بينما غزة تقصف ويستشهد من أهلها العشرات يوميا، تجاهل الأزهر وكبار شيوخ الدعوة السلفية في مصر هذه المأساة وانشغلوا بأمر آخر، حيث دخلوا في جدل حاد مع أحد الإعلاميين لإنه أنكر عذاب القبر!.
وانتفض شيخ الأزهر أحمد الطيب وهيئة كبار العلماء وشيوخ الدعوة السلفية المشهورين للرد على الإعلامي إبراهيم عيسى الذي أنكر في إحدى حلقات برنامجه “مدرسة المشاغبين” على قناة “أون تي في” وجود عذاب القبر، بينما لم يسمع لهؤلاء الشيوخ صوتا أثناء العدوان الإسرائيلي المتواصل للأسبوع الرابع على التوالي على الفلسطينيين في القطاع وخلف 1300 شهيد ونحو 8000 جريح حتى وقت كتابة هذا التقرير.
ولم يصدر عن المؤسسة الدينية في مصر أي رسالة تضامن مع الضحايا في غزة، اللهم إلا كلمات قليلة قالها شيخ الأزهر في كلمته منذ أسبوع في إحتفالية ليلة القدر التي طالب فيها بضرورة توحد العرب والفلسطينيين ليتمكنوا من مواجهة العدوان الإسرائيلي”.
السلفيون يطالبون الأزهر بالتحرك
وقال عيسى إن الأحاديث التي تؤكد وجود ثعبان أقرع يعذب الناس في القبر ما هي إلا خرافات الغرض منها تهديد وتخويف الناس، وهو الأمر الذي دفع الشيخ أبو إسحق الحويني، الداعية السلفي الشهير، لمطالبة شيخ الأزهر بالتحرك ضد عيسى وتصريحاته المسيئة للإسلام.
وتساءل الحويني – في أحد دروسه الدينية – “كيف يقال هذا في بلد مسلم وبه الأزهر الشريف، وماهو دور شيخ الأزهر في الرد على هذا الأمر؟
وهاجم الشيخ محمد حسان – أحد أكبر شيوخ السلفية في مصر – من ينكر عذاب القبر، موضحاً أن تقديم العقل على النقل مثل القرآن أو السنة غير جائز”.
وقال “حسان” – خلال إحدى حلقاته على قناة الرحمة – : إنه “لا يمكن أن يتعدى العقل قدره، وألا يجعل العقل من ذاته إلها أو حاكما على النص القرآني الصريح أو النص النبوي الصحيح، مضيفا أنه لو كان العقل المعيار الوحيد لمعرفة الحق، لصار الدين ألعوبة بين العقول، فربما يرى الدين صحيحاً يرفضه عقلك”.
والأزهر يشكل لجنة
واستجابة لمطالبات الحويني، كلف أحمد الطيب شيخ الأزهر، لجنة متخصصة بمشاهدة حلقات إبراهيم عيسى، والتى أنكر عذاب بالقبر أو عذاب تارك الصلاة وقال إن المدينة المنورة كان فيها تحرش جنسي بين الصحابة، وذلك لعرضها على مجمع البحوث الإسلامية – أعلى هيئة فقهية بالأزهر ـ لاتخاذ الإجراءات القانونية حال إدانته.
وقال الطيب إن شكاوى عديدة وردت للأزهر تتهم عيسى بازدراء الإسلام، وفى حالة إدانته سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضده من قبل مجمع البحوث الإسلامية الذى يترأسه شيخ الأزهر.
وقال الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر الشريف لا يمكن أن يسكت عن تلك التجاوزات، مشيرا إلى أن لجانا للرصد والمتابعة ستراقب كل ما ينشر أو يقال عن ثوابت الإسلام وكل ما يهم المسلمين.
وأصدرت دار الإفتاء بيانا قالت فيه إنها أفتت من قبل، بأنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكر عذاب القبر ونعيمه، حيث أن هذا الأمر من العقيدة وثابت فى الإسلام بالقرآن والسنة والإجماع، وهناك أدلة متعددة على ذلك.
تصريحات تخدم الإرهاب
من جانبه، رأى وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أن إنكار ما استقر فى وجدان الأمة من ثوابت كعذاب القبر، لا يخدم سوى قوى التطرف والإرهاب، خاصة فى ظل الظروف التى نمر بها، لافتا إلى أن الأمة فى غنى تام عن إثارة مثل هذه القضايا الشائكة المثيرة للجدل والمستفزة لمشاعر الخاصة والعامة.
وأضاف جمعة – في بيان له الخميس – أن الجماعات المتطرفة تستغل مثل هذه السقطات لترويج شائعات التفريط فى الثوابت، مؤكدا أنه إذا أردنا أن نقضى على التشدد من جذوره فلابد أن نقضى على التسيب من جذوره أيضا”.
وتابع وزير الأوقاف: “الدين ليس كلاما مباحا، ويجب الرجوع في قضايا العقيدة والفقه إلى علمائه المتخصصين فقط”.
أما علي جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، فقال إنه لا يمكن إنكار عذاب القبر حيث أنه تمت الإشارة إليه في عدد من آيات القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة.
وعرف عن علي جمعة تأييده الشديد للإنقلاب في مصر ولقائده عبد الفتاح السيسي، وأنه أحد أهم الشيوخ الذين حرضوا الجنود في الجيش والشرطة على قتل أنصار الرئيس محمد مرسي، واستمر في تكفير كل من عارض النظام الحاكم في مصر، بالتوازي مع مدحه لكبار المسئولين، حتى أنه بشر أحد لواءات الشرطة منذ عدة أيام بأنه أحد أهل الجنة.
وأكد جمعة – عبر صفحته على فيس بوك – أن أهل السنة والجماعة وجمهور المسلمين قالوا إن عذاب القبر ونعيمه يكون للروح والجسد معا، وإن كل ما جوزه العقل وورد به الشرع من أمور الغيب وجب الإيمان بثبوته بلا تأويل، كعذاب القبر ونعيمه، ورد الروح إلى الميت في قبره والميزان والصراط والحوض والشفاعة.