“ما بين الشرقية والإسكندرية والإسماعيلية”.. اقتصرت زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي خارج القاهرة، إذ أنه ومنذ توليه للسلطة في 8يونيو الماضي يمارس عمله داخل القصر الجمهوري بمصر الجديدة ولم يقم بزيارة أى محافظة أخرى بخلاف المحافظات الثلاث التي جاءت زيارته لها بسبب أنها بين أحضان الجيش المصرى وبين جنوده.
وزار السيسي محافظتي الشرقية والإسكندرية لحضور الاحتفالات بتخريج دفعات القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوى، فيما كانت الزيارة الثالثة للإسماعيلية محاطًا برجال القوات المسلحة، للإعلان عغ تدشين مشروع محور قناة السويس ولم يقم بزيارات أخرى بعد ذلك، الأمر الذى أثار علامات استفهام كثيرة حول ذلك، خاصة أنه فى فترة الانتخابات الرئاسية لم يقم أيضًا بزيارة أي من المحافظات المصرية.
فيما أرجع محللون السبب الحقيقي وراء عدم خروج السيسي من القاهرة إلى محافظات أخرى نتيجة عدم الاستقرار الأمني، والمخاوف من الإرهابيين، إلا أن الأمر لم يرق للبعض ممن يرى أن تقوقع الرئيس داخل العاصمة ضرره أكثر من نفعه، لأن الشعب المصري يحتاج حاليًا وبشدة إلى رئيس يكون بجواره فى أزماته.
“المصريون” رصدت آراء المحللين والمواطنين فى أسباب عدم ذهاب السيسي إلى المحافظات المصرية.
“عدم الاستقرار الأمني وتواجد أعداد كبيرة من الإرهابيين هو السبب فى عدم تفاعل السيسي مع المواطنين” هكذا حلل الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة كاليفورنيا ميرامار، إذ أكد أن عدم ظهور وتفاعل السيسى مع المواطنين نتيجة عدم الاستقرار فى مصر والناتج عن إعادة إنشاء نظام سياسى جديد، بجانب العمليات إرهابية وممارسات للعنف من قبل البعض ما أثر بشكل كبير فى قدرة الحكومة فى توفير الأمن.
ورأى أن هذه الأمور تجعل من الصعب أن يجتمع رئيس الجمهورية بصورة دورية مع المواطنين، وذلك لأن الأجهزة الأمنية مهما كانت قوتها لن تستطيع تأمين الموقف، مضيفًا أن تحركات الرئيس فى الأساس لابد أن تكون مدروسة وفق آليات تضمن تأمينه بشكل كبير، لا سيما أنه فى هذا التوقيت لا يمثل نفسه وإنما يمثل الدولة ككل, خاصة فى ظل عدم استقرار محلى وخارجي على الحدود مع غزة وليبيا والسودان، بالإضافة إلى ما يحدث فى سيناء.
وتابع “إذا ما حدث وتم اغتيال رئيس الجمهورية فسوف تحدث عواقب وخيمة ستؤثر فى الاقتصاد والوضع السياسي والأمني بصورة أكبر من مجرد شعور الناس بعدم تواجد الرئيس بينهم, والجميع يعرف هذه الظروف من قبل ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية”.
وأشار صادق إلى أنه “مع تطور التكنولوجيا أصبح من الممكن أن يتابع رئيس الجمهورية جميع الأمور من خلال شاشات عرض مخصصة أو أن يلتقي بالجمهور من خلال شاشات التليفزيون أو اللقاءات الصحفية أو عبر الفيديو كونفرانس كما فعل فى انتخابات الرئاسة عندما التقى بأهل أسيوط, فمثل هذه الأمور يمكن أن تعوض عدم التحامه مع الشعب, إلا أن هذه الأمور لن تطول ومع تحسن الأوضاع الأمنية سوف تزول سريعًا”.
وذكر صادق أن “هناك العديد من المسئولين رفضوا الانصياع إلى تعليمات الأجهزة الأمنية وكانت النتيجة أن تم اغتيالهم كما حدث مع آنا لاند وزيرة خارجية السويد التى تم اغتيالها عندما كانت تتسوق من السوبر ماركت, وأولوف بالمه، رئيس وزراء السويد الذى تم اغتياله أمام أحد السينمات”.
واستطرد “عدم تواجد الرئيس السيسى على الأرض بين المواطنين لن يقلل من شعبيته، خاصة أنها ليست حالة جديدة بل كان عليها قبل وبعد الإطاحة بنظام الإخوان نتيجة لطبيعته العسكرية والمخاوف التي تلاحقه من جماعة الإخوان المسلمين”.
إذ قال إن “السير بحرية وعقد اجتماعات مفتوحة مع الجماهير يتم في مناخ مستقر خالٍ من مشاحنات سياسية واجتماعية, ولن يتم فى بيئة سياسية تم فيها تغيير ثلاثة رؤساء للجمهورية فى ثلاث سنوات”.
