ألقت التطورات المتسارعة في ليبيا نحو حسم عسكري للثوار الإسلاميين بعد سيطرتهم على بنغازي بظلال ثقيلة على ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الداعم الأبرز للثورات المضادة في دول الربيع العربي.
وكان الثوار قد ألحقوا هزيمة كبيرة بقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر (التابع للإمارات والمكلف من أبو ظبي بإنجاح الثورة المضادة في ليبيا) الذي سقط عشرات من جنوده قتلى في معارك اليومين الماضيين.
وانعكست المخاوف من تصاعد حدة القتال تحركاتٍ متسارعةً للدول الغربية والآسيوية لترحيل أطقم سفاراتها ورعاياها من ليبيا، ما دفع المراقبين المحليين الى استبعاد أي تدخل خارجي لو بالوساطة بين طرفي الصراع.
وأصر مجلس شورى الثوار المؤلف من فصائل إسلامية عدة بينها أنصار الشريعة على الحسم في مواجهة قوات الصاعقة التابعة لحفتر وإجبارها على الانسحاب من آخر معسكراتها في بنغازي باتجاه مرتفعات خارج المدينة.
وفقد أثر قائد الصاعقة العقيد ونيس بوخمادة (التابع للإمارات أيضا) الذي أعلنت مصادر الثوار عن اعتقاله.
وعلم أن حفتر فرّ بروحه من بنغازي إلى مصر، بعد الخسارة الفادحة التي مني بها.
وكان الهلال الأحمر الليبي قد أعلن العثور على ما لا يقل عن 75 جثة معظمها لجنود في فصيل الجيش الوطني بقيادة حفتر، والذي انحسرت سيطرته على مدينة طبرق وبعض أطراف بنغازي.
وعثر الهلال الأحمر على أكثر من 50 جثة داخل المعسكر الذي أخلته الصاعقة.
وأفادت مصادر في مستشفيات المدينة بأنها تسلمت 25 جثة أخرى.
وعزت أوساط قريبة من حفتر عجز قواته عن الصمود الى “تقاعس” قبائل الشرق الليبي عن نجدته ورفضها الانخراط في المخطط الإماراتي ورفضها ايضا الحصول على تمويل من أبو ظبي.
وفي أبو ظبي، قالت مصادر مطلعة لموقع “الجمهور” إن محمد بن زايد يشعر بإحباط وغضب شديدين بعد إخفاق حفتر في الانقضاض على الثورة.
وأضافت أن بن زايد يعيش حالا من القلق والترقب، بعد فشل جميع المحاولات الانقلابية، التي كان معدا لها استنساخ التجربة المصرية.
وقالت إنه كان مقررا حدوث انقلاب مكتمل الأركان تموله أبو ظبي، والقول إنه جاء تصحيحا للمسار على غرار ما جرى في مصر.
وفي طرابلس، قالت مصادر إن التحقيقات غير المعلنة أظهرت أن الحكومة الإماراتية دفعت أموالا طائلة لمصلحة اللواء حفتر الذي مول بدوره ضباطا وعساكر وميليشيات عديدة، لكن قواته منيت بخسائر فادحة خلال اليومين الماضيين.
وكان ثوار ليبيون قد أكدوا في وقت سابق ما نشره موقع الجمهور عن مؤامرات فاشلة قادتها الإمارات للانقلاب على الثورة الليبية.
ونشرت غرفة ثوار ليبيا ما قالت إنها تفاصيل التدخل الإماراتي في الشأن الليبي، والعمل على إجهاض الثورة، ودعم قوى علمانية محسوبة على نظام العقيد المخلوع.
وقالت الغرفة في بيان إنها حصلت على معلومات موثقة بالأسماء والتفاصيل، تؤكد تشكيل جهاز الأمن الإماراتي خليتين سريتين، من أجل الانقلاب على الثورة الليبية، وضرب نتائجها، وإيقاف تصدير النفط الليبي.
وقالت إن “المعلومات المؤكدة التي حصلنا عليها، تشير إلى تشكيل الأمن الإماراتي خليتين على مستوى عال جداً، الأولى أمنية تعمل من أجل إسقاط النظام الليبي الجديد، ومواجهة المد الإسلامي، فيما الثانية خلية إعلامية متخصصة تعمل من خارج وداخل ليبيا، وتتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرا لها”.
وأضافت أن “الخلية الثانية تهدف بالدرجة الأولى إلى بث أخبار تخدم عمل الخلية الأولى، وتحرض على التيار الإسلامي، خشية وصوله سدة الحكم، خاصة مع ارتفاع رصيده الشعبي، وفق أغلب التقديرات”.
وقال البيان إن “الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، هو الذي يدير الخلية الأمنية سالفة الذكر، أما أعضاؤها فهم عديد المعادين للثورة الليبية، ومنهم محمد إسماعيل وهو ليبى مقرب من قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي”.
وأشار البيان إلى أن “الخلية الأمنية تتخذ من مدينة أبو ظبي مقراً لها، وتجتمع بصورة دورية في حماية الأمن الإماراتي، وبحضور طحنون بن زايد”.
وأكد ثوار ليبيا في البيان أن الخلية المذكورة “كثفت خلال الفترة الماضية من جهودها لافتعال مزيد من الفوضى في البلاد، ووضع حد زمني لإسقاط الثورة”.
وقالوا إن “الخلية الإعلامية تدار في شكل مباشر من قبل رجل الأعمال الليبي جمعة الأسطى، وهو رجل مقرب من سيف الإسلام القذافي، ويملك قناة تلفزيونية تدعى قناة العاصمة”.
وأضافوا أن “دولة الإمارات كلفت الأسطى نفسه بمهمة الإشراف على أخبار ليبيا، التي تبثها عديد القنوات الممولة من أبو ظبي، ومنها سكاي نيوز، والعربية، وقناة ليبيا الأحرار”.
وختم البيان بالقول إن “الإمارات سعت إلى إسقاط الثورة، ومن ثم تكليف رئيس المحكمة العليا في ليبيا الدهان زواري بقيادة مرحلة انتقالية، وهو أحد الأشخاص الذين زاروا أبو ظبي مؤخرا”.