في خضم استعداداتها للانتخابات التشريعية والرئاسية من خلال تحديد قائمتها الانتخابية، تسلك حركة النهضة غير نهج بقية الأحزاب، وذلك من خلال الدعوة إلى رئيس توافقي في الانتخابات الرئاسية والانفتاح على مترشحين من خارج الحزب بالنسبة للانتخابات التشريعية. وفي هذا الخضم، يكشف وزير الصحة السابق وعضو المكتب التنفيذي إلى جانب قيامه بدور نائب رئيس لجنة الانتخابات لحركة النهضة ذي التوجهات الإسلامية عبد اللطيف المكي عن توجهات الحركة ورأيها في بعض القضايا القائمة على الساحة السياسية التونسية والعربية.
تحدث وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي في مقابلة مع “العربي الجديد” عن دعوة حركة النهضة إلى “رئيس توافقي” وصدى ذلك لدى بقية الأحزاب، فقال: “لم تحدد حركة النهضة إلى حد الآن موقفها النهائي من الانتخابات الرئاسية ومن ستدعم في السباق إلى قصر قرطاج في انتظار انعقاد مجلس شورى الحركة أوائل الشهر القادم”، مؤكّدًا على أنّ “انسجام الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب) أكثر من ضروري في المرحلة القادمة حتى يتمكنوا من مواصلة تحقيق أهداف الثورة التونسية”.
وأوضح أنّ الاتفاق مع ثلاثة أو أربعة أحزاب هامة ولها تمثيل في المجلس الوطني التأسيسي “يكون كافيًا لتشكيل وفاق حول مرشح توافقي وليس حول رئيس توافقي”. وأشار المكي إلى وجود اتفاق في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.
وفي صورة ما إذا فشلت دعوة حركة النهضة إلى “مرشح توافقي”، فإنها، بحسب المكي، “يمكن أن ترشح الرئيس السابق للحكومة، علي العريض، أو وزير العدل السابق نور الدين البحيري، أو نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو. وقد نفاجئ الجميع بتقديم امرأة كمرشحة للرئاسة، وليس لدينا أي عائق فكري أو نفسي تجاه هذه المسألة”.
وأكد المكي على أنّ القائمات الانتخابية تبرز “تمازج الأجيال داخل الحركة، ولذلك هناك تمثيل جيد للشباب والمرأة، وهناك انفتاح على شخصيات من خارج الحركة. أي إننا يمكن أن نعمل بشراكة مع جميع الأطراف سواء كانت حزبية أو مستقلة”.
وأشار إلى أنّ حركة النهضة “لن تحكم لوحدها ولكن بشراكة، لأن الحكم مسؤولية وليس غنيمة ويتطلب تضحيات شخصية ومهنية وعائلية”، مؤكدًا “إيمانهم بأن تونس تحتاج إلى شراكة حقيقية في إدارة الشأن العام؛ لأننا حوربنا عندما وصلنا إلى قلب الفساد”.
وعن الأطراف والأسباب التي حاربتهم، قال عبد اللطيف المكي: “نحن حوربنا لأننا بدأنا الإصلاح ووصلنا إلى ما يسمى في تونس بـ”اللحمة الحيّة” أي عمق الأشياء، ونحن حكمنا بأخلاقنا بلا أحقاد ولا ضغينة ولا تصفية حسابات، لأن الحكم يتطلب مخلصين يتميزون بنظافة اليد وصدق العمل من أجل المجموعة. ولكننا اصطدمنا بشبكة المصالح القديمة، والنظام القديم الذي رضخ لتأثير اللوبيات وسخّر الدولة لخدمتها لأن الفساد في تونس منظومة متماسكة”.
وأضاف: “لا يمكن الإصلاح إلا بسلطة سياسية مستقلة، وعندما وصلنا إلى “اللحمة الحية”، علا الصراخ وبدأت الدعوات لإسقاط الحكومة. والمقصود هنا بإسقاط الحكومة هو إسقاط الديمقراطية وليس الإسلاميين”.
وأكد المكي على أنّ الفوضى في ليبيا أو إسقاط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أو إسقاط حكومة الترويكا في تونس “ليس الهدف منها إسقاط الإسلاميين بل إسقاط المشروع الديمقراطي في المنطقة، لأن قوى إقليمية عربية بعيدة جغرافيًا هي أنظمة آتية من متحف السياسة، لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين، وتعمل بمعية قوى دولية على إسقاط المشروع الديمقراطي في المنطقة العربية، لأنه يشكل خطرًا على مصالحها”.
وشدد المكي على أنّ: “الوطن العربي عملاق نائم بثرواته ومكانه الاستراتيجي في العالم، والديمقراطية ستجعل منه قوة حقيقية، تفرض قرارها المستقل مثلما فعلت الصين والهند وأميركا اللاتينية. ولذلك تعمل قوى عربية وإقليمية بمعيّة قوى دولية على إفشال المشروع الديمقراطي بكل قواها وتضخ أموالًا ضخمة لتحقيق هذا الهدف، وتغيير المعادلات السياسية في تونس”.
أما عن مسألة السيارتين الإماراتيين إلى رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي، فقال المكي: “إنها قطرة من بحر؛ لأنّ ما خفي كان أعظم”.
التقرير