تشكلت في دولة الإمارات العربية المتحدة عدة مجالس ومؤسسات شرعية، تقدم نفسها على أنها ستقول كلمتها في قضايا الأمة، وأنها تمضي برؤية دينية وسطية، وعلى قادة الرأي وصناع القرار أن يتعاونوا معها لتحقيق نتائج طيبة تعود على أفراد الأمة الإسلامية بالخير، ولعل آخر مولود من هذه المجالس كان “مجلس حكماء المسلمين”، حيث شُكِّل مؤخراً في أبو ظبي، وهو مجلس حرصت أبو ظبي على وجود أسماء معروفة فيه كشيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب، والشيخ الموريتاني عبد الله بن بيه وغيرهما، وأعلن ميلاد المجلس في 21 رمضان 1435هـ الموافق 19 يوليو 2014م، وقد اتفق المشاركون على توصيف حالة المسلمين بقولهم: “إن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل حالة الاقتتال وحدة الاحتراب بين مكونات المجتمعات المسلمة، وعلى حاجة الأمة إلى تدخل عاجل وضروري لحقن دم الإنسان، مؤكدين أن غاياتهم هي نفسها غايات ومقاصد الشارع التي تتمثل في أن يُحفَظ على الناس دينهم وأنفسهم ودماؤهم، وأن ما يعطيه السلم لا يساويه ما تنتجه الحروب”.
لكن اللافت لنظر المراقبين أن هذا المجلس لم يصدر عنه أي تعليق حول أحوال الأمة، ومنها قضية غزة التي تنقل منها الفضائيات صور العدوان الإسرائيلي عليها، فلماذا لم يحذو “مجلس حكماء المسلمين” حذو مجالس وهيئات شرعية أخرى أصدرت نداءات وبينت الموقف الشرعي اللازم كما فعل “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، و”هيئة علماء فلسطين” في الخارج، وغيرها من الهيئات والمؤسسات والشخصيات الإسلامية، فما هو سر غاب “مجلس حكماء المسلمين” عن الحدث؟
كتب المفكر الإسلامي الدكتور محمد المختار الشنقيطي في تغريدة له عبر حسابه في موقع تويتر: أن أحد أعضاء هذا مجلس حكماء المسلمين صرح له مفتخراً، بأن الولايات المتحدة راضية عن سجله وسيرته، وأنها لم تجد في سيرته ما يسوؤها.
وبناء على ذلك فلا يتوقع الكثيرون من هذا المجلس أية مواقف جادة، باستثناء تلك التي تتفق مع السياسة العامة لدولة الإمارات، ويرى كثير من المراقبين أن الإمارات أرادت صنع هذا الكيان الجديد لمنافسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس إلا، لا سيما وأن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي يقف بقوة مع الثورات العربية، وله انتقادات شديدة للدول التي وقفت خلف الانقلاب العسكري في مصر، مما أثار عليه تلك الدول، وحملها على مهاجمته، والسعي لإيجاد تجمع جديد قد يسحب البساط من تحت قدميه.
وبما أن الإمارات متورطة بشكل أو بآخر بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فليس هنالك أذن لمجلس حكماء المسلمين بالتصريح أو إصدار أي بيان.
ومع أن المجلس لم يقل كلمته التي تعهد بقولها –أول تأسيسه- في كل حدث إسلامي، إلا أن مواقف أعضاء هذا المجلس معروفة وواضحة، ولا أدل على ذلك من مواقف أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي رئيس المجلس والذي يدعم نظام الانقلابي عبد الفتاح السيسي في مصر بقوة، رغم تورط السيسي بحصار غزة من خلال أغلاقه لمعبر رفح، وتنسيقه مع الصهاينة ضد المقاومة الفلسطينية.
جدير بالذكر أن إنشاء “مجلس حكماء المسلمين” قوبل بالاستياء والتهكم من قبل الكثيرين، حيث كتب الدكتور محمد المختار الشنقيطي في حسابه على موقع تويتر: “الزمان والمكان المحيطان بميلاد مجلس حكماء المسلمين يدلان على أن رسالته ستكون تقديم الإسلام، بفهم المخابرات العامة، وعلى هوى الثورة المضادة، ويضيف الشنقيطي: مجلس حكماء المسلمين: الكتاب والسنّة على منهج المستبدين، بفهم المخابرات العامة، في ركاب الثورة المضادة”.
وأما طلال الخضر فكتب: “ربنا اختصر لنا البحث عن علماء السلاطين وقال لنا هؤلاء هم مجلس حكماء المسلمين”.
عرب بريس