نشر الموقع الإلكتروني لشبكة “سي إن إن” الأمريكية تقريرا كتبه مراسل الشبكة في القاهرة رضا سياح يروي فيه ذكرياته عن أحداث فض اعتصام رابعة العدوية العام الماضي، والذي كان يعاصره لحظة بلحظة نظرا لطبيعة عمله في تغطية الحدث إعلامية لحساب الشبكة الأمريكية.
واستهل سياح، الإيراني الأصل، تقريره بالقول “رأيت الكثير من الموت في مناطق الحروب .. أفغانستان .. باكستان .. ليبيا .. لكني لم أر هذا الكم الهائل من الدماء كالذي رأيته في القاهرة في 14 أغسطس 2013.”
وقال إن قوات الأمن استخدمت أسلحة آلية وناقلات جنود مدرعة وجرافات عسكرية للإجهاز على مقر الاعتصام بميدان رابعة العدوية وسحق من فيه، مشير إلى وصف تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية للواقعة بأنها “واحدة من أضخم عمليات القتل الجماعي للمتظاهرين في يوم واحد في العالم في التاريخ الحديث.”
وأضاف أن الاعتصام تنامى في أعقاب ما وصفه بـ”الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي”، وتحول إلى ما يشبه بلدة صغيرة، حيث ضم مطبخا يجهز آلاف الوجبات للمعتصمين، وحتى صالون للحلاقة.
وأشار إلى أن ميدان رابعة العدوية تحول أثناء الاعتصام إلى نسخة أنصار مرسي من ميدان التحرير، حيث لم يكتفوا فقط بالاعتصام بأنفسهم، وإنما أحضروا عائلاتهم وأطفالهم إلى الميدان.
صباح يوم الفض
وقال إنه في السابعة من صباح يوم فض الاعتصام (14 أغسطس 2013) تلقى رسالة قصيرة على هاتفه المحمول من أحد المعتصمين كان قد أجرى مقابلة معه قبل ذلك، وكان مكتوبا بها “إنهم قادمون”، مما دفعه إلى الذهاب إلى الميدان في خلال ساعة بصحبة فريقه الذي يتضمن معدة ومصورا.
وأوضح أنه لدى وصوله للميدان اكتشف تحوله إلى ساحة حرب، وبدا المشهد وكأنه “نهاية العالم”.
وقال إن صوت إطلاق النار كان متواصلا بلا توقف، والذي كان مصحوبا بصرخات ألم المعتصمين، وامتلأ الميدان بالحطام والنيران، واختلط دخان الحرائق الكثيف بدخان قنابل الغاز المسيل للدموع، وفرشت أرضية الميدان بالجثث .. الكثير من الجثث.
وأضاف أنه لم يتمكن من حصر المرات التي عبر فيها أمامه أشخاص يحملون قتلى أو مصابين، مشيرا إلى أن الرصاص أصاب الكثير منهم.
ولفت إلى أن السلطات المصرية بررت للعملية بالزعم أن المعتصمين بدأوا بإطلاق النيران من خلال أسلحة آلية وقتلو أحد رجال الأمن.
لكنه أوضح أنه خلال 12 ساعة قضاها في الميدان يوم الفض لم على الإطلاق أي أسلحة لدى أي من المعتصمين، وذلك باستثناء شخص واحد كان بحوزته ما يشبه مسدس مصنوع يدويا، بيد أن أغلب المعتصمين لم يكن لديهم في مواجهة قوات الأمن المسلحة بكثافة سوى عصي وأحجار وأحيانا زجاجات مولوتوف.
وأشار إلى أنه بحلول السادسة مساء، كانت قوات الأمن تسيطر على المنطقة بشكل كامل، وحطمت المئات من الخيام وكانت تجرف كل شيئ في الموقع، بما في ذلك بقايا متفحمة لجثث بعض المعتصمين.