أول فوج من الشباب الإماراتيين بات على موعد للالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية بحلول سبتمبر المقبل وفقا لوكالة أنباء الإمارات على لسان اللواء الركن طيار الشيخ «أحمد بن طحنون آل نهيان» رئيس هيئة الخدمة الوطنية الذي خصص ثلاثة مراكز تجنيد في كل من الشارقة والعين وأبوظبي .
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حظرت قبل أيام في تعميم لها وجهته لمؤسسات التعليم العالي الحكومية ومؤسسات التعليم الخاصة وإدارة البعثات والعلاقات الثقافية الخارجية كافة من تسجيل الطلاب الخريجين من الصف الثاني عشر للعام الحالي قبل التجنيد الإجباري بحسب صحيفة «الإمارات اليوم» .
وذكرت أن تعميما وجهته الوزارة إلى هذه المؤسسات قال أن عليها عدم استكمال إجراءات تسجيل الطلبة للعام الأكاديمي 2014-2015 إلا بعد أن يقدم هؤلاء الوثائق التي تثبت تسجيلهم في هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية في الدولة.
القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2014 بشأن الخدمة الوطنية والإحتياطية الذي أصدره رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان» يفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على مواطني الدولة الذكور ويجعلها اختيارية للإناث مع اشتراط موافقة ولي الأمر استنادا إلى ما ورد في المادة 43 من دستور دولة الامارات التي تنص على أن الدفاع عن الإتحاد فرض مقدس على كل مواطن وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون أثار جدلا ومخاوف وحالة من الترقب في الأوساط المجتمعية سرعان ما انتقلت من الهمهمات والأحاديث الجانبية والمجالس إلى الفضاء الأوسع عبر شبكات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة ومختصين ومحللين سياسين وعسكريين لكونها خطوة غير مسبوقة بين دول الخليج ليس فقط لكون أغلبها لا تفرض التجنيد الإلزامى على مواطنيها بل لتعثر تطبيقها في الكويت كتجربة وانتهاءها بالفشل وأيضا عنصر التوقيت الزمني للقانون.
وسائل الإعلام الإماراتية في سياق تأييدها ومبرراتها المهنية والقانونية للقانون قالت: «ليس فقط من واجبات أي دولة السعي لتمتلك كل أسباب القوة المعنوية والبشرية والمادية المؤهلة للدفاع عن النفس والأرض والوجود بل كذلك عليها تقع مسؤولية الإعداد العسكري والمادي لشعبها»، معتبرة الخطوة رغم أهميتها إلا إنها متأخرة كثيرا جدا.
الدكتور «عبد الخالق عبد الله» أستاذ العلوم السياسية بالإمارات وعبر حسابه على موقع «تويتر» أيد القانون معتبرا إياه : «فرصة للشباب لرد الجميل للوطن الجميل الذي حقق للمواطن أعز أحلامه بما في ذلك أن يعامل كمواطن ملكي».
خبراء عسكريون ينظرون إلى القانون مدخلا لفرض التجنيد العسكرى الإلزامى فى دول خليجية أخرى، حتى تستفيد من قدراتها المالية والتسليحية على الوجه الأكمل، بعد إضافة العنصر البشرى المؤهل والمدرب، بما يصب فى رفع مؤشرات القوة العسكرية لدول الخليج بعد الاعتراف الضمنى الغربى بإيران كقوة نووية محتملة فى المنطقة بموجب اتفاق مجموعة الدول الكبرى 5+1 فى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
محللون سياسيون لا يرون أي مبررات عسكرية لهذا القانون، فدولة الإمارات لا تعتزم استعادة جزرها المحتلة من جانب إيران باستخدام القوة كما يؤكد المسئولون الإماراتيون دائما ويراه المواطن من تطور وتنامي العلاقات التجارية والدبلوماسية بين البلدين، كما أن دولة الإمارات ليست على خلاف مع أي دولة خليجية أخرى يمكن أن تتطور العلاقة معها إلى علاقة صدام عسكري أو أمني، كما أن دولة الإمارات ليست من دول الطوق (وهو المصطلح الذي يطلق على الدول العربية المحيطة بإسرائيل)، بل إن دولة مثل الأردن ألغت الخدمة العسكرية الإجبارية عشية توقيع تسوية مع إسرائيل، فضلا عن أن جيوش دول الطوق لم تحارب إسرائيل منذ أربعين عاما.
