في 14 مايو/أيار الماضي كشف الكاتب البريطاني «ديفيد هيرست» في معرض تعليقه على محاولة اللواء «حفتر» الانقلابية في ليبيا يقول في موقع «هافينغتون بوست» أن «هناك دور مصري إماراتي متعدد الجنسيات في انقلاب حفتر»، وأن «هجوم حفتر في بنغازي مدعوم بجهود متعددة الجنسيات، وهو تحالف حقيقي للراغبين».
«هيرست» تحدث عن مقدمات هذا الانقلاب الليبي في إطار الثورات المضادة التي يقوم بها رموز النظام السابق والعسكريين السابقين، منها: «استضافة المخابرات العامة المصرية وفدا عسكريا من دولة الإمارات»، حيث تساءل «هيرست»: هل ضغط الإماراتيون على عبد الفتاح السيسي لتحقيق وعوده بالتدخل في ليبيا ؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا الآن ؟ لماذا لا ينتظر المشير حتى يصبح رئيسا؟»
وأجاب على تساؤله بالقول إن تنافس بين الإمارات والسعودية لقلب النظام الجديد في ليبيا مثلما فعلوا في مصر، وأن دولة الإمارات ظنت أن الوقت ينفذ، وأنه ينبغي عليها الدفع لانقلاب آخر– بعد انقلاب مصر- في وقت لا تزال تملك فيه قوة الدفع .
في نفس التوقيت تقريبا، كشفت مصادر لموقع «ديبكا» الاستخباري الإسرائيلي أن «أفرادا من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة دعموا انقلاب الجنرال المتقاعد الليبي خليفة حفتر لتخليص النظام من المتطرفين الإسلاميين»، بحسب توصيف التقرير، مؤكدة أن «انقلاب حفتر تشتري له أبوظبي الولاءات المحلية داخل ليبيا ويتكلف السيسي بدعمه بقواته وواشنطن باستخباراتها»، وهو سيناريو مشابه لما ذكره «هيرست» وصحف أجنبية أخري.
وحدَدت مصادر «نشرة ديبكا الأسبوعية» الجهات المتعاونة، ميدانيا مع الجنرال «حفتر»، ممثلة في وكالة الاستخبارات المركزية والقيادة الأميركية لإفريقيا (أفريكوم)، وكذلك استخبارات الإمارات العربية المتحدة، تحت إشراف ولي العهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» و«ضاحي خلفان»، إضافة الي دعم «السيسي» له عسكريا.
وقد دفعت هذه المعلومات المسؤول العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في ليبيا الشيخ «بشير الكبتي» لاتهام كل من «الإمارات والسعودية بمحاولة خلق كيان سياسي بديل عن المؤتمر الوطني، قد يكون الحكومة المؤقتة الحالية أو قيادة عسكرية».
وقال تعليقا علي التدخل الإماراتي في ليبيا لقلب النظام الثوري الجديد وإعادة رموز النظام القديم الذين يمثلهم «حفتر»: «هناك أقطار عربية حباها الله بالمال والثروة تريد رفع شماعة الإخوان في كل مكان، الإخوان ليس لهم دور في المؤسسة العسكرية الليبية ، الإخوان في ليبيا حافظوا على طبيعتهم كجمعية دعوية، وموقفنا واضح للجميع نحن ضد العنف وضد استخدام السلاح وندعو للحوار بين مختلف أبناء الشعب الليبي ونرى أن الدم الليبي حرام».
سلاح الإمارات في ليبيا
ولذلك لم يكن مستغربا ان تعلن ميليشيات إسلامية متحالفة تدعى «قوات فجر ليبيا» بعد سيطرتها على مطار طرابلس الدولي، بعد نحو شهر من المعارك العنيفة مع ميليشيات «الزنتان» المدعومة من اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أن مصر والإمارات شاركتا في قصف العاصمة الليبية.
وقال أكثر من متحدث باسم ثوار ليبيا أن طائرات مملوكة للامارات نقلت إلي مصر لضرب قوات الثوار التي انتصرت علي قوات حفتر وسيطرة علي مطار طرابلس، وقال بعضهم أنه تم أسر أسلحة إماراتية وضباط مصريين قال أنه يجري التحقيق معهم رغم النفي المصري لأي تورط في ليبيا عسكريا.
