأضاف مازائيل “كل السفراء الإسرائيليين في القاهرة يعملون في أجواء غير ودية، العداء كان موجودًا دائمًا بالرغم من السلام، لهذا عليك العمل بحذر وحرص في مصر، ولابد من محاولة إقامة علاقات كثيرة بقدر الإمكان وتطوير حوار مع العناصر الحكومية، إنني أتمنى بمرور الوقت إذا نجح الرئيس السيسي في حربه على الإرهاب وقاد إصلاحات اقتصادية واستقرت البلاد، أتمنى وقتها أن يحدث تعاون على الصعيد الاقتصادي بين القاهرة وتل أبيب”.
وقال مازائيل “خلال فترة خدمتي في مصر، كان للسفراء حياة خاصة، وكان هناك كباريهات مفتوحة وراقصات شرقيات، وقتها كان من الممكن الجلوس مساء على نهر النيل والذهاب للأوبرا، الآن أصبح هذا الأمر إشكاليًا جدًا، بسبب الوضع الأمني، لكنني واثق أن كوريين، وهو دبلوماسي محنك، سيفعل الأفضل للنجاح في منصبه”. وعن نصائحه للسفير الجديد قال مازائيل “أفضل نصيحة يمكنني تقديمها له هي أن يعمل بحذر ويتفاءل خيرًا”.
فيما قالت روث ويسرمان لندا، نائبة السفير الإسرائيلي الأسبق بمصر، خلال الفترة بين عامي 2003 و2006: “يبدو لي أن أحد أكبر التحديات اليوم في مصر هو المجال الاقتصادي، ومحاولة تحقيق الاستقرار هناك في هذه السفينة التي تحمل 90مليون نسمة”، مضيفة “على سبيل المثال، في عام 2005 تم توقيع اتفاق تجارة حرة بين القاهرة وتل أبيب، وكان قاعدة للتعاون الذي يمكن توسيعه”.
وعن نصائحها للسفير الجديد، قالت “أنا لا أريد أن أعطيه نصائح، هو رجل محنك ودبلوماسي عتيق يعرف الحلبة جيدا ويدرك أن الحديث يدور عن منصب دبلوماسي رفيع المستوى، منصب هام وحساس بالنسبة لتل أبيب، وليس لدي شك أنه سينجح في هذه الفترة الحساسة لخلف التعاون وبشكل مبدع”.
ويملك السفير الجديد سجلا حافلا بالمهام الدبلوماسية، ولكن عمله مسؤولا في كلية الدفاع الوطني في إسرائيل لمدة 3 سنوات تسبب لوزارة الخارجية الإسرائيلية بإحراج عندما رفضت تركمانستان تقبل أوراق اعتماده سفيرا لديها.
وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن وزارة الخارجية في تركمانستان رفضت تقبل أوراق اعتماده في يوليو تموز 2011 بعد اتهامه بالعمل لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله “حكومة تركمانستان اعتبرت عمل كوريين في كلية الدفاع الوطني كدليل على أنه جاسوس للموساد وليس دبلوماسي”.
وأضافت الصحيفة “حاولت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تشرح لنظيرتها في تركمانستان أن الكلية هي معهد تعليمي وليس جسما استخباريا ولكنها لم تنجح في إقناع المسؤولين في تركمانستان”.
وأضافت “المسؤولون في تركمانستان قالوا للمسؤولين الإسرائيليين: نريد منكم أن ترسلوا إلينا سفيرا يتعامل مع العلاقات الثنائية وليس جاسوسا لجمع المعلومات الاستخبارية عن إيران”.
وقبيل تعيينه سفيرا لدى مصر فإن كوريين ، 61 عاما، خدم سفيرا لبلاده في جنوب السودان ورئيسا لقسم الشرق الأوسط ومركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وسبق أن اتهمته الحكومة السودانية في أكثر من مناسبة، بمشاركته في توتير العلاقة بين جوبا والخرطوم، وأنه “رجل مخابرات”.
وقال الموقع الالكتروني لمركز هرتسليا، غير حكومي، إن كوريين تولى إدارة قسم التخطيط السياسي ونائب الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه “تولى عدة مناصب دبلوماسية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية وفي الإسكندرية بمصر وفي كاثماندو بنيبال”.
ولفت إلى أن كوريين حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بيرجان في النرويج، وقال: “كوريين خبير في العالم العربي، بما في ذلك اللغة العربية والإعلام والتشدد العربي”.
وأضاف “ألقى محاضرات وشارك في ندوات حول الإسلام وإيديولوجية الإسلام الراديكالي والأبعاد الدولية للسياسة الخارجية في إسرائيل”.
وأشار إلى أنه في الفترة ما بين 2008 و2011 عمل مسؤولا في كلية الدفاع الوطني في إسرائيل.
وكوريين متزوج وأب لثلاثة أبناء، يعيش في القدس، ويتحدّث عدّة لغات، من بينها العربية، الإنجليزية، التركية، الهنغارية وقليل من الفارسية.