عبد الجبار العتابي – اثارت تغريدة لوزير السياحة والاثار العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي ردود افعال مختلفة بين المواطنين العراقيين .. فقد استغرب البعض مما طرحه الوزير بتسميته الاثار اصناما بينما أيده اخرون مطالبين بعدم عرضها في المتحف العراقي وتحطيمها .
وفتحت تغريدة لوزير السياحة والاثار العراقي لواء سميسم على موقع التواصل الاجتماعي حول قطع اثارية محفوظة في المتحف العراقي باب الجدل والاختلاف وسط العراقيين ما بين مؤيد لتوصيفه الاثار بـ (الاصنام) ومطالبا بتحطيمها او عدم وضعها في المتحف كونها لا تمثل الاسلام ولا المسلمين وبين رافض لذلك مؤكدين ان رأي الوزير هو بداية لحملة تحشيد ضد وجود هذه القطع الاثرية في المتحف،موضحين ان هذه القطعة جاءت من مدينة الحضر في الموصل وليس من الكعبة، وهي على الاقل تبعد عن ظهور الاسلام بـ 600 سنة … ويعتقد انها تعود للالهة اللات و العزى ومناة التي اقتبسها العرب من حضارة وادي الرافدين القديمة.
معروف ان الوزير لواء سميسم ،طبيب اسنان ، من مواليد النجف أكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد، وهو قيادي في التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر .. وكان شغل رئاسة الهيئة السياسية للتيار الصدري .. ثم تولى وزارة السياحة والاثار ممثلا للتيار الصدري في الحكومة التي شكلها نوري المالكي عام 2006 ولا زال في منصبه .
تغريدة الوزير
وجاء في تغريدة الوزير قوله على صورة التقطت له من داخل المتحف العراقي : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ـ صدق الله العلي العظيم ـ هذه هي الاصنام الثلاثة معروضة في المتحف العراقي ـ القاعة الحضرية ـ)
مشاجرة اولا
وقد تشاجر شابان كانا يستقلان باصا لمصلحة نقل الركاب بعد ان اشتد بينهما النقاش حول الموضوع ، بعدما مرالباص من امام بناية المتحف العراقي وقال احدها وهو يشير الى المتحف بأنه (كله اصنام) واستشهد بما قاله وزير السياحة والاثار على صفحته ،فيما كان رد الاخر ان هذا متحف يضم حضارة العراق الممتدة الى سبعة الاف سنة وان من المعيب ان تسمى اصناما ، لكن الاخر اصر ان في المتحف اصناما و آلهة قديمة يرفضها الاسلام وان رؤيتها الحاد وكفر بالله لان الاحتفاظ بهذه الالهة في بلد مسلم حرام ثم حرام ثم حرام، فيما رد عليه خصمه بقهقهة ثم قال له :ا خي هذا تاريخ بلدك الذي عرفنا منه ما ابتكره الاولون ،وجاء علماء عرفوا كيفية قراءة اللغة المسمارية الصعبة .. عن اية آلهة واي اصنام تتحدث ؟ وما هذه السذاجة وما هذا الجهل ..! هذه المشاجرة كانت البداية للتنبيه الى الموضوع .
الاصنام .. حرام
واشار كريم حمد عبدالله ، موظف حكومي، الى انه مقتنع ان وجود الاصنام في بلد مسلم حرام ، وقال : على الرغم من استغرابي من كلام الوزير الا انني استحسنت قوله لانني بصراحة لا احب ان ارى الاصنام او ما تسمى التماثيل في بلد مسلم مثل العراق ، ففي الشوارع والساحات نرى الاصنام وفي المتحف الذي لا احب الدخول اليه لانني سأرى اصناما وانا اعتقد انني مجرد النظر اليها بتمعن او اقرأ كلمة (إله) او (آلهة) اشعر بالالحاد .
تاريخ اقوام وحضارة
اما ايهاب حسن ، طالب في قسم التاريخ /كلية الاداب بجامعة بغداد ، فقد استغرب من الطرح ، موضحا ان الاثار ليست اصناما ،وقال : اعتقد ان هنالك وهم كبير عن البعض ، واقول البعض لانه يجهل الكثير من الاشياء والحقائق ، وليس التباسا حين اقول ان الاثار ليست اصناما للعبادة وانما هي ماتبقى من تراث الاقوام السابقة ، وهذه الاثار مكانها الطبيعي هي المتاحف لكي يطلع عليها الناس للسياحة والتمتع واخذ العبر ومعرفة ماكان عليه السابقون في حياتهم ، وليس كل التماثيل آلهة تعبدها اقوام معينة وهي التي لم تكن على دين التوحيد او لم تعرف الله بعد .
واضاف : الكثير من التماثيل التاريخية تعود الى اشخاص من ازمنة مختلفة فهناك لملوك ولكهنة ولاناس لهم شأن انذاك، ولا ننسى ان الاثار اصبحت علما يحرص الكثيرن على تعلمه لمعرفة كيف كان الناس يعيشون .