بلير مندوب الإمارات للانقلابات
وقد ألمحت صحيفة «الجارديان» البريطانية، لتعيين الامارات رئيس الحكومة البريطانية السابق «توني بلير» كمستشار للمشير «عبد الفتاح السيسي»، مكلف من الإمارات التي تدفع أجره، وقال مراقبون أنه مخصص لشؤون الانقلابات، وقالت «الجارديان» إن ذلك سيفقد الشعب البريطاني ثقته بالسياسة، ويشوه الديمقراطية.
وقالت أن المبعوث السابق للشرق الأوسط ومجرم حرب العراق الذي أيد الانقلاب العسكري على الرئيس «محمد مرسي» سيقوم بدور المستشار الذي يقدم نصائح للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع الإماراتيين في القاهرة، بخلاف أدوار أخري، وأشارت افتتاحية الغارديان إلى أن «مشروع السيد بلير ممول من قبل الإمارات العربية».
وتابعت الصحيفة البريطانية أن «أليستير كامبل»، السكرتير الإعلامي السابق لبلير، والذي استقال عام 2003 على خلفية فضيحة ملف غزو العراق، والذي قدم للبريطانيين مشروعات اقتصادية وهمية، يقدم استشاراته أيضًا لحكومة «السيسي»، في محاولة لتحسين صورتها العامة، ويتقاضى أموالا مقابل ذلك، وأشارت «الجارديان» إلى امتناع كامبل عن التعليق عما إذا كان يعمل لصالح المؤسسة الاستشارية «استراتيجي».
وفي نفس الصحيفة «الجارديان» كتب «شيمس ميلن» مقالا بعنوان «بلير يجسد الفساد والحرب، لذا يجب طرده من منصبه»، قال فيه أن «بلير» يفعل هذا بدعوي ما يسميه «التهديد الكوني الذي يشكله الإسلام الراديكالي».
أيضا نشرت عدة صحف أوروبية تقارير عن ضخ الامارات والسعودية أموالها لعدة دول لتغيير مواقفها من الانقلاب، ذكرت منها الامارات التي قالت أنها «تتحرك في أوربا ايضا لدعم الانقلابيين، وأسست مؤخرا في سويسرا مركزا لحقوق الانسان يرأسه وزير الصحة الإماراتي السابق الدكتور حنيف حسن ـ وكان من عناصر عاة الإصلاح وجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي الإماراتية قبل أن يشتري النظام ولائه ـ ويساعده عدد من رجال المخابرات، ويستهدف تقديم الدعم الحقوقي والقانوني لسلطة الانقلاب في مصر».
وقالت أن هدف هذا المركز المدعوم من الإمارات هو التواصل مع المراكز والمنظمات الحقوقية الأوروبية للحصول على دعمها، ومواجهة تحركات وخطط عمل المركز الحقوقية المناصرة للشرعية في أوروبا حيث حاولوا إغراء موظفي مركز الكرامة بثلاثة أضعاف رواتبهم لكنهم رفضوا، وكان آخر عمل للمركز الإماراتي أنه استضاف وفد سلطة الانقلاب برئاسة «كمال الهلباوي» واستأجر له قاعة على هامش اجتماعات مجلس حقوق الانسان في جنيف ، لكن جهود الإمارات وملايينها في أوروبا تبخرت مجددا حيث فشلت في مواجهة أنصار الشرعية الذين نجحوا في إقناع 27 دولية من أكبر دول العالم لإصدار بيانها المشترك الأخير الذي يدين القمع في مصر ويطالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في مصر تكون تحت بصر ومتابعة مجلس حقوق الانسان الدولي.
الواضح أن الإمارات تحاول أن تلعب دورا أقليميا بأموالها عبر ما يسمى بدبلوماسية المساعدات المالية للدول المأزومة وبالصفقات المالية مع الحكومات التي ترضخ لها للحفاظ علي نفوذها وخشية من سيطرة إسلاميين علي السلطة في دول مثل مصر وليبيا بما يعرض مصالحها الاقتصادية للخطر أو يشجع الغضب الشعبي الداخلي في الإمارات ودول الخليج مستقبلا لنيل حقوقهم المسلوبة، ولهذا جاء التدخل لتحقيق أجندات داخلية خشية من الإسلاميين الجدد وأجندات أجنبية بالتحالف مع أمريكا والغرب لمنع سيطرة إسلاميين متشددين علي المنطقة بما يضر بمصالح الجميع ، لذا بدا واضحا دور الإمارات في «الثورة المضادة» في ليبيا كمحطة ثانية استكمالا لدورها في مصر.
المصدر: الخليج الجديد – محمد خالد