“السياسة الخارجية الفاشلة لتركيا” .. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالا للكاتب آرون ستين تعليقا على الإعلان مؤخرا عن اختيار وزير الخارجية التركي الحالي أحمد داود أوغلو لرئاسة الحكومة وحزب العدالة والتنمية الحاكم خلفا ﻷردوغان الذي فاز في انتخابات رئاسة الجمهورية.
وقال الكاتب إن أوغلو منذ توليه منصب وزير الخارجية في عام 2009، حاول حل أزمات المنطقة التي لا حصر لها، ودفعت سياسته الخارجية تركيا إلى الاقتراب من ثورات الربيع العربي، كما تحولت تركيا إلى قاعدة رئيسية للحرب الأهلية في سوريا.
وأضاف أن وزارة الخارجية تحت قيادة أوغلو تأرجحت ما بين إشادة البعض بأن تركيا منارة الديمقراطية للعالم الإسلامي، والتنديد بأنها قوة إقليمية غير مسئولة.
وبعد هذه الإشادة المبدئية، أصبح أوغلو مصدرا للجدل في الغرب، وبالنسبة للشرق الأوسط، احتضنت تركيا الحركات السياسية المحافظة دينيا والتي تعارضت مع دول الخليج ومصر، الأمر الذي ساهم في عزلتها سياسيا.
وتابع الكاتب قائلا إن أوغلو دخل رئاسة الوزراء، ليشغل فراغ الرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان، متوقعا عدم وجود أي تغييرات على السياسة الخارجية الفاشلة في تركيا.
وقال “منذ عقود، يرى أوغلو أنه يجب أن تحتضن تركيا ماضيها الإمبراطوري العثماني واستخدام جغرافيتها الفريدة لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء البلقان والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وعلى العكس من رؤيته، قالت الصحيفة أن هذا العمق الإستراتيجي يمثل خروجا عن التركيز التاريخي في البلاد والحفاظ على علاقات وثيقة مع حلفاء منظمة حلف شمال الأطلسي في الغرب.”
واعتبر أن جهود تركيا في هذا الصدد تسبب في إشكالية بالتأكيد، مشيرا إلى أن هذه البلد ليس لديه سفير في سوريا أو مصر أو إسرائيل، وعلاوة على ذلك، توترت علاقات أنقرة مع دول الخليج، وذلك بسبب دعم حزب العدالة والتنمية لجماعة الإخوان المسلمين، وتعتبر العلاقات الدبلوماسية مع العراق معدومة.
واستنتج الكاتب أن نهج أوغلو يستند على أربعة افتراضات، أولها أنه يعتقد أن “عصر القومية” سوف سينتهي في الشرق الأوسط وسيظهر جيل جديد من القادة المحافظين دينيا، والثاني أن هؤلاء القادة المحافظين دينيا سيتطلعون إلى تركيا وبشكل أكثر تحديدا لحزب العدالة والتنمية، كمصدر للإلهام السياسي، والثالث أن التوسع في المحافظة الدينية سيسمح لتركيا بتوسيع نفوذها عن طريق الهوية الدينية المشتركة مع الدول ذات التوجهات المماثلة، وأخيرا أن الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، له مصلحة في منع التغيير الديمقراطي في المنطقة.
ورأى الكاتب أن هذه الافتراضات تعزز فهم حزب العدالة والتنمية للأحداث الإقليمية الأخيرة منذ الانتفاضات العربية.
وقال إن حزب العدالة والتنمية اعتقد أن احتضانه للأحزاب التابعة لجماعة الإخوان في مصر والعراق وتونس كان اختيارا حكيما سياسيا وصحيحا أخلاقيا، وأن ذلك سوف يساعد على تعزيز النفوذ التركي في الخارج، استنادا على فكرة أن حزب العدالة والتنمية قد أشرف على تحول السياسة الداخلية التركية، وأدى لتحول تركيا لدولة أكثر ديمقراطية.
واعتمادا على الأمر ذاته، دعمت تركيا حركة حماس في قطاع غزة، ولامت الغرب لعزل حماس بعد فوزها في الانتخابات عام 2006، وزعمت أن هذه العزلة هي واحدة الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات في فلسطين، ومع ذلك، فشلت جهود تركيا للتوسط في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لأنه لم يعد ينظر إليها على أنها طرف محايد.
وعلى الجانب الآخر، تعتبر تركيا دول الخليج دولا فاسدة وغير شرعية وتتجه إلى الانخفاض، ويعتقد أوغلو أن الديناميات التي أدت إلى الثورات العربية لا تزال موجودة، وأن تركيا لذلك تلعب “لعبة طويلة” مع دعمها للقوى الإسلامية في فلسطين ومصر.
وخلص الكاتب إلى أن أوغلو تنحسر رؤيته لكل هذه القضايا في الأسود والأبيض، فإما دعم الديمقراطية، أولا، ويرى أيضا أن تركيا على الجانب الصحيح وتقف من أجل التغيير الديمقراطي في المنطقة، وأن الولايات المتحدة وأوروبا ليسوا كذلك.