جاءت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير «سعود الفيصل» للدوحة أمس والتي رافقه فيها وزير الداخلية الامير «محمد بن نايف»، ورئيس الاستخبارات الأمير «خالد بن بندر»، لتشير الى استمرار السعي السعودي لإشراك قطر في الحراك العربي السياسي والأمني النشط لمواجهة تداعيات الاحداث ومخاطرها في سورية والعراق والتصدي لتنامي المد الارهابي عبر تنظيم «داعش»، الذي أثار فوضى إقليمية غير مسبوقة في المنطقة.
هذا الحراك العربي الذي تقوده السعودية ويسعى الى تعزيز تشكيل المحور السعودي ـ المصري ليصبح محورا عربيا يضم بالاضافة الى الامارات الأردن ودولا خليجية، ترى بعض الاوساط القريبة من الحكم في الرياض انه لن يكتمل الا بوجود قطر التي لها دور مؤثر في سوريا وغيرها من الدول العربية الاخرى.
لذا جاءت زيارة الوفد السعودي الهام الى الدوحة، بهدف حل بعض الاشكالات والعوائق التي تعرقل عودة العلاقات السعودية، وبالتالي الاماراتية والبحرينية، مع الدوحة الى طبيعتها الايجابية.
وقالت مصادر خليجية أن «اللقاء السعودي القطري كان ناجحا، وركز على آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين»، مشيرين إلى ان الرياض تعتبر الدوحة حليفا قويا وضمن القوى الهامة والمؤثرة في العالم العربي.
ومن هنا فإنه يجب ملاحظة ان التحركات السعودية مع قطر ـ رغم ما يقوله بعض الاعلام المتشدد المحسوب على السعودية والامارات ـ تأخذ المنحى الايجابي منذ مبادرة أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد» بزيارة السعودية ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» في شهر رمضان الماضي. ويبدو ان الرياض لم تعد تضع شروطا على الدوحة بشأن علاقتها مع جماعة الاخوان المسلمين، لأن ملاحقة الاخوان المسلمين ومعاداتهم لم تعد ضمن اهتماماتها الأولية بقدر ملاحقة التنظيمات والجماعات المتطرفة الاخرى.
وهذا يبعث على الاعتقاد بأن العاصمة السعودية قد تسعى في مرحلة لاحقة لتخفيف التوتر بين القاهرة والدوحة حتى يتم تحقيق نوع من المصالحة، فبعد هذه الزيارة ارسل العاهل السعودي نجله وزير الحرس الوطني الامير «متعب بن عبد الله» الى الدوحة في 11 أغسطس/آب الحالي، حيث التقى اميرها الذي كرمه بحفل غداء دلّ على تقدير قطري لهذه الزيارة.
وحرصت الرياض على اشراك قطر في الاجتماع العربي الهام الذي عقد في جدة يوم الاحد الماضي لوزراء خارجية مصر والسعودية والامارات والاردن والذي بحث الاوضاع في سورية والمنطقة وسبل التصدي لحالة الارهاب المتنامي.
ولوحظ انه كان هناك تطابق في وجهات نظر الجميع بمن فيهم قطر ومصر في هذا الاجتماع الذي يلتقي فيه للمرة الاول وزيرا خارجية مصر وقطر، بشأن سبل معالجة هذه الاوضاع، في سورية من خلال مبادرة تقودها مصر لحل سياسي، وفي مواجهة الارهاب من خلال التنسيق والتعاون الامني.
ولا شك ان الزيارة السعودية امس للدوحة هي الزيارة الهامة على صعيد السعي السعودي لاستعادة قطر واشراكها في الحراك العربي والخليجي المقبل، ونتائج هذه الزيارة لاشك انها ستظهر خلال الاجتماع القادم لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المقرر عقده في جدة يوم السبت المقبل واهم موضوع سيناقشه العلاقات مع الدوحة.
ويبعث على التفاؤل بأن تكون الزيارة السعودية للدوحة امس حققت نتائج ايجابية اجتماع امير قطر بالأمراء الثلاثة بحضور شقيقه الشيخ «عبدالله بن حمد» رئيس الديوان، والشيخ «عبدالله بن ناصر بن خليفة» وزير الداخلية ودعوتهم بعد ذلك للغداء.
وبعد زيارة الدوحة قام الوفد السعودي بزيارة المنامة حيث استقبله الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» في قصر القضيبية.
وجاء في خبر بثته وكالة الانباء البحرينية (بنا) أنه تم استعراض العلاقات التاريخية الاخوية في المجالات كافة، ومجمل التطورات والاحداث المستجدة التي تشهدها المنطقة الاقليمية والعربية والتأكيد على اهمية استقرار المنطقة والحفاظ على امنها وابعادها عن التوترات.
(المصدر: القدس العربي)