مراقبون أيضا للواقع المجتمعي والسياسي للإمارات لم تقنعهم المبررات التي روجتها الحكومة لهذا القانون، فالخطر الوحيد بحسب وجهة نظرهم والذي يهدد استقرار واستمرار دولة الإمارات هو اختلال التركيبة السكانية بالإضافة إلى أن النظرة المعمقة لأوضاع دولة الإمارات المجتمعية من حيث عدد السكان الأصليين ومساحة الدولة وشكلها الطبيعي ومواردها الطبيعية الأخرى كالزراعة والمياه، فالقانون لا معنى له إذا كان يستهدف مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية للدولة إلا إذا أرادت الحكومة صناعة عدو وهمي يخرج من بين صلب وترائب المجتمع لتحشد ضده اهتمامات الشعب وتسوقهم نحوه كي لا يتطلعون لمزيد من الحريات في مختلف المجالات الانسانية ، وربما كانت رياح «الربيع العربي» هي من أوحت بالفكرة لصناع القرار، ليس بهدف إعداد جيش مسلح ومؤهل للقتال او الدفاع، وإنما بهدف دمج الشباب رجالا ونساء في برنامج تعبئة وطني شامل، يستهدف توجيه الأجيال القادمة نحو عقيدة وطنية وعسكرية وأمنية أحادية الجانب.
الناشط والمدون الإماراتي «أمير تارة» عبر حسابه على «تويتر» قال: «من المهم عدم استثناء أحد وفي المقدمة أبناء الشيوخ الكرام والأعيان والخاصة من الناس».
مغرد ثان كتب ساخرا من القانون قائلا: «الإمارات لا تحسن الهجوم ولا الانتصار والجزر الثلاث المحتلة من إيران منذ العصر الطباشيري خير دليل !».
وآخر يخشي تطبيقه علي البعض واستثناء البعض الآخر من أبناء أصحاب النفوذ بحسب تغريدته ، بينما كتب «عبد الله الفهد»: «قرار مهم وتساءل متى نرى ذلك في السعودية؟».
وتساءل ناشطون غيرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول حق الشعب الإماراتي وأولياء أمورهم أن يتساءلوا عن «العقيدة العسكرية والأمنية التي سيتلقاها أبناؤهم المجندون ماذا سيتعلمون وماذا سيقال لهم ومن هو عدوهم وما مفهوم العداوة ومن سيكون المدربين ؟!!»
وتضيف تساؤلات الناشطين: «ما هو تعريف الوطن والمواطن وما هو تعريف الشعب وما هو تعريف مكتسبات الشعب وحقوقه وحرياته وهل سيكون من مهمات المجندين حماية الشعب الإماراتي والأرض الإماراتية والدستور الإماراتي أم سيقتصر على حماية السلطة التنفيذية فقط هل سيقف هؤلاء المجندون على الحياد في أية مطالب للشعب الإماراتي ويعتبرون شعبهم عدوا لهم».
حول القانون
قانون التجنيد الإجباري يلزم بموجبه كل إماراتي أتم 18 عاما بأداء الخدمة العسكرية، وذلك بعد أن كان الأمر «اختياريا» ، ويسري القانون على الشباب الذي تتراوح أعمارهم بين 18 و 30عاما من ذوي اللياقة الطبية، وسيخدم الرجال من أصحاب المؤهل العالي تسعة أشهر بينما سيخدم من لم يحصل على مؤهل عال عامين ، وستكون المشاركة بالنسبة للنساء اختيارية علما أن المرأة في هذا البلد لا تعمل أكثر من تسعة أشهر وتحتاج لموافقة ولي أمرها، كما تشمل الخدمة الوطنية «فترات تدريبية وتمارين عسكرية ومحاضرات وطنية وأمنية».
ويعاقب قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تزيد على 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تخلف بدون عذر مشروع عن تقديم نفسه إلى الجهات المختصة بالتجنيد ، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 100 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ملزم بالخدمة الوطنية تخلص أو حاول التخلص منها بطريق الغش أو بإحداثه بنفسه إصابات أدت إلى عدم لياقته طبيا.
الخليج الجديد ـ سالم بوشهاب