نشر موقع (المصدر) الإسرائيلي هذا التقرير عن قطر في ظل اشتداد الحملة الإسرائيلية ضد هذا البلد الصغير بمساحته والمؤثر في قراراته بدعوى دعمه لحركة حماس. وهذا نص التقرير
يرتبط اسم الإمارة الصغيرة، التي حجمها أصغر؛ بمرتين، من حجم إسرائيل، بكل تقرير إعلامي في الفترة الأخيرة: بداية من محاولات التوسط بين حماس وإسرائيل؛ من أجل وضع حد للقتال، العلاقات السيئة بينها وبين المملكة العربية السعودية ومزاحمتها لمصر بمسألة قيادة الشرق الأوسط وتعزيزها لعلاقات معينة مع أكبر عدوتين وهما الولايات المتحدة وإيران.
هكذا هي قطر: تعمل مع السعودية – وتتحدث مع إيران، تعزز تحالفها مع الولايات المتحدة – ولكنها تتغزل بحركة طالبان، تضخ الأسلحة لأعداء نصر الله – ولكنها تجلس حول طاولة واحدة هي وحزب الله.
ليس هناك أبدًا في السيرة الذاتية لدولة قطر أو واقعها الجغرافي؛ والديموغرافي، ما كان يمكن أن يجعلنا نستعد لنشهد تبنيها لدور “الطفل الشرير في الحي”، الذي يعرف كل شيء: بوجود جيش قوامه 11500 جندي نظامي، قطر هي الآن أقوى قوة في الشرق الأوسط. أيضًا أصبح واضحًا للجميع أن الطريق للتوصل لوقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل يجب أن تمر في الدوحة؛ الدولة التي هي واحدة من الدول الداعمة، معنويًا وماديًا لحركة حماس.
كيف نجحت الإمارة الصغيرة بأن تتحول، خلال بضعة عقود، وتصبح واحدة من الدول الهامة بإدارة الأزمات في الشرق الأوسط. جمعنا لكم بعض الحقائق الملفتة التي سترسم لكم صورة القوة العامة.
10 حقائق ملفتة بخصوص إمارة قطر:
أصبحت إمارة قطر دولة مستقلة في عام 1971. كانت، حتى القرن التاسع عشر، تحت سيطرة السلطة العثمانية وبعد انهيار الدولة العثمانية وقعت تحت الوصاية البريطانية. انضمت قطر في نهاية الستينات، بعدما قررت بريطانيا الانسحاب من الخليج الفارسي، إلى الإمارات الأخرى في المنطقة؛ التي لاحقًا صارت تسمى بالإمارات العربية المتحدة، ولكنها لاحقًا انفصلت عنها وقررت أن تستقل تمامًا.
كان الاقتصاد القطري يعتمد أساسًا على صناعة اللؤلؤ ولكن اكتشاف النفط في عام 1940 أحدث فيها ثورة اقتصادية واجتماعية. بدأ القطريون بتطوير الصناعات البترولية في الخمسينات، وعند استقلالها كانت قطر قد أصبحت دولة متينة جدًا.
تعتبر قطر اليوم أغنى دولة في العالم وذلك بحساب قيمة الناتج المحلي الخام للنفس الواحدة (100، 102 دولار)؛ مخزون البترول والغاز هو الثالث في العالم. 14% من عائلاتها تعتبر ثرية؛ ونسبة البطالة فيها 1.3% فقط – أقل نسبة في العالم بين الدول التي توجد عنها معطيات متاحة.
ما هو العدد الحقيقي للقطريين؟ 287 ألف مواطن قطري: ربما عدد السكان في قطر هو 1.8 مليون نسمة إلا أن 85% منهم هم عمال أجانب، غالبيتهم ليسوا من العرب والمسلمين بل من الهنود النيباليون والفلبينيون.
يشكل العمال الأجانب، وفق المعطيات المتاحة، 94% من القوة العاملة في قطر. خرق هذا المعطى، بالمناسبة؛ وبشكل كبير التوازن الجندري في الإمارة: الاحتمال بأن تلتقي رجل في شوارع الدوحة هو أكبر بأربع مرات من احتمال أن تلتقي واحدة من النساء القطريات، اللواتي تشكل الآن نسبتهن 25% من المجتمع فقط.
