شددت منظمة العفو الدولية على السلطات السعودية بوقف تنفيذ جميع عمليات الإعدام، وذلك على إثر تنفيذ حكم قبل أيام على أربعة أفراد من عائلة واحدة في سياق حملة تشهد تزايدا مقلقا في تطبيق عقوبة الإعدام في البلاد.
حيث نُفذ الحكم صباح الإثنين الماضي بحق أربعة رجال ينتمون لأسرتين تجمعهما صلة قرابة ضمن العائلة الممتدة «شقيقان من كل أسرة» في مدينة نجران الواقعة في جنوب شرق المملكة، وذلك عقب إدانتهم بتهمة «تلقي كمية كبيرة من الحشيش المخدر» بناء على الاعترافات التي انتُزعت منهم تحت التعذيب وفق ما زُعم.
وبهذا يرتفع عدد عمليات الإعدام التي نفذتها الدولة في السعودية إلى 17 إعداما في غضون الأسبوعين الماضيين، أي بمعدل أكثر من عملية إعدام واحدة يوميا.
من جانبه، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، «سعيد بومدوحة»: «تُعد الزيادة الأخيرة في عمليات الإعدام في السعودية بمثابة تراجع مقلق جدا. ويتعين على السلطات أن تتحرك فورا لوقف هذه الممارسة القاسية».
وأضاف: «إن عقوبة الإعدام تجانب الصواب على الدوام؛ كما إن تطبيقها في الجرائم غير المميتة وفي القضايا التي يُدان الشخص فيها بناء على اعترافات انتُزعت عن طريق التعذيب لهو أمر مخالف لأحكام القانون الدولي».
ونُفذ حكم الإعدام بالأقارب الأربعة على الرغم من الجهود التي بذلها أفراد عائلاتهم في اللحظة الأخيرة للفت انتباه العالم إلى محنة أبنائهم. واتصل أقارب الرجال الأربعة بمنظمة العفو الدولية يوم الخميس السابق للحكم، طلبا للمساعدة وسط مخاوف من قرب تنفيذ الحكم.
واستجاب الفريق المعني بالشؤون السعودية في المنظمة من خلال طلب الحصول على المزيد من المعلومات حول القضية، وفي غضون ساعات، اُحيط الفريق علما بأن وزارة الداخلية السعودية قد اتصلت هاتفيا بعائلة الرجال الأربعة محذرة إياهم من الاتصال بمنظمة العفو الدولية. وفي صباح الإثنين 18 أغسطس/آب، أُعلن رسميا عن تنفيذ حكم الإعدام بالرجال الأربعة.
وقال «بومدوحة»: «يضيف هذا الترهيب الجلي لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والناشطين ومراقبتهم بُعدا شريرا آخرا لتطبيق السعودية لعقوبة الإعدام فيها. ويُعتبر ذلك دليلا واضحا على أن السلطات مستعدة للذهاب إلى أبعد حدود للحيلولة دون وصول التقارير التي تبلغ عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السعودية إلى العالم الخارجي».
ويُذكر أن الرجال الأربعة الذين تم إعدامهم هم الشقيقان «هادي، وعوض بن صالح عبد الله آل مطلق»، وقريباهما الشقيقان أيضا «مفرح، وعلي بن جابر زيد اليامي». وقامت عناصر من المديرية العامة للتحقيقات «المعروفة باسم المباحث أيضا» بإلقاء القبض على الرجال الأربعة واحتجزوهم في مناسبات مختلفة عقب ارتكاب جريمتهم المزعومة في عام 2007.
وزُعم أنهم قد تعرضوا للتعذيب اثناء الاستجواب، بما في ذلك تعرضهم للضرب والحرمان من النوم بغية انتزاع اعترافات كاذبة منهم. وأُحيلوا للمحاكمة وصدر حكم بإعدامهم بناء على تلك الاعترافات.
يذكر أن السعودية قد شهدت ارتفاعا مفاجئا في عدد الإعدامات منذ نهاية شهر رمضان في 28 يوليو/تموز الماضي، حيث أعلنت السلطات عن تنفيذ 17 حكما بالإعدام خلال الفترة ما بين 4 و18 أغسطس/ آب الجاري، مقارنة بتنفيذ 17 حكما آخرا خلال الفترة ما بين شهري يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز 2014.
وتُعد السعودية من بين أكثر بلدان العالم تنفيذا لأحكام الإعدام، حيث نُفذ الحكم بأكثر من 2000 شخص ما بين عامي 1985 و2013.
وفي عام 2013، أعدمت السعودية 79 شخصا، كان ثلاثة منهم دون سن الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجرائم التي أُعدموا بناء عليها، وذلك في انتهاك صارخ لاتفاقية حقوق الطفل. بحسب منظمة العفو الدولية. وحتى الآن، فقد أُعدم 34 شخصا على الأقل خلال عام 2014.
وذكرت المنظمة أن إجراءات المحاكم في السعودية تبعد كل البعد عن المعايير الدولية المرعية في مجال المحاكمات العادلة. وغالبا ما تُجرى المحاكمات في قضايا الإعدام سرا. لافتة أنه نادرا ما يُتاح للمتهمين الحصول على تمثيل قانوني من خلال توكيل محام بشكل رسمي، ولا يتم إعلام المتهمين في العديد من القضايا بسير الإجراءات القانونية بحقهم والمراحل التي وصلت إليها.
مستنكرة أنه قد يُدان المتهمون دون وجود دليل بخلاف «الاعترافات» التي انتُزعت تحت التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو التحايل. وفي بعض القضايا، لا يتم إشعار عائلات المدانين بإعدامهم قبيل موعد التنفيذ. وتطبق السعودية عقوبة الإعدام في طائفة واسعة من الجرائم التي لا ينطبق عليها شرط «الجرائم الأشد خطورة» وفق أحكام ومعايير القانون الدولي المتعلقة بتطبيق عقوبة الإعدام.