هل بالغت قطر بقدراتها؟
هذه الإمارة، التي فيها 300 ألف من المواطنين الذين يتمتعون بأعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، لديها سمعة باعتبارها سويسرا الخليج العربي: صغيرة، غنية، ومحافظة على علاقات جيدة مع جيرانها المشاكسين.
قطر لديها علاقات قوية مع إيران، التي تشترك معها في حقل الغاز البحري الضخم، كما تستضيف القيادة المركزية للجيش الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط. وبعد اتفاقات أوسلو في عام 1996، أصبحت قطر أول دولة خليجية تقيم علاقات تجارية مع إسرائيل.
ولكن، هذه البراعة تواجه تحديًا. أمير قطر السابق وابنه، الذي تولى العرش في يونيو/حزيران عام 2013، احتووا بعض الجماعات الإسلامية التي أغضبت المنطقة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في 2010. دعم دولة قطر هذا، أغضب الملكيات في الدول المجاورة لمجلس التعاون الخليجي، وخاصةً المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين. ولكن لا يبدو أن قطر تهتمّ.
مولت قطر وسلحت الإسلاميين الذين يقاتلون نظام بشار الأسد، وكذلك حماس في قطاع غزة. وسمحت أيضًا، وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، لجماعات إسلامية بأن تجمع المال داخل حدودها. قطر دعمت جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي في مصر، قبل أن ينقلب عليه الجيش كأوّل زعيم منتخب ديمقراطيًّا لهذه الأمة.
والشهر الماضي، عندما حاولت قطر التوسط في وقف إطلاق النار في غزة، قوبل جهدها بغضب من مصر وإسرائيل، اللتين اعتقدتا بأن القطريين كانوا يحاولون مساعدة حماس في الحصول على مكتسبات جراء العدوان.
ولماذا تقوم شبه الجزيرة هذه الأصغر من ولاية كونيتيكت بالحجم، والموطن لثالث أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم ولكأس العالم في كرة القدم لعام 2022، بالتسلق على الجانب الإسلامي؟
كريستيان كوتس اليرجسن، من جامعة رايس، يقول عن هذا: “تسعى قطر إلى موازنة العلاقات بين المصالح المتنافسة، لتجنب التورط جدًّا مع أي طرف من الأطراف”.
وأضاف بأن هذا البلد كان دائمًا ملاذًا للمنفيين السياسيين، بمن فيهم قادة حماس والإخوان المسلمون؛ وهو ما ساعد في إبقاء هذه الجماعات بعيدًا عن إثارة المتاعب للقطريين أنفسهم.
ولكن، هل وضعت قطر في فمها الآن أكثر مما تستطيع هضمه؟
إميل الحكيم، وهو زميل بارز في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية، يقول: “اليوم قطر هي في موقف دفاعي. قامت بمقامرة ضخمة وخسرت مع الإخوان المسلمين في مصر. إذا ما شكل الإسلام السياسي مستقبل المنطقة في يوم من الأيام، سوف يؤتي رهان قطر ثماره. ولكن، وعلى المدى القصير والمتوسط، الجهات الفاعلة والدول القوية لا ترغب برؤية الأمر يسير على هذا الطريق، وهي مستعدة لمواجهة قطر”.
بيسنيس وييك