من داخل قفص الأتهام، وبصوت منخفض وهو نائمًا على سريره تحدث الرئيس المخلوع حسني مبارك، عن تاريخه وإنجازاته على مدار 30 عام حكم فيهم مصر، وصف عهده الذي ثار عليه الشعب في 25 يناير 2011 بأنه عهد الديمقراطية والحرية غير المسبوقة للإعلام والصحافة، ليلقى حديثه وابلٍ من الاستهكان والسخرية، من قبل خبراء الإعلام والسياسة، مؤكدين أن مصر لم تشهد قمع وفساد وخراب مثلما شهدته في عهد المخلوع.
“شر البلية ما يضحك “، هكذا علق المفكر السياسي حسام عيسى، على مرافعة الرئيس المخلوع حسني مبارك عن نفسه اليوم أمام المحكمة، مضيفًا أن تعليقه الوحيد على ما قاله مبارك هو أن تاريخ مصر كله لم يشهد فساد ودمار مثلما شهد في عصر مبارك، والخراب الذي حدث في عهده ليس له نظير.
فيما علق أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على حديث مبارك عن الحرية والديمقراطية في عهده قائلًا :” الصمت أفضل من أي تعليق، هقول إيه غير أن أيام مبارك كانت أيام سودة، أسوأ مرحلة مرت بتاريخ مصر”.
الكاتب الصحفي محمود خليل، يرى أن مرافعة ” المخلوع ” عن نفسه أمام المحكمة، لم يختلفا عن خطابه في 1 فبراير 2011، والذي اعتمد فيه على ” دغدغة مشاعر المصريين بالحديث عن الموت وأنه سوف يقبر في تراب مصر، معتبرًا أن المرافعة تقع ضمن محاولات مبارك ورجاله في خداع الرأي العام المصري، بتصوير ثورة يناير على أنها مؤامرة.
وعن حرية الصحافة والإعلام في عهد مبارك، أوضح ” خليل ” أن تعددية الآراء تعود إلى عهد السادات منذ عام 1977، عندما بدأت تجربة الصحافة الحزبية، ومبارك ورث هذا الأمر ولكن حرية الصحافة في عهد مبارك كانت محدودة وليست غير مسبوقة كما يدعي المخلوع.
وأضاف ” خليل ” أن مبارك نسي قانون الحبس الاحتياطي للصحفيين الذي أصدره لتقييد حرية الصحافة ولولا نضال الصحفيين ضده في عام 1993 لتم تمرير القانون، مشيرًا إلى أنه كان يحدث تتدخل من قبل سلطة مبارك فيما تنشره الصحافة، حتى تراجعت الصحافة في عهده، فضلًا عن أنه لم يصدر قانون الحق في تداول المعلومات طوال عهد مبارك رغم المطالبات العديدة التي تنادي به.
وأكد أن المعارضة في عصر مبارك كانت مصطنعة بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، كجزء من المشهد الديمقراطي المصطنع.
وقال محمد رضا، رئيس قسم الإعلام بجامعة المنصورة، إن ما قاله مبارك اليوم هو جزء من الإدعاءات التي تصب في خانة الوهم، فمبارك يتوهم أنه أعطى حرية غير مسبوقة للإعلام والصحافة، ولكن هذا ليس حقيقي، لأنهما كانوا أداة لتبرير ما تقوم به السلطة، إلا القليل من وسائل الإعلام الخاصة التي كانت تنتقد على استحياء .
وأوضحت ليلى عبد المجيد، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الصحافة تمتعت بقدر من الحرية في عهد مبارك مقارنة بعهدي جمال عبد الناصر وأنور السادات، ولكنها ليست حرية مطلقة، فكانت هناك انتهاكات ضد الصحفيين، وحبس في قضايا النشر، وصعوبة الحصول على المعلومات، فهي لم تكن بقدر الطموح المنشود.
وقال ماجد شبيطة، أستاذ القانون الدستوري، إن ما يدعيه مبارك من قيامه بإصلاحات دستورية ليس صحيحًا، فدستور 71 مشوه ومن الدساتير التى يرثى لها عالميًا، ولم يكن هناك نظام برلمانى أو رئاسي خلال عهد الرئيس المخلوع.
فيما رأى سعيد الجمل، أن عهد الرئيس المخلوع لم يكن سىء بأكمله، واصفًا العشرة أعوام الأولى من عصر مبارك بـ ” العهد الطيب”، مضيفًا أن أخر عشرة أعوام فى حكم المخلوع شهدت استعدادات للتوريث، إضافة إلى استفادة رجال الأعمال الغير وطنيين من حكم مبارك.
وأكد الجمل أن عام 2007 كان بداية التضييق على الحريات، وأن الإصلاحات التي تمت منذ هذا العام كانت ضدالحريات، وغير مناسبة للانفتاح السياسي، معتبرًا أن حكم مبارك كان فردي ولم يكن هناك حرية للأحزاب.
وعلق محمد فؤاد، باسم حركة 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، على مرافعة مبارك قائلًا :” ما يحدث في محاكمة مبارك ورموزه محاولة لتصوير أنهم ملاك من السماء والثوار خونة وعملاء”.
واستنكر المتحدث باسم حركة 6 إبريل، ما وصفه بإدعاء مبارك أنه عهده شهد ديمقراطية وحرية، مشيرًا إلى القمع وكمية الاعتقالات والذل والمهانة التي كان يتعرض لها معارضي النظام.
مصر العربية