ليس سرًّا أن هجمات 11/9 الإرهابية في الولايات المتحدة قد شكّلت نعمة لمختلف شركات الأسلحة، ومقاولي الدفاع، وشركات الأمن الخاصة التي تزايد الطلب على منتجاتها وخدماتها بعد هجمات سبتمبر.
كما ظهرت مجموعة من الفرص المهنية الجديدة أيضًا، كما هو الحال في مجال “الخبرة في مواجهة الإرهاب”. حيث تضخّمت صفوف المخبرين المحليين الذين قام مكتب التحقيقات الفدرالي بتوظيف أكثر من 15.000 منهم في العديد من المجتمعات المسلمة.
“المخبرون”، هو فيلم وثائقي جديد أنتجته وحدة التحقيقات بقناة الجزيرة، وهو يسلط الضوء على هذا العنصر الأخير من هذه الصناعة بعد 11/9، ويؤكد أن تشاؤمنا ليس أمرًا مبالغًا فيه عندما يتعلق الأمر بالسياسة الأمريكية.
حيث حكى كريغ مونتيلي، وهو واحد من المخبرين الذين تمّت مقابلتهم في الفيلم، كيف تمّ دفعه للادعاء باعتناق الإسلام من أجل الحفاظ على فرصة عمله مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وشملت مهمة مونتيلي تسجيل المحادثات في مسجد في مقاطعة أورانج، بكاليفورنيا، حيث كلّف من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بتوطيد العلاقة مع إمامه المشتبه به، ياسر فزاجا.
وعندما كشف أمر مونتيلي، قام بالانضمام إلى فزاجا في دعوى قضائية ضد الوكالة تتهمها بانتهاك الحريات الدستورية. ولكن انتهازية مونيلي لم تفلح، حيث قام المدعي العام الأمريكي، إريك هولدر، بحفظ الدعوى. وقال إن الحكومة لن تسمح لها بالمضي قدمًا؛ لأن ذلك من شأنه أن يكشف أسرار الدولة بشكل كبير يضر بالأمن القومي.
وعرض الفيلم عملية أخرى كان بطلها دارين غريفين، وهو تاجر المخدرات الذي تحول إلى مخبر ضد تجار المخدرات، ثم مخبر ضد الإرهابيين. والذي تظاهر بأنه طبيب بيطري بالجيش قام باعتناق الإسلام، وتركز عمل غريفين في مسجد في توليدو، أوهايو، حيث استهدف راعي المسجد، وهو شاب اسمه محمد العماوي، الذي غضب – مثل أي شخص محترم- بسبب الحرب الأمريكية في العراق، وأدى به غضبه إلى التلفظ بأنه يرغب في قتل الجنود الأمريكيين.
ووجهت التهمة للعماوي في عام 2006 بقتل أو تشويه الناس خارج الولايات المتحدة، وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، لكن كانت هناك بعض التفاصيل ذات الصلة بشأن التهمة المزعومة: وهي أن العماوي لم يكن لديه حتى ما يكفي من المال لدفع إيجار منزله الخاص -الذي كان يدفعه مكتب التحقيقات الفيدرالي عبر غريفين. كما رتب غريفين للعماوي تلقي التدريب على استخدام الأسلحة النارية وقنابل التفجير، وتكتيكات القتال، وطلب منه نقل أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الأردن ليتم تهريبها إلى “الإخوة” في العراق وسوريا.
كما قام غريفين بتزويد العماوي بهاتف يعمل بالأقمار الصناعية بتكلفة 40.000 دولار، في حين تلقى غريفين نفسه أكثر من 350.000 دولار مقابل مهمته.
عملية ثالثة أدارها مكتب التحقيقات الفيدرالي عبر عميل يُدعى إيلي أسعد، الذي تظاهرَ بأنه عضو في تنظيم القاعدة، وتمكن في عام 2006 من توريط سبعة رجال أفارقة من هايتي في ميامي في مؤامرة مزعومة لتفجير برج سيرز في شيكاغو.
روتشيلد أوغسطين، كان واحدًا من الرجال السبعة، قال لقناة الجزيرة، إنّ تعاونهم مع الأسعد كان فقط من أجل تحقيق مكاسب مالية. وأضاف أنّ ادعاء وزير العدل البرتو غونزاليس بأنهم كانوا يخططون لشن حرب برية كاملة “ضد الولايات المتحدة”، هو نوع من التخلف، وتساءل: أي نوع من الجيوش نحن؟ نحن مجرد سبعة رجال مفلسين”.
أدين أوغسطين لمدة سبع سنوات بتهمة التآمر وتقديم دعم مادي وموارد لتنظيم القاعدة؛ وقضى جزءًا كبيرًا من عقوبته في الحبس الانفرادي.
ولكن تداعيات مثل هذه الإهانات على العدالة في المجتمع الأمريكي لا تزال غير واضحة. ونتيجةً لذلك، عانتِ المجتمعاتُ المسلمة في جميع أنحاء البلاد بصورة غير متناسبة من هذا الدور الذي ترعاه الدولة ضدهم. كما تأثر التماسك الطائفي الداخلي أيضًا لدى تلك المجتمعات بسبب احتمالية وجود مخبر بينهم.
التنميط العنصري، وجهاز مراقبة الدولة واسع الانتشار، وانتشار الشك خلق في الوقت نفسه تآكل ظاهرة الرقابة الذاتية لدى المسلمين.
ويختتم الفيلم بالقول إنّه حينما تصبح الولايات المتحدة مكانًا يقوم فيه الجار بالإبلاغ عن جاره، أو أمة تتجسس على نفسها بناءً على أوامر من مكتب التحقيقات الاتحادي؛ فستصبح أمّة مقسّمة ومخترقة.
ميدل إيست آي