الهروب من الموت إلى الموت.. رحلة نازحي سوريا الذين هربوا من نيران بشار لتسيل دماؤهم في شوارع عرسال اللبنانية، تلك المدينة التي تحتضن عشرات الآلاف من النازحيين السوريين، والتي تشهد اشتباكات عنيفة سقط على إثرها عشرات القتلى والجرحى.
لبنان بلد منقسم بين مؤيد لبشار وجنوده، وآخر داعم للمعارضة، تلك الحرب التي أصبغت صيحتها الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة، لتنتقل الاشتباكات من سوريا إلى لبنان معقل حزب الله الشيعي الداعم لجرائم الأسد في سوريا.
وتشهد مدينة عرسال اللبنانية، منذ مطلع الأسبوع الجاري، اشتباكات عنيفة بين الجيش ومسلحين أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين معظمهم من النازجيين السوريين.
وتجددت الاشتباكات، صباح اليوم، في بلدة عرسال بين الجيش اللبناني والمسلحين، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية،
وكشفت الوكالة أن الجيش يعمل على استعادة مبنى المحكمة الشرعية الذي يتمركز فيه المسلحون، ومحيط مبنى الجمارك داخل عرسال.
وأكد الجيش اللبناني في بيان على موقعه الإلكتروني، الانتهاء من تعزيز مواقعه العسكرية الأمامية وتأمين ربطها ببعضها البعض ومدها بالإمدادات اللازمة.
وأوضح الجيش أنه يخوض منذ يومين معارك ضارية في منطقة عرسال ضد “مجموعات مسلحة من الإرهابيين والتكفيريين على أكثر من محور” على حد وصف البيان
وأضاف أن “وحدات الجيش تعمل حاليا على مطاردة المجموعات المسلحة التي لا تزال تمعن في استهداف العسكريين والمدنيين العزل في بلدة عرسال.
اشتباكات عنيفة
وكانت قد وقعت اشتباكات عنيفة مطللع الأسبوع الجاري، بين مسلحين والجيش اللبناني، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، ودارت الاشتباكات بعد اعتقال الجيش اللبناني القيادي بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، عماد جمعة.
ويتهم نازحون سوريون حزب الله بالتخطيط لهذه الاشتباكات والتحريض على قصف المدينة.
وعقب اعتقال جمعة قامت قوات تنظيم الدولة، باقتحام مفرزة الأمن في عرسال واستولوا على عدة حواجز للجيش في محيط المدينة، وأسفر الهجوم عن مقتل 16 جنديا لبنانيًا.
وقام الجيش اللبناني بقصف عرسال بشكل مباشر، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من أهالي البلدة ومن النازحين السوريين الموجودين فيها.
تورط حزب الله
ويقول الناشط السياسي أبو الهدى الحمصي المقيم بعرسال: إن هذه الاشتباكات كانت متوقعة مسبقا، وأن حزب الله اللبناني “يحرض عليها دائما من خلال خطابات قادته”.
وأكد الحمصي أن الخسائر الأخيرة لحزب الله في جرود القلمون السوري “دفعته للتحريض على أهالي مدينة عرسال والنازحين السوريين فيها”.
وتابع الحمصي: لم يتم أي تهديدات للجيش اللبناني من لواء عماد جمعة. واعتقاله كان مخططا له مسبقا من قبل بعض عناصر الجيش اللبناني المتصلة بحزب الله لإشعال الأوضاع في المنطقة.
وقال: بعد أن اشتعلت الأحداث في عرسال، قام حزب الله بضرب قرية عرسال بالصواريخ بشكل علني من قرية اللبوة الشيعية تزامنا مع قذائف الجيش اللبناني”.
وتحوي عرسال عشرات الآلاف من النازحين السوريين المنتشرين في مخيمات تقع في الوديان والجبال المحيطة.
وأودى القصف الأخير بحياة عشرة من هؤلاء النازحين على الأقل خلال اليوم الأول، وفق مسؤول طبي بأحد مشافي النازحين يدعى الدكتور منذر بركات.
وبثت عناصر قوى الأمن الداخلي في شريط مصور على الإنترنت، وهم يعلنون “انشقاقهم عن الجيش اللبناني وحزب الله الإيراني” بسبب تصرفاتهم في عرسال، حسبما جاء في الشريط.
وعقد اللقاء الوطني الإسلامي اجتماعا في طرابلس، اعتبر بعده أن ما يحصل في عرسال ليس إلا “حلقة في مسلسل المؤامرة الإيرانية-الأسدية لإخضاع أهل السنة”.
وحذر عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد كبارة من تحول الجيش من مؤسسة وطنية واجبها حماية كل اللبنانيين إلى ما يشبه جيش رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، رافضًا استخدام أهل السنة كدروع بشرية لحماية حزب إيران، حسب تعبيره.
إدانة دولية
ومن جانبه أدان مجلس الأمن الدولي في بيان له أمس، الهجمات التي تشنها “مجموعات مسلحة” على الجيش اللبناني في منطقة عرسال (شرق) الحدودية مع سوريا، معربًا عن دعمه “للجهود التي تبذلها القوات المسلحة اللبنانية لمكافحة الارهاب”.
ودعا بيان المجلس “كل الأطراف اللبنانية إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات زعزعة استقرار” البلاد، مشددين على ضرورة أن يعمد جميع اللبنانيين الى “احترام سياسة لبنان في النأي بالنفس” عن النزاع الدائر في سوريا و”الامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية”.
وقال مصدر طبي في بلدة عرسال اللبنانية إن عدد القتلى من المدنيين اللبنانيين والنازحين السوريين المقيمين في مخيمات البلدة وصل إلى 30 والجرحى إلى 205،
وفر آلاف من اللبنانيين من بلدة عرسال الحدودية في ظل استمرار المواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين، كما هرب من المنطقة أيضا لاجئون سوريون، وقال سكان محليون إنهم استغلوا تهدئة مؤقتة في أعمال القتال بين الجانبين ليحزموا أمتعتهم ويرحلوا عن المنطقة
ويحاول وفد هيئة علماء المسلمين الذي اتجه الى بلدة عرسال الحدودية،اللتفاوض مع مسلّحي تنظيم “الدولة الاسلامية”، من خلال مبادرة تنصّ على “وقف إطلاق النار، وانسحاب المسلحين من عرسال، وإطلاق سراح المخطوفين من الجيش اللبناني، والموقوفين من المسلحين، وتحديد موعد سريع لمحاكمة قائد، لواء فجر الإسلام، خالد جمعة.