بينما يعيش في الدول العربية والإسلامية ملايين الأشخاص في فقر شديد، تُصنف قطر في مكانة مرموقة من ناحية جودة العيش فيها. نسبة الأمية فيها هي 3.7% فقط، متوسط العمر هو غربي تمامًا (78.38 المرتبة 53 في العالم) وفي قائمة الدول التي فيها تنمية بشرية جاءت قطر في المرتبة الـ 31.
تحكم عائلة “آل ثاني” قطر منذ عام 1825. تعمل العائلة المالكة في هذه الأيام؛ وبشكل حثيث، على استضافة نشاطات عالمية بارزة رغبة منها بجذب المزيد من المستثمرين وتوسيع الاقتصاد ليطال مجالات أخرى. تحولت هذه الإمارة الخليجية الصغيرة – التي مساحتها نصف مساحة دولة إسرائيل – إلى مركز تجاري، بحثي، ثقافي ورياضي عالمي.
تم التحدث كثيرًا حول موضوع قرار اتحاد كرة القدم العالمي (الفيفا) بإعطاء قطر حق استضافة المونديال عام 2022 وجعلها أول دولة عربية تستضيف هذه البطولة. كانت كل الشروط الأولية ضدّ مصالح قطر: فبخلاف الدول التي استضافت البطولة سابقًا، قطر لا تملك ماضيًا مميزًا في كرة القدم، ولم ينجح منتخبها أبدًا بأن يتأهل إلى المونديال؛ ولا يتيح الصيف القطري الحار (41 درجة مئوية في تموز) لعب كرة القدم، وسيستلزم ذلك تغيير موعد إقامة المونديال؛ لأول مرة ليصبح في الشتاء، وهذا يستلزم تغيير كل الرزنامة الرياضية والمس بدوريات كرة القدم الرائدة في العالم، وكانت قد ترشحت العديد من الدول أمام قطر وعلى رأسها؛ وهي الدولة المفضلة لدي، بريطانيا. ورغم ذلك فإن الإمارة الصغيرة ستستضيف المونديال عام 2022.
قناة الجزيرة؛ التي أنشأها أمير قطر عام 1996، هي القناة العربية الأولى التي تمكنت بمساعدة البث الفضائي من تجاوز الأنظمة العربية المحلية ونقلت فكر الأمير القطري – بالاعتماد على تصميم غرافيكي متطور – إلى كل بيت عربي في الشرق الأوسط. الجزيرة هي أيضًا القناة التي أتاحت للقطريين دعم الثورات في تونس، مصر وفي ليبيا؛ حيث هناك تم إسقاط الحكام العلمانيين واشتد عود الحركات الإسلامية التي تتبع نهج الإخوان المسلمين، حلفاء قطر.
لعبة سياسية ذات وجهين: يمكن لقطر أن تكرهك، يمكن لقطر أن تحبك، ولكن، هناك شيء واحد لن تقوله لك أبدًا وهو: “لا”. أحيانًا تكون معك وأحيانًا تكون ضدك، كل ذلك يحدث خدمة للمصالح القطرية فقط. خذوا على سبيل المثال علاقة قطر بإسرائيل: حتى عملية “الرصاص المصبوب” في عام 2008 كانت قطر تقيم علاقات مكشوفة مع إسرائيل؛ تضمنت وجود مكاتب ارتباط، إلا أنه بالمقابل كانت تبث مواد تحريضية ضد إسرائيل عبر قناة الجزيرة. الآن أيضًا، بعد تدهور العلاقات مع إسرائيل؛ بسبب دعم قطر الكبير لحركة حماس، إلا أنها لا تمنع ظهور ناطقين باسم إسرائيل على شاشة قناة الجزيرة. وها هنا معلومة أخرى هامة: أشيع مؤخرًا أنه رغم وجود معلومات استخباراتية تفيد بأن قطر تدفع تكاليف القتال لحركة حماس وتموّل العديد من عمليات حماس الإرهابية؛ فإسرائيل لم تفكر بعد بوضع قطر على “القائمة السوداء” الخاصة بسلطة منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية.