لم يشفع للداعية الإسلامي الشهير الدكتور راغب السرجاني، تاريخ نضاله الثوري وتأييده لجماعة الإخوان المسلمين على مر التاريخ، بعد مقاله الذي أثار ضجة “والله أعلم بالظالمين”، الذي تحدث فيه عن عدم الخلط بين ظلم الكفار وظلم المسلمين، فقال أن من أخطر هذه المخالفات أن نخلط بين الظلم الواقع من كفار لا يُؤمنون بالله واليوم الآخر وبين الظلم الواقع من المسلمين أنفسهم.
لم يكتف مؤيدو جماعة الإخوان، بالاختلاف مع “راغب”، إلا أنهم اتهموه بالخيانة تارة، وبعدم الفقه في أمور الدين تارة أخرى؛ مطالبينه بالعودة لـ”راغب 2011″، الذي أيد الثورة، ومن أبرز الاتهامات التي أُطلقت على الداعية الإسلامي ما كتبه الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، عبر صفحته على «فيس بوك» قائلًا: «نصيحتي للدكتور راغب السرجاني: خليك يا دكتور أفضل في تخصصك في المسالك البولية.. وبلاش اجتهاداتك الفاشلة التي تنمّ عن قراءة سطحية مبتورة في أمور التعامل مع الظلم والظالمين.. مهزلة تقسيمك لمقاومة الظالمين لطريقين لا ثالث لهما إما أن يكونوا كافرين.. فنجاهدهم أو مسلمين فنصبر عليهم!».
الأمور الشرعية
وأضاف أبو خليل: «يا دكتور.. الأمور الشرعية ليست مثل التعامل مع البروستاتا مثلاً إما استئصال أو نصبر عليها ونعالجها.. الأمر يختلف.. لابد أن نقاوم ونناهض لأن بين ظهرنينا منافقين ربما يكونوا كفارا أشد من كفار قريش أنفسهم.. أنا لا أجزم بكفرهم لكن من يحرق المساجد ويقصفها بالطائرات ويحرق الجرحي أحياء ويغتصب ويتحرش بالبنات والأطفال ويرتكب عشرات المجازر.. كيف نصبر عليهم ولا نقاومهم حتى ولو بالوسائل السلمية.. عن أي دين تتحدث.. فوالله الإسلام علمنا أن حرمة مسلم أشد حرمة من الكعبة.. الإسلام علمنا.. الكرامة والحرية».
وتابع قائلا: «وسؤال أخير.. كيف سيد الشهداء سيدنا حمزة وفيه رجل قام لحاكم ظالم.. فنهاه.. فقتله؟ يا دكتور راغب.. مش ناقصة والله صدمات.. أغلق عليك عيادتك.. وابك على اجتهادك الخاطئ».
فيما كتب المؤرخ محمد الجوادي عبر صفحته على «تويتر» مهاجمًا السرجاني: “من أراد الفتيا فليستفت قلبه الذي رزقه الله به وأودعه الحق بالفطرة فلن يغني عنك من الله راهب مسيحي ولا راغب مسلم”.
بل وصلت الانتقادات إلى حد الاتهام بالطمع فيما لدى السلطة الحالية، حيث كتب الناشط الحقوقي عمرو عبد الهادي متهكما عبر تويتر: “أظن كده بعد مقال راغب السرجاني أصبح كفؤا لمنصب وزير الأوقاف الجديد”.
حملات انتخابية
والجدير بالذكر أن راغب السرجاني، هو من أوائل من دعوا للانضمام للثورة وعدم ترك ميدان التحرير بعد خطاب مبارك “العاطفي”، إضافةً إلى أنه كان ملازمًا للرئيس الأسبق محمد مرسي، في حملاته الانتخابية التي انتهت بفوزه على الفريق أحمد شفيق.
ولم يكن هذا المقال الذي تحدث فيه “السرجاني” عن طاعة ولي الأمر، هو أول صدام بينه وبين الإخوان، حيث كان الدكتور راغب رافضًا لاعتصام رابعة العدوية والنهضة؛ مبررًا ذلك بأنه لا يناسب المرحلة، وهو ما بدى واضحًا في مقاله إبان اعتصام رابعة “أُحد لا الأحزاب”.
وشبّه المرحلة حينها بأنها كموقف غزوة أحد، حدث خلل في الصف المسلم فنتج عنه الهزيمة لذلك على الإخوان أن “تلتزم الجبل” -أي تتراجع-، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، على حد قوله.
رسالة للسيسي
يذكر أن السرجاني بالرغم من معارضته لمواقف الإخوان إلا أنه عقب مجزرة الحرس الجمهوري، كتب مقالًا هاجم فيه السيسي بعنوان “رسالتي إلى وزير الدفاع”.
وعلى الرغم من النقد اللاذع الذي تعرض له السرجاني إلا أنه وجد أصواتًا، تدافع عنه، إذ دافع الدكتور معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية عن الدكتور راغب السرجاني قائلًا: إنه يفرق بين الحاكم المسلم، والكافر، والنبي عليه الصلاة والسلام شرع الجهاد ضد الكافر، ولم يبحه ضد المسلم إلا إذا ارتد عن الإسلام.
وأضاف: “من الطريف اتهام مؤيدو التيار الإسلامي للدكتور راغب السرجاني بانه (شرب شاي بالياسمين)”.
نابغة عصره
بذات السياق، قال الدكتور مصطفي النجار عضو مجلس الشعب السابق: “نفس هؤلاء الأشخاص الذين يرمونه بالتخوين والطمع في السلطة كانوا يعتبرون الرجل علامة عصره ونابغة زمانه حين كان يجوب مع المرشح الرئاسي محمد مرسي المحافظات ويتحدث في المؤتمرات الانتخابية يدعو الناس لانتخاب مرسى واختيار الإخوان”.
وتابع النجار: “رغم عدم اقتناعي بمنهجه في كتابة التاريخ الذي يصوغ أحداثه طبقا لهواه الايديولوجى إلا أن مقاله الأخير حين قرأته لم أجد فيه سوى تحذير من التكفير مهما كانت درجة الظلم التي تقع على الإنسان، وتحذير من الدعوة للجهاد والاستشهاد ضد حكام مسلمين ظالمين وتوجيه بالصبر والاحتساب والتزام السلمية”.
د. راغب يرد
من جانبه، استنكر الدكتور راغب السرجاني ردود الفعل من جانب جماعة “الإخوان المسلمين” ومعارضي السلطة الحالية على مقاله.
وقال السرجاني: “هالني ما رأيتُه من خروجٍ عن آداب الحوار، وأفزعتني حالة الصمم عن سماع النصيحة”؛ محذرًا جماعة الإخوان من التكبر عن تعديل المسار إن تبين لهم الخطأ فيه، موضحًا في الوقت ذاته أن لديه «ردًّا علميًّا مُوثَّقًا ومتينًا على كل ما ذكره العلماء، أو كل ما علَّق به أبنائي على الموقع، ولكني لا أريد أن نعيش في جوِّ المناظرات والتشتُّت».
عمرو أمينو – التقرير