يعد «نتنياهو» بأن يجد حلا لقضية الانفاق دون أن تصدر عنه كلمة واحدة عن حل آخر وتسوية تضمن حياة الشعبين عن جانبي الحدود.
في واحدة من جلسات الحكومة النادرة عقدها «نتنياهو» في ايام الحرب، في يوم الخميس الاخير، انتقد انتقادا قاتلا الوزراء الذين تجرأوا على انتقاد سير الحرب. ولتعزيز دعواه اقتبس من كلام كتبه أخوه المرحوم «يوني» وانتقل بعد ذلك، ولم يكن ذلك لاول مرة، إلى مدح زوجته سارة وابنيه اللذين جُندا من أجل المجموع حينما زاروا جرحى وجمعوا طعاما للمستشفيات. إنها عائلة يُقتدى بها.
وتحرك الوزراء في مقاعدهم، وثبت فريق منهم رؤوسهم في ارض الدهشة. وقال أحدهم بعد ذلك في اشمئزاز: «أصبحت هذه الحرب أمرا عائليا».
اختار «نتنياهو» في نهاية الاسبوع الانسحاب من قطاع غزة دون تسوية ودون حسم. واختار الاستمرار على استنزاف الاسرائيليين بحرب استنزاف ليس لها أجل مسمى. بصورة قاطعة. إن «البالغ السن المسؤول»، و«الملك بيبي» والذي كتب لنفسه شهادات تقدير في أيام المعركة في غزة بصفته «يعمل في تقدير للأمور وحكمة» – يتبين لمزيد الأسى والخوف، أنه شخص ضعيف يختار الأهداف للجيش الاسرائيلي بحسب تصورات يصعب حتى على من يريد الخير له أن يفهمها من «الهدوء سيُرد عليه بالهدوء» الى «اسقاط الأنفاق». فماذا عن القذائف الصاروخية؟.
تسعى «حماس» و«الجهاد الاسلامي» إلى الغاية التي نصبتاها لأنفسهما وهي رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر الحدودية للغزيين. وهما لا تنويان البتة وقف اطلاق القذائف الصاروخية الى أن يتم احراز هذه الغاية. أما «نتنياهو» في مقابلهما فبنى برجا ورقيا لأهداف تنتقض أمام أعيننا حتى دون مساعدة وسائل سلاح الهندسة الثقيلة.
يقوى في الجهاز السياسي انتقاد قادة الجيش – ونؤكد قادة الجيش لا مقاتليه الشجعان في كل الرتب حتى العقداء. وسيُطلب الى «نتنياهو» و«يعلون» و«غانتس» والجماعة التي أورثتنا في بداية العملية التصور القتالي التدريجي – استعمال القوة على مراحل بالتدريج – سيُطلب إليهم أن يعطونا تفسيرات في ضوء الحقيقة المؤسفة وهي أن طريقة التدريج لم تؤثر في حماس.
أُسمع في الخطاب العام في أيام الحرب غير قليل من التوجيهات الكاذبة واليكم ثلاثة منها:
«ماذا تريدون، أَحتلال غزة؟» والجواب لا. فلا يقترح أي أحد ذي عقل احتلال غزة. ويرى الاقتراح الذي يعتمد على منطق عسكري أن تُقهر حماس ولا سيما إرادتها القتالية.
«نزع سلاح القطاع وتعميره». هذا الشيء ممكن فقط اذا هُزمت حماس. فلا نزع للسلاح اذا بقيت حماس تحكم القطاع.
«في الوقت الذي تقف فيه قيادة حماس على مقادير الدمار الذي أحدثه الجيش الاسرائيلي في المعركة الحالية ستتجه مستجدية الى تهدئة طويلة». هُراء. ففي اللحظة التي يتلقى فيها المجتمع الدولي الصور سيوجه كل النقد والتحريض علينا، وسنقف أمام لجان تحقيق دولية، ولن يستطيع العسكريون بعد ذلك أن يهبطوا في أي مكان خشية أن يُعتقلوا.
وعد «نتنياهو» أمس بأن يجد حلا لقضية الأنفاق. وقد نسب الى نفسه وحده السياج الحدودي على طول حدود مصر وسياجا آخر مخططا له على طول نهر الاردن.
تخيلوا دولة مُسورة من فوق الارض وتحتها تحميها منظومات صواريخ. ولا توجد أية كلمة من «نتنياهو» عن حل آخر – أعني تسوية تضمن الحياة عن جانبي الحدود.
أورثنا «نتنياهو» الآن خيبة أمل يصاحبها غضب بسبب الثمن الذي دفعناه من حياة الانسان والجرحى. إن 28 يوما دون حسم ليست شيئا يستحق الفخر به. قد يستطيع «نتنياهو» أن يعزي نفسه بجملة تُنسب الى «هنري كيسنجر» الذي قال إن «الحكومات تفعل الشيء الصحيح فقط بعد أن تستنفد كل الامكانات الاخرى». وإننا ننتظر.
شمعون شيفر – يديعوت أحرونوت – 4 أغسطس/آب 2014