تسبب الدوري السعودي لكرة القدم في أزمة خرجت إلى العلن بين أكبر عملاقين في القطاع الإعلامي في السعودية، حيث أصيب الأمير “الوليد بن طلال” بخيبة أمل كبيرة، وتلقى ضربة موجعة، عندما فازت مجموعة “أم بي سي” بعقد لمدة عشر سنوات حصلت بموجبه على حقوق بث مباريات الدوري السعودي بشكل حصري مقابل 990 مليون دولار، فيما كان المنافس لها على الفوز بهذا العقد مجموعة “روتانا” المملوكة بالكامل للأمير الوليد.
ونقلاً عن “القدس العربي” خرج الأمير عن صمته قبل أيام عندما نشر تغريدة على “تويتر” يتهم فيها مجموعة “أم بي سي” واتحاد كرة القدم السعودي علناً بالفساد، ويقول إن ما حدث “يخالف توجهات الملك” مؤكداً أن “أم بي سي” حصلت على العقد مقابل 3.6 مليار ريال سعودي، بينما كانت مجموعة “روتانا” قد عرضت 4 مليارات ريال.
وبعد أيام قليلة من تغريدة الأمير تبين أنه لن يسكت على ما حدث، ففوجئ السعوديون بمقال مفصل باللغة الانكليزية في جريدة “وول ستريت جورنال” الأميركية يتناول فيه الصفقة ويقول إن “أم بي سي دخلت في مؤامرة مع اتحاد كرة القدم السعودي من أجل الحصول على العقد” ويشير المقال إلى أن الصفقة غابت عنها الشفافية.
والصحيفة الأميركية مملوكة لشركة (News Corp.) وهي شركة يعتبر “الوليد بن طلال” أحد أكبر المساهمين فيها، وهو ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه هو الذي أوحى أو طلب مباشرة نشر هذه المادة الصحافية، خاصة وأن الكاتب هو صحافي عربي وليس أميركيا.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن رئيس اتحاد كرة القدم السعودي “أحمد عيد” إنه ألمح إلى وجود اعتبارات سياسية في العقد الذي حصلت عليه “أم بي سي” وقال: “هناك قضايا سيادية في الأمر أكبر من كرة القدم” وذلك في اشارة إلى أن “أم بي سي” لم تفز بهذا العقد بناء على منافسة حرة ونزيهة وشفافة.
ولم يتأخر رد مجموعة “أم بي سي” على ما نشره الأمير الوليد، ولا على ما نشرته “وول ستريت جورنال” حيث ردت من خلال الصفحة الانكليزية لموقع “العربية نت” وبتقرير يتضمن تصريحات على لسان رئيس مجلس الإدارة الشيخ وليد الابراهيم، والذي يعتبر أحد أكبر المتنفذين في السعودية، كما أنه قليل الظهور على وسائل الإعلام ونادراً ما يتواصل مع الصحفيين.
ورد التقرير على ما جاء في الصحيفة الأميركية بأن “أم بي سي” دفعت بالفعل 3.6 مليار ريال مقابل الحصول على الحقوق، إلا أن القيمة الإجمالية للعقد والذي حصل عليه الاتحاد السعودي هي4.1 مليار ريال، حيث أن وزارة المالية، التي تعتبر “شريكاً تجارياً” مع “أم بي سي” دفعت 500 مليون ريال مقابل أن تحصل على حقوق بث بعض المباريات على شاشات تلفزيونات محلية حكومية محددة.
وبحسب تصريحات الشيخ “وليد الابراهيم” فإن القيمة الإجمالية للعقد مع “أم بي سي” أكبر من المبلغ الذي تقدم به الأمير الوليد، ووصف الابراهيم تغريدات الوليد بن طلال بأنها “تغريدات عفا عليها الزمن، وغير ملائمة” في تقاذف واضح للتصريحات بين الرجلين.
كما يقول التقرير المنشور على “العربية نت” بالانكليزية إن مجموعة “روتانا” بالإضافة إلى أنها تقدمت بمبلغ أقل من “أم بي سي” إلا أنها أيضاً تقدمت بعرضها متأخرة، وبعد فوات الأوان رغم الإعلان المبكر عن الأمر، وهو الإعلان الذي دفع “أم بي سي” إلى أن تبدأ استعدادات دراسة هذا العقد منذ بداية العام الحالي.
ويؤكد التقرير أن الامكانات المتوفرة لدى “أم بي سي” لبث المباريات وتقديم تغطية مميزة للمشاهد السعودي والعربي أفضل بكثير من تلك التي تتوفر لدى مجموعة “روتانا” فضلاً عن أن التقرير يشير إلى أن “روتانا” تعتزم إطلاق قناة إخبارية منذ سنوات، إلا أنها لم تر النور حتى هذه اللحظة، وذلك في ايماءة غير مباشرة إلى أن “أم بي سي” نجحت منذ أكثر من عشر سنوات في إطلاق قناة “العربية” الاخبارية، بينما لا يزال هذا الأمر مجرد طموح لدى “روتانا” التي لم تنجح في تنفيذه حتى هذه اللحظة.
وقال “وليد الابراهيم” إن “أم بي سي” تتطلع إلى دخول عالم الرياضة بشكل أوسع دون التوقف عند الدوري السعودي، مشيراً إلى أن مجموعته تتطلع إلى الاستحواذ أيضاً على حقوق بث العديد من البطولات الرياضية، بما يجعلها الأولى رياضياً في العالم العربي، إلى جانب كونها الأولى ترفيهياً.
يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها خلافات إلى العلن وتنتقل إلى وسائل الاعلام بين شخصيات سعودية بحجم الأمير الوليد بن طلال، والشيخ وليد الأبراهيم، خاصة وأن الخلاف يأتي على خلفية عقد تجاري ولا علاقة له بالوضع السياسي.
وبموجب هذا العقد فإن “أم بي سي” أًصبح لديها الحق الحصري في بث مباريات كرة القدم للدوري السعودي من الآن وحتى السنوات العشر المقبلة، وهي مباريات عادة ما تدر كميات كبيرة من الإعلانات، حيث أن ملايين السعوديين مولعون بمتابعتها سواء في الملاعب أو عبر شاشات التلفزيون.