قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن يأذن بالمراقبة الجوية ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في سوريا، يشير إلى أن الغارات الجوية الأمريكية ضد هذه المواقع قادمة قريبًا.
كل هذا هو صحيح وسليم. ولكن الخطر ما زال يتربّص. رئيس العائلة المجرمة البارزة في سوريا، بشار الأسد، ينتظر مثل التماسيح من أجل سقوط الصياد الأمريكي من القارب. وبالنسبة للأسد، تقرع الفرصة الآن. حيث إنه إذا ما تعامل مع الأمور بشكل صحيح، وبمساعدة من التراخي الأمريكي، فإنه سوف يستطيع العودة إلى المجتمع الدولي المهذب مرة أخرى، بينما يقوم الآخرون برفع حمل داعش الثقيل عن كتفه.
منذ بداية انتفاضة سوريا الشعبية ضد النظام الفاسد، غير الكفء، والوحشي، عام 2011، واصل الأسد بانضباط اتباع استراتيجية بسيطة جدًّا، وهي خلق معارضة بديلة من شأنها أن تطغى على الاحتجاج السلمي. أفرغَ السجون من السجناء الإسلاميين، ومن ثمّ اتبع التكتيكات الطائفية العنيفة، لإغرائهم بالانضمام إلى تنظيم القاعدة، وإغراء تنظيم القاعدة في العراق ومناطق أخرى بالقدوم إلى سوريا. القاعدة في سوريا تحوّلت إلى داعش وجبهة النصرة، وكلما تضخم عدد المقاتلين الأجانب في صفوف المجموعتين، كلما ضخّم الأسد، ومعه إيران وروسيا، من رسالته التي لا تتغير، بأنه “الحصن ضد الإرهاب، وبأن الغرب سوف يضطر عاجلًا أو آجلًا إلى الزحف عائدًا إلى نعيمِه”.
الأسد وأتباعه والمدافعون عنه يعتقدون اليوم بأن ساعة الخلاص قد اقتربت. وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، حذر واشنطن من انتهاك السيادة السورية في حين عرض التنسيق والتعاون ضد داعش. وقد استجابت إدارة أوباما بشكل مناسب على العرض، حيث رفضته بازدراء! إلا أنه، ورغم ذلك، ما زال الخطر يتربص بهذه الإدارة في المياه العكرة من المكائد السياسية الشامية.
السيناريو المثالي بالنسبة لبشار الأسد هو أن تساعده داعش في قتل معارضيه القوميين المسلحين في غرب سوريا، وأن تقوم أمريكا بالطيران بقتل داعش في الشرق، بينما يجلس هو مرتاحًا في دمشق، وشاعرًا بأن الغرب بات يحتاجه مرة أخرى باعتباره شريكًا مفيدًا ضد هؤلاءالذين يمكن القول إنهم أكثر شرًّا منه.
وبناءً على تجربته مع واشنطن منذ منتصف عام 2011، لدى الأسد كل الأسباب للاعتقاد بأن استراتيجيته هذه سوف تؤتي ثمارها. الآن، وبينما تركز قواته على القصف وتجويع المدنيين، يعمل مقاتلو داعش بلطف في غرب سوريا لمساعدته في القضاء على المعارضة المسلحة. والآن أيضًا، وبينما تستعد واشنطن، فيما يبدو، لبدء حملة جوية ضد أهداف داعش في الشرق، يتصور الأسد بأنه يحقق من جديد مراده بالعيش على حساب الآخرين: إيران، روسيا، داعش، والآن أمريكا.
كيفية تجنُّب الكمين
يجب إظهار العداء الحقيقي تجاه الأسد؛ لأن إزالته هي أكثر أهمية من إزالة نوري المالكي إذا ما أردنا تحييد داعش. في سياق العمليات الجوية للولايات المتحدة ضد التنظيم المتشدد في سوريا، يجب أن تشمل هذه العمليات أهدافًا مثل رادارات الدفاع الجوي للنظام، ومواقع الدفاع الجوي ذات الصلة. تقديم المساعدات القوية في الوقت نفسه للمتمردين الذين يقاتلون كلًّا من النظام وداعش أمر لا بدّ منه كذلك. ولا بدّ، أيضًا، من تقديم المساعدة الأمنية ذات الصلة للائتلاف الوطني السوري، في محاولة لإقامة بنية الحكم البديل لحكم الأسد.
نيو ريبابليك
موقع (التقرير)