وتوقع صادق أن تتحسن الأوضاع السياسية والأمنية خلال خمس سنوات وحينها يستطيع الرئيس أن يمارس صلاحياته بكل حرية.
وقال محمد حامد، النائب البرلماني السابق، إن “الإجراءات والاحتياطات الأمنية هى سبب عزلة السيسى عن التنقل بين المحافظات”، موضحًا أن الوضع الحالى فى مصر وعدم وجود استقرار أمنى هو السبب الحقيقى وراء عدم خروج الرئيس خارج القاهرة، وجاءت لثلاث محافظات في أحضان الجيش المصرى فقط، وهذا الوضع سيستمر إلى أن يستقر الوضع الأمنى فى مصر.
“ليس من الضرورة أن يتحرك الرئيس وينتقل بين المحافظات لأن هناك مَن ينوب عنه من وزراء ومحافظين” هكذا قال ريمون فايد، والذى يعمل محاسب 52 عامًا والذى أشار إلى أن الأعباء الواقعة على الرئيس السيسى كبيرة جدًا، خاصة أنه يسعى لتنفيذ مشروع اقتصادى هو الأكبر فى مصر منذ عشرات السنوات، والمتعلق بإنشاء قناة السويس الجديدة, لذلك ليس بالضرورة أن يتحرك رئيس الجمهورية وينتقل بين جميع المحافظات، لأن هناك مَن ينوب عنه من الوزراء والمحافظين، وهم على قدر كبير من الحكمة فى إدارة الشئون الداخلية.
وأضاف ريمون أنه لم يمض على تولى السيسى لرئاسة الجمهورية سوى شهرين، ولذلك لا يمكن الحكم على نشاطه فى متابعة أمور الشعب لأنه غير مطالب أن يكون فى كل مكان فى هذا الوقت، خاصة أن تحقيق الأمن والتحرك فى تنفيذ إجراءات إصلاحية لتحسين الاقتصاد المصرية يحتاج إلى جهد كبير وعمل متواصل ولا يستدعى التحرك الكثير ويمكن إنجازه من خلال جلسات مكثفة مع الخبراء والمتخصصين، لافتًا إلى أن تحرك الرئيس فى المناطق التى يكون فيها الجيش بكثافة كالإسماعيلية قد يرجع أسبابه لأهداف أمنية، خاصة أن هناك مَن يرفضون تولى السيسى ويسعون إلى تهديد السلم العام وإظهار الأمور بصورة سيئة.
فيما اختلف معه في الرأي محمد الفارس 25 سنة والعامل بإحدى الشركات الخاصة والذى أكد أن السيسى لم يزر المحافظات قبل الانتخابات فهل سيزورها وهو رئيس، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسى خائف من شعبه متسائلاً كيف سيحكمه وهو خائف منه؟.
وأشار الفارس إلى أن الرئيس السيسى خيب ظن من انتخبوه، موضحًا أن السيسى لن يجرؤ على زيارة المحافظات، لأن الشعب يقف له بالمرصاد ومن المؤكد سيكون خطرًا كبيرًا عليه.
وزاد ، أحمد عبد الغنى، مدرس اللغة العربية والذى يبلغ من العمر 38 عامًا؛ حيث وصف الحالة الحالية ما بين الرئيس السيسى والمواطنين بالفجوة الكبيرة، موضحًا أن الشعب المصرى فقد الثقة والمصداقية فى كل المسئولين، وأصبحت هناك فجوة كبيرة بين الرئيس والشعب، حتى لو جاء أى رئيس ستظل الفجوة قائمة، لهذا على الرئيس الحالى أن يعمل من أجل المواطن البسيط، وأن يطبق العدل فى الأرض وهنا يستطيع فقط أن يسير بأمان فى كل مكان.
وأشار إلى أن السيسى لن يستطيع زيارة المحافظات فى الوقت الحالى، وذلك لإجراءات أمنية، لأنه يخاف على نفسه، فهو لا يأمن غضب المواطنين المكلومين على أبنائهم، فالسيسي منعزل تمامًا عن الشعب وهذا سيسقطه لا محالة ما لم يطبق العدل ويتصالح مع الشعب.
إلا أن فريد ملاك ويعمل سائقًا قال إن زيارة السيسى للمحافظات ستمثل خطرًا على حياته، مشيرًا إلى أن المصريين يحبونه، لكنه أشار فى الوقت نفسه إلى أن استمر الوضع الحالى من قطع متعدد فى الكهرباء بهذا الشكل فلن نستطيع تحمله وسيسقط من نظرنا فلابد أن يفعل شيئًا حتى يحل أزمة الكهرباء التى تعطلنا جميعًا.
وأضاف ملاك أن زيارة السيسى للمحافظات بالتأكيد ستمثل خطرًا على سلامته لهذا أنصحه بعدم الزيارة، وأن يهتم فعليًا بتطبيق المشاريع القومية.
(المصريون)