الجهلة والمغالون
ومن جانبه اعرب الصحافي نافع الخالدي عن اسفه لهذا التوصيف مشيرا الى خوفه ان تتحول التغريدة الى اعلان حرب لتدمير الاثار ، فقال : اعتقد ان كلام السيد الوزير عن (الاصنام) غير موفق لامرين الاول انه وزير في دولة عريقة الحضارة اسمها العراق او بلاد الرافدين ، والثاني اننا في القرن الحادي والعشرين ولا يمكن ان ننظر الى الاثار على انها اصنام وتعبد لان التاريخ القديم قائم على النحت ،وهذه الاثار لها دلالات لابد ان نحترمها ، فأي لات هذه التي نخاف منها الان واي مناة التي تجعلنا نخر ساجدين لها !!.
واضاف: جل ما اخشاه ان يتحول ما كتبه السيد الوزير الى دعوة للتحشيد ضد هذه القطع الاثارية المهمة من تاريخ العراق او ان يفهم البعض ذلك على ان المتحف العراقي يضم اصناما تعبد ويجب ان تحطم لاسيما ان مجتمعنا الان يزخر بالجهلة والمغالين .
اعتراض على لفظ صنم
اما الكاتب علي طالب ، فقد ابدى اعتراضه على لفظ صنم واعلن خشيته من تحطيم الاثار ، وقال : وزارة الآثار معنية قبل غيرها في نشر الوعي الآثاري و التعريف بأهمية هذه القطع ووجوب احترامها و الحفاظ عليها و النظر اليها بفخر و اعتزاز ، لا بأن توصف محتقرة بالاصنام ، يجب ان لا يتعامل مع الحقائق العلمية إلا بكل تجرد ..خاصة التأريخ ،اعتقد ان استخدام مصطلحات غير علمية في الطرح يعني المسير عكس الاتجاه المؤدي الى زيادة الوعي الآثاري و قد يثير حفيظة البعض و يستصغر قيمة اللقية الاثرية التأريخية و أهميتها العلمية..
واضاف: اكبر برهان نستطيع ان نستشعر به خطر استخدام مثل هكذا مصطلحات يمكن ايجاده في صفحة الوزير نفسها وقراءة النقاش الذي وقع بين المتابعين وقد دعا احدهم الى اخراج هذه الاثار من المتحف و تدميرها ، ولعن المعتز بها واعلن عن بدئه حملة لأخراجها من المتحف مشيرا الى انه سيتجه الى رجال الدين ليعلمهم بأمر هذه القطع الاثرية لدفعهم الى المطالبة بأزالتها كما و يبدأ حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صورة القطع مستخدما العاطفة في استدراج المتابعين.
الافضل تحطيمها
وكان شخص اسمه سامر المصري قد علق على ما ذكره الوزير في صفحته على الفيس بوك قائلا : اللات والعزى اصنام يجب عدم وضعها في المتحف لانها تمثل الهة عبدت من دون الله … والافضل تهديمها … الاثار الحقيقية هي الاثار التي تبقت مثل اواني فخارية وعملات معدنية … اما ان يوضع تمثال يمثل الاصنام فلا اعتقد انه يمثل الاسلام والمسلمين.
واضاف : هناك فرق بين الاثار والاصنام ،الاصنام التي امر رسول الله بازالتها لا يجب ان نعتز بها نحن المسلمين ونعتبرها اثر لنا لانها عبدت من دون الله …افتحوا عقولكم، انا مع وجود اثار في المتحف ولكن اكره ان توجد الاصنام لعنة الله على من يعتز بها وحشره مع الاصنام يوم القيامة فهي لا تضر ولا تنفع .
الوزير : يرد ولكن !
وقد علق الوزير لواء سميسم على ما ذكره سامر المصري ، قائلا : يجب ان نفهم الاسلام بحقيقته ( وأنا والحمدلله من تيار اسلامي ) ولو فكرت قليلا وسألت نفسك لماذا بدأت المنشور بالاية الكريمة :أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ….. ، هذا يعني باب التفكر والعبرة التي اراد الله سبحانه ان ينبهنا عليها ، مثل قوله تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) …. فهل ابقاء جسم فرعون هو ابقاء لرمز الكفر ــ حاشا لله ذلك ـــ وهل وجود هذه الاصنام ( وكذلك آلهة الحضارات القديمة ) في المتحف هي لغرض عبادتها (كما كان يفعل اصحاب هذه الحضارات) ؟؟، ومن قال لك ان المتحف هو دار عبادة لله حتى تعترض على وجود هذه الاوثان .
واضاف : هذه الاوثان لنا ــ كمسلمين ــ هي عبارة عن حجارة لا اكثر ، إنما هي حجارة لها اهمية تاريخية وآثرية يحتاج لها الباحثون الاختصاص لدراسة تاريخ تلك الفترات …. وإلا هل تعقل ان هذه الاحجار ــ التي لا تضر ولا تنفع ــ ممكن ان تغير قناعات المشاهد ويعبدها من دون الله … مالكم كيف تحكمون ؟