تغذي قطر بما تملك من ثروة ومكانة دولية ودعم أمريكي منظمات إرهاب وجهاد إسلامية ولهذا إذا أراد الغرب أن يحارب هذه المنظمات فعليه أن يُضر بمنزلة قطر وتأثيرها.
إن أربع سنوات زعزعة عربية صاغت واقعا جغرافيا استراتيجيا جديدا في الشرق الأوسط وخارجه. وإن انتقاض النظام الإقليمي وزيادة مقلقة في قوة لاعبات ليست دولا على هيئة منظمات إرهاب إسلامية متطرفة عنيفة تريد أن تنشيء نظاما اقليميا وعالميا جديدا يعتمد على الاسلام والشريعة الاسلامية هي دعوة استيقاظ قد تكون الاخيرة للعالم الحر.
إذا لم يستطع العالم الحر أن يجد السبيل لتوحيد القوى والجهد، واذا لم يُظهر التصميم وشجاعة العمل، واذا لم يعرف في الأساس كيف يفصل نفسه عن السلامة السياسية ويبدأ بالحرص على التفرقة بين الخير والشر، وبين الانساني والبربري، واذا لم يكن مستعدا لأن يعرض للخطر مدة محدودة، النمو الاقتصادي الذي يقوم على اموال الدم وعلى فساد النفط والغاز، فان الشر قد يغطي على الخير.
نشأت أربعة معسكرات أو محاور رئيسة وهي: معسكر الاسلام السياسي (الاخوان المسلمون)، ومعسكر الاسلام السني المتطرف على اختلافه (القاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرها)، والمعسكر الشيعي بقيادة إيران وسوريا (العلوية) وحزب الله، والمعسكر الإسلامي المعتدل – القومي بقيادة مصر والدول الملكية العربية (دون قطر).
إن العداوات الشديدة بين المعسكرات المختلفة قد تنشيء أحلافا غريبة لحظية (كحلف بين السعودية وايران على داعش مثلا)، لكنها لن تستطيع أن تطمس على الفروق بينها. إن ثلاثة من المعسكرات تُعرض العالم الحر ومصالحه الرئيسة في الشرق الاوسط لخطر واضح، ويمكن أن يعتبر المعسكر الاسلامي المعتدل – القومي فقط حليفا موثوقا به. بيد أن العالم الحر، ونؤكد الولايات المتحدة، فضل في مراحل ما الاسلام السياسي الذي رأى أنه الأمل الجديد وأدار ظهره للمعسكر المعتدل.
وكلما طالت الزعزعة العربية زيد في حدة الفروق والعداوات بين المعسكرات. وقد يئس المعسكر المعتدل بقيادة مصر السيسي والسعودية اللتين تشاركان اسرائيل في مصالح استراتيجية مهمة، يئس من موقف الولايات المتحدة. وقد عزز التعاون وزاد في التصميم وهو اليوم القوة المهمة الوحيدة تقريبا في العالم العربي التي يمكنها أن تقيم جدارا حديديا يعوق عن توسع الاسلام السياسي والمتطرف. وقد برهن السيسي على ذلك في مصر وأصبح أهم زعيم اقليمي وأكثره تأثيرا بعد أن نجح في فرض الهدنة على حماس.
تهدد قطر بتصديع الجدار الحديدي الذي يحاول المعسكر المعتدل أن يقيمه. وقد جعلت هذه الامارة الصغيرة الثرية التي تتمتع بدعم أمريكي، جعلت استراتيجية بقائها وتأثيرها من بواعث تأجيج الصراعات العنيفة في المنطقة بدعم مباشر وغير مباشر لمنظمات ارهاب وجهاد كحماس في قطاع غزة والقاعدة في العراق وسوريا وغيرهما. بل إن فخامة شأن قطر وتأثيرها بلغا عنان السماء في السنوات الاخيرة ويستمدان من عدة عناصر بارزة هي غناها العظيم ومحطة “الجزيرة” التي تملكها ووجود عسكري امريكي كبير في داخلها مع صفقات سلاح ضخمة مع الولايات المتحدة وانشاء فروع مؤسسات جامعية ومعاهد بحوث فخمة فيها، هذا الى استضافة العاب كأس العالم ايضا.
مكّن كل ذلك الامارة الصغيرة من التصرف بغرور وعدم مسؤولية وتحدٍ سافر لكل من رأته عدوها في المنطقة. إن قطر هي “السحر الذي انقلب على ساحره”، وقد رعت بطريقتها هي غيلانا اخرى تحولت من لاعبات هامشية الى لاعبات عنيفة وفتاكة وناقضة للاستقرار في منطقتها وخارجها والى مصدرة ارهاب الى دول الغرب ايضا.
لم يعد العنف الفتاك للاسلام المتطرف من نصيب الشرق الاوسط فقط، وهو يطرق أبواب العالم الحر ويوجب استيقاظه، ومن سبل ذلك قطع انابيب تغذيته القطرية. ويملك العالم الحر وسائل ممكنة شتى منها مس شديد بمكانة قطر الدولية بالغاء العاب كأس العالم وبالتنديد بها بل بمطاردتها بسبب مسها الشديد الدائم بحقوق الانسان. ويمكن مع ذلك استعمال وسائل سرية متنوعة تضعضع غرور قيادة قطر وتوجب عليها أن تعيد التفكير.
المصدر | كوبي ميخائيل، إسرائيل